هل تعتقد أن خمس دقائق وقت قصير؟ ماذا لو أخذت 1/18,000 من ذلك الوقت وسألتك: ما الذي يمكن أن يحصل خلال نصف ثانية؟؟ نبحر عبر أسطر هذه المقالة بحثاً عن الإجابة.. يقال بأن الحضارة الإغريقية كانت أول من ابتكر فكرة تقسيم اليوم إلى أربع وعشرين ساعة، إلى أن جاء العالم المسلم أبو الريحان البيروني وقسم كل ساعة إلى ستين جزءاً أسماها دقيقة، ومن بعدها قسم تلك الدقيقة للمرة الثانية لستين جزءاً ولذلك سميت (ثانية) بسبب تقسيمها للمرة الثانية. ونجد أن اللغة اللاتينية تأثرت باللغة العربية والحضارة الإسلامية فجاءت تسمية الثواني (Seconds) مشتقة من معنى القسمة للمرة الثانية (Second) وباللغة اللاتينية (Secunda).. ونترك القرن الرابع الهجري لنسافر عبر القرون إلى عصرنا هذا المتسارع في كل شيء لننظر ماذا يحصل في كل نصف ثانية.. وأود الإشارة إلى أن المعلومات والإحصاءات الواردة أدناه خلاصة عدة مصادر لا يتسع ذكرها.. في كل نصف ثانية يموت شخص واحد حول العالم ويولد بالمقابل مولودان جديدان ليدخلا خضم الحياة الدنيا. ونتجه إلى داخل أجسامنا حيث يسجل العقل البشري ثماني معلومات جديدة تصل إليه من أعضاء الجسم خلال نصف ثانية، وترسل خلايا الدماغ مئة إشارة عصبية إلى مختلف أعضاء الجسم.. وفي نصف ثانية تنبض قلوب بني البشر على كوكبنا ما يزيد على واحد وخمسين مليارا وسبعمئة مليون مرة.. وفي كل نصف ثانية تقطع خمس أشجار في غابات الأمازون وينتج العالم خمسة آلاف وستمئة طن من غاز ثاني أكسيد الكربون، ويدخن البشر سبعة وثمانين ألف سيجارة. وننطلق لعالم الانترنت لنجد أن كل نصف ثانية يتم فيها إرسال حوالي مليون ومئتي ألف إيميل، وتجري أكثر من ثلاثة وثلاثين ألف عملية بحث على الانترنت على جوجل وعشرين ألفا وخمسمئة تحديث على موقع فيسبوك، وأكثر من ألفين وثلاثمئة تغريدة في تويتر. وفي كل نصف ثانية تبيع شركة أمازون منتجات بأكثر من ستمئة وتسعين دولارا أميركيا، ويتم إرسال حوالي ألفين وتسعمئة رسالة وملف جديد على الواتزاب وتحميل ألف وثمانمئة صورة جديدة في إنيستجرام، وتحميل ست وثلاثين دقيقة فيديو على اليوتيوب. ونغادر الغلاف الجوي لكوكب الأرض باتجاه الفضاء حيث خلال نصف ثانية تسافر محطة الفضاء الدولية لتقطع مسافة 2,392 ميلاً حول الأرض. وفي نفس المدة الزمنية تقطع الأرض مسافة 9,258 ميلاً حول الشمس. وفي كل نصف ثانية تقطع المجموعة الشمسية بما فيها كوكب الأرض مسافة 62,137 ميلا في دورانها حول مركز مجرتنا درب التبانة. ونترك النجوم والمجرات ونعود إلى كوكبنا حيث هنالك مثل ياباني يقول: "إذا تجمع الغبار صار جبالاً".. وإذا ما تأملنا قليلاً فأعمارنا بسنواتها الطوال ماهي إلا تجمع لتلك الثواني التي قد تكون كالغبار إلى الجبال.. ومن باب الحرص على نوعية تلك الثواني التي نستهلكها من أعمارنا فأنصح بكتاب للمؤلف ماثيو مايكلويتز (Matthew Michalewicz) بعنوان: الحياة في نصف ثانية (Life in Half a Second) ومن أهم النصائح التي تضمنها الكتاب: - حدد أهدافك وقسمها إلى خطوات صغيرة على شكل هرمي. - اكتب أهدافك بشكل يومي وتحدث للآخرين عنها. - اربط أهدافك بأحلامك وتطلعاتك القوية. - تغلب على المخاوف وكن واثقا. - حاول ولا تخش الفشل فأكبر فشل يمكن أن يحصل في حياتك هو ألا تحاول إطلاقا. وأخيرا فلنتذكر دائماً أن جميع البشر متساوون بأن لديهم 24 ساعة أو فلنقل 86,400 ثانية كل يوم.. الحكمة في كيف نستفيد ونستغل تلك الثواني بشكل ذكي وفعال..