سيارة رينو البيضاء التي فجرت الأحداث في المنطقة الشرقية من تركيا، وأدت إلى مقتل العديد من المواطنين وإحراق كثير من المساكن والمحلات، واعتقال العشرات خلال الأسبوعين الماضيين، أعادت إلى الواجهة السياسية قضية قوى العمق في الدولة التركية وباتت إزالتها التحدي الأكبر أمام حكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. ففي بلدة شمدينلي ذات الأغلبية الكردية ألقى ثلاثة مجهولين قنبلة على مكتبة للقرطاسية يملكها عضو سابق في حزب العمال الكردستاني، فأدت إلى احتراق العديد من المحلات التجارية، وقبل أن يهرب الفاعلون تمكن المواطنون الذين تجمعوا من القبض عليهم وتسليمهم إلى رجال الشرطة، لكن الشرطة ما لبثت أن أطلقت سراحهم عندما أبرزوا لهم هوياتهم التي تثبت قيامهم بمهمة رسمية وسرية. ولدى تفتيش السيارة البيضاء عثر في صندوقها الخلفي على عدد من الأسلحة الرشاشة من طراز كلاشينكوف وكمية من الذخائر بالإضافة إلى قمصان واقية من الرصاص تبين أنها تستخدم من قبل قوات الأمن. وقد تفجرت أحداث الشغب على اثر ذلك واستخدمت قوات الشرطة السيارات المصفحة وقنابل الغاز لتفريق المتظاهرين، وقتل في هذه الأحداث ثلاثة أشخاص وجرح العشرات. وصدر أول رد فعل من رئيس الوزراء الذي أكد تصميمه على الكشف عن ملابسات الحادث والمتورطين فيه مهما كانت مواقعهم، كما أرسل وزير العدل النائب العام في ولاية وان لإجراء تحقيق قضائي ، كما شكل حزب الحكومة وأحزاب المعارضة وفودا ولجان تحقيق خاصة توجهت إلى المنطقة للاطلاع على مزيد من المعلومات في هذا الشأن. وفي قرار مفاجئ توجه رئيس الوزراء التركي إلى المنطقة للإشراف بنفسه على سير التحقيقات هناك. وفي أنقرة عقدت ندوة في منزل رئيس الوزراء الأسبق بولنت أجاويد حضرها العديد من الشخصيات السياسية من بينهم سعد الدين طانطان وزير الداخلية في حكومة مسعود يلماظ الذي كان يطلق على قوى العمق في الدولة صفة فرسان المعبد. وتحدث أجاويد في الندوة حيث أشار إلى النشاط المريب لقوى العمق وضرورة أن تقوم الحكومة الحالية بالكشف عن كل ما يتعلق بهذه القوى التي باتت تشكل خطرا على الاستقرار والأمن الاجتماعي. واعترف أجاويد بأن حكومته لم تستطع فعل شيء لكشف حجم هذه القوى وتفكيكها. وسبق أن اعترف كل من الرئيسين السابقين كنعان ايفرين وسليمان دميريل بوجود قوى العمق، وبالنشاط الذي تقوم به هذه القوى خارج نطاق القانون.