يصدر أصحاب الفضيلة القضاة الأحكام الشرعية دون النظر لانتماءات المتهم وتوجهاته الفكرية، فقضاء المملكة قضاء مؤسسي وموضوعي يبني أحكامه بكل حيادية لا يحكم إلا وفق ما تتوفر أمامه من أدلة وبراهين قاطعة يدين بها الجاني ويعيد حقوق المجني عليه، ولا سلطان على القضاة لغير سلطان الشريعة الإسلامية. ويستنبط القضاء عدالته وأحكامه من الشريعة الإسلامية التي كفلت مبدأ المساواة والعدل بين المتخاصمين والتي بنيت عليها الأنظمة في المملكة، ولعل من أهم الأنظمة المرعية المتبعة في المملكة هو النظامي الأساسي للحكم والذي نصت المادة السابعة منه على أنه "يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله، وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة"، وكذلك المادة الثامنة من نفس النظام ونصها "يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية"، وغيرها من أنظمة وردت في مبدأ المساواة بين أطراف النزاع، وعدم النظر في انتماءات المتهم وأفكاره. وحول ذلك سبق وأن أشار وزير العدل الشيخ د. وليد الصمعاني في لقاء سابق مع "الرياض" بأن قضاء المملكة قضاء مستقل ومحايد، يبني أحكامه على معايير موضوعية وتحكمه قواعد الشريعة الإسلامية، ولا يفرق بين المترافعين على أساس أعراقهم أو دياناتهم أو انتماءاتهم، فقضاؤنا بحمد الله لديه قواعد شرعية تحكم جانب الحقوق في المعاملات وما في حكمها، وجانب التجريم والعقوبة في النواحي الجنائية، ولديه وقائع محددة تطرح أمامه، وحينئذِ فإن القضاء ينظر في أمرين اثنين، (الأول): إثبات الوقائع المحددة وصحة نسبتها لمن نُسبت إليه، و(الثاني): تطبيق القاعدة الشرعية على الوقائع المحددة، وعلى ضوء ذلك تصدر أحكام القضاة ضمن هذا المنظور الموضوعي، الذي تراعى فيه قواعد الإثبات الشرعية ومعايير التكييف الصحيح للوقائع، دون النظر إلى انتماءات أطراف النزاع الفكرية أو العرقية أو الطائفية، وفق ما جاءت به الشريعة الإسلامية من مبدأ المساواة والعدل بين الخصوم.