حذرت أكاديمية مختصة في التغذية وعلم الغذاء من مخاطر صحية مؤكدة جراء استهلاك منتجات غذائية تحوي ضمن مكوناتها على «الدهون المهدرجة»، ونبهت في تحذيراتها إلى أن المخاطر الصحية المترتبة على استهلاك تلك المنتجات «القاتلة» قد تسبب أمراض صحية خطيرة. وتتطابق تلك التحذيرات مع دراسات علمية توصلت إليها أبحاث في منظمات عالمية اتخذت من خلاله منظمة ال»FDA» في عام 2015 قرارا يقضي بمنع وحظر استخدام الدهون المهدرجة كليا في صناعة المواد الغذائية أو في المطاعم وأعطت شركات الأغذية حتي عام 2018 لإيجاد البديل لتلك الزيوت السامة والقاتلة. ومع تزايد الأدلة العلمية المقنعة تماما بخطورة الدهون المهدرجة على الصحة قالت المختصة في الشؤون الغذائية الدكتورة غزيل الحربي إن الدهون المهدرجة غير آمنة وليس هناك من داعي لتناولها لعديم فائدتها للجسم، مستندة إلى توصيات عالمية وضعت تلك المنتجات في القائمة المحظور استهلاكها. وتتطابق تحذيرات الدكتورة الحربي مع توصيات أكاديمية العلوم الوطنية «NAS التي أوصت بأن تكون نسبة الدهون المهدرجة قدر المستطاع بالأغذية صفرا، فيما أشارت أشارت منظمة «FDA» و»WHO» بضرورة التأكد من خلو مكونات المنتج الغذائي تماما من الدهون المهدرجة وعدم احتواء المكونات مثل هذه العبارات: زيت نباتي مهدرج أو مهدرج جزئيا، سمن نباتي، زبدة نباتية، زيت نباتي من دهون متحولة أو مهدرجة. وأشارت الدكتورة الحربي إلى دراسة حديثة لجامعة هارفارد في 2015 قالت أن 2% من السعرات الحرارية المستمدة من الدهون المهدرجة كفيلة برفع نسبة مخاطر أمراض القلب والشرايين بمعدل 23%. ونبهت الحربي في تحذيراتها إلى ضرورة توخي الحذر ووقف استهلاك تلك المنتجات الخطرة، مستعرضة عدة دراسات حديثة وأبحاث علمية أكدت ارتباط تلك المنتجات بمشاكل صحية مرتبطة في أمراض مرتبطة بالنوبات القلبية، تأخر نمو الأطفال الرضع بسبب تناول الأمهات الأطعمة المحتوية على الدهون المهدرجة أثناء فترة الحمل ، وأشارت إلى أن تلك الدهون لها ارتباط وثيق في عمليات العقم عند النساء، أمراض السمنة والسكر، وكذلك علاقة تلك الدهون بالأمراض السرطانية «الثدي». وقالت الدكتورة الحربي أن للدهون دورا حيويا في صحة الإنسان فهي تعتبر مصدرا للطاقة حيث أن 1جم من الدهون يعطي 9 سعرات حرارية، وتعمل الدهون على حمل وامتصاص الفيتامينات الذائبة في الدهن مثل فيتامين د، أ، ك، ه، بالإضافة حماية تلك الفيتامينات من التأكسد والتلف. وأضافت «تعد الدهون مصدرا للأحماض الدهنية الأساسية كحمض اللينوليك الذي له دور أساسي في نمو الخلايا الدفاعية والتناسلية في الجسم، كما أنها تدخل في تركيب الخلايا العصبية وخلايا الدماغ حيث تبلغ نسبة الدهون في الدماغ إلى 60%، وتتشابة جميع الدهون باختلاف مصادرها في تركيبها الكيميائي ولكنها تختلف في طول وشكل السلسلة الكربونية وعدد ذرات الهيدروجين المرتبطة بذرات الكربون، ونتيجة لهذا الاختلاف