يندر أن تجد بلداً متقدماً ينتشر في شوارعه عمالة جعلوا همهم حجز المواقف والأشجار ذات الظلال، لتقديمها هدية لمن قرر إيقاف سيارته من أجل الغسيل. شغلهم يملأون البيئة بمياه غسل سيارة لزبون. وكأن من واجب أهل البلد تأمين أو استقدام من يقوم بغسل مركبات الغير، لا يوجد شيء كهذا في بلدان أخرى، وإن وُجد فهو نادر (في حارات عواصم متأخرة جدا). وإذا اقتربت العطلة الصيفية ترك الوافدون مركباتهم في الأماكن العامة، ومواقف الأسواق المركزية، والشوارع الخلفية، وذهبوا إلى بلدانهم في عطلة. ووصلت الحال أن رأينا ركن السيارات في مواقف المتنزهات، ومضامير المشي (أكثر أماناً). وكانت أمانات المدن وبلدياتها الفرعية تحرص على متابعة السيارات المركونة، والتي دّل الغبار عليها، وتسحبها على حساب صاحبها، بالإضافة إلى الغرامة. والذي نلاحظه الآن أن ذاك الجهد توانى، وجاءت النتيجة كما ترون سيارات مركونة في شارع النهضة المخصص للتنزه والمشي. في البلدان الأخرى تحكم عملية الوقوف لافتات: @ NO PARKING تعني ممنوع الوقوف. @ NO WAITING ممنوع الانتظار، حتى لو كان فيها. @ LOADING & UNLOADING. للتحميل والتنزيل فقط. وأي مخالفة صريحة لتلك اللافتات تؤدي بالفاعل طواعية أو إكراهاً إلى الغرامات والشخوص أمام قاض. العمالة الوافدة صارت شريكة حتى في ظلال أشجار سقيناها بمياهنا الشحيحة. ودائما أسأل نفