فاصلة : «تكرم النحلة لأنها لا تعمل من أجل نفسها، ولكن من أجل الجميع» - حكمة يونانية - إذا أردت أن تعرف أي الشخصيات العامة والمشاهير توفاه الله في أي من بقاع الأرض، فإن الفضائيات العربية ستعلمك ذلك حيث ستلاحظ أن القنوات تبث أفلاماً عن الفقيد وتذكر أعماله أو تعرضها إن كان فناناً . وحسب توجهات الفقيد يكون تخصيص الوقت له في القنوات الفضائية سياسياً كان او فناناً او أديباً، ثم تبدأ الصحف في نشر أخبار عن تكريمه في المحافل الدولية وتتنافس الهيئات والمنظمات لتأبينه وتكريمه يحدث ذلك كثيراً ويتكرر مع وفاة المبدعين وآخر ما كان وفاة المخرج مصطفى العقاد حيث بدأت القنوات تعرض أعماله السينمائية الرائعة كالرسالة وعمر المختار بينما أمضت سنوات طوالاً بعيدة عن العرض رغم أنها أعمال رائعة. والسؤال هل يحتاج الفقيد الذي انتقل إلى رحمة الله شيئاً مثل هذا من دنيانا ؟ هل يصله التكريم والإشادة والحفلات التي تقام على شرفه؟ ربما في الفترة الأخيرة بدأت الحال أفضل في تكريم بعض المبدعين والرواد، لكن هذا التكريم ما زال يتركز على مبدعين ينظر إليهم على أنهم قريبون جدا من الموت لذلك يأتي تأبينهم أحياء من باب المجاملة أو درء تهمة الإهمال فيخسر التكريم أهم أهدافه إذ أن تكريم العمل أهم من تكريم الشخص. لكن التكريم لدينا يتوجه للشخص أولاً ولذلك نجد تكراراً للأسماء أحيانا كما نجد احتفاء بمن لا يستحق الاحتفاء أحيانا. ربما كان لاختفاء معايير التكريم في الهيئات والمنظمات دور في عشوائية التكريم وما تزال العقلية السائدة في المجتمعات لدينا هي تمجيد الفرد، وليس تمجيد عمله ولذلك نجد التكريم حصراً على أفراد معينين تنصب عليهم الأضواء . التي جاءت عبر المجاملات أو المصلحة المشتركة ثم إن التكريم بدأ ينتشر على أصعدة عدة فلم تهد الهيئات والمنظمات وحدها التي تكرم بل أصبحت الصحف والمجلات وبعض الأسماء الرائدة في عالم الفكر والأدب يختارون الأسماء ويكرمونها ولكن وسط كل هذا يظل بعض المبدعين في زاوية مظلمة حتى يغادروا الحياة فتسلط الأضواء عليهم ولكن بعد فوات الأوان .