تتفاوت وظيفة الدهون بالجسم، وتنقسم الدهون الي نوعيين أساسيين هما الدهون المشبعة والتي تتواجد في اللحوم منتجات الحليب وزيت جوز الهند وزيت النخيل، أما الدهون الغير مشبعة فتتواجد في زيوت الأسماك وزيت الزيتون وزيت دوار الشمس وزيت الكانولا والافوكادو كما تتواجد بالمكسرات والحبوب مثل الجوز واللوز والسمسم وبذور الكتان. وأشارت الحربي إلى أنه يعتبر استخدام الزيوت الطبيعية والدهون الحيوانية في صناعة الأغذية أمرا مكلفا لذلك قامت مصانع الأغذية بالبحث عن بديل زهيد الثمن يعطي طعما لذيذا وقواما طريا ويزيد من فترة صلاحية منتجاتها ويتميز بالثبات بدرجات الحرارة العالية أثناء الطهي على عكس الدهون الطبيعية التي تفتقر تلك المميزات المربحة صناعيا الأمر الذي دعا في بدايات 1900م إلى ظهور ما يسمى «بالدهون المهدرجة» بعد أن أوجد عالم الكيمياء الألماني ويلهلم نورمان طريقة لمعاملة الزيوت النباتية أو زيوت الأسماك بغاز الهيدروجين وتحويلها الي زيوت صلبة أو شبة صلبة بعملية تسمى الهدرجة. وقالت «تعتبر الهدرجة عملية كيميائية يتم فيها تغيرالزيوت النباتية الطبيعية السائلة إلى دهون صلبة غير طبيعية والتي يتم من خلالها خلط الزيوت النباتية مع عامل مساعد مثل النيكل والنحاس ومن ثم تسخينها لمدة 6 ساعات لدرجة حرارة عالية جدا (حوالي 200 درجة مئوية),وتحت ضغط عالي يتم ضخ غاز الهيدروجين خلال هذا المزيج فتتغير صفة هذه الزيوت كيميائيا من زيوت طبيعية سائلة غير مشبعة إلى زيوت مشبعة صناعيا تشبه في صلابتها «البلاستيك». ولفتت إلى أن الدهون المهدرجة توجد طبيعيا بكميات قليلة جدا في اللحوم ومنتجات الحليب حيث تقوم أنزيمات بكتيريا أمعاء الحيوانات بهدرجة الزيوت الغير مشبعة الموجودة بالنباتات التي تتغذى عليها وتحويلها إلي زيوت مهدرجة تحت ضغط ودرجة حرارة جسمها الطبيعية ولم يثبت علميا إلى الآن أي ضرر لهذه الدهون المهدرجة طبيعيا على صحة القلب والأوعية الدموية. وأكدت الحربي أن الدهون المهدرجة تحجب الهرمونات الخاصة بهضم الدهون مما يعيق قيام الكبد بوظائفها إضافة إلى أنها تستغرق وقتا طويلا في الجسم حتى يتم تمثيلها مقارنة بالدهون المشبعة، موضحة «1جم من الدهون المشبعة يستغرق 18 يوما حتى يقوم الجسم بتمثيلها بينما 1جم من الدهون المهدرجة يستغرق 51 يوما لتمثيلها أي أن بعد 102 يوما ما يقارب 25% منها غير قابلة للتمثيل ويتراكم في الأوعية الدموية». ونتيجة لتزايد حملات التوعية بالمخاطر الصحية للدهون المهدرجة قد ألزمت منظمة الغذاء والدواء الأمريكية « FDA» منذ عام 2006 مصانع الأغذية بتحديد نسبة الدهون المهدرجة بالبطاقة الغذائية كما أوصت منظمة القلب الأمريكية ومنظمة الصحة العالمية «WHO» أن لا يزيد معدل الاستهلاك اليومي من الدهون المشبعة عن 7% ومن الدهون المهدرجة عن 1%. حتى قامت تلك المنظمات بعام 2015 بمنع وحظر استخدام الدهون المهدرجة لشدة خطرها على الصحة العامة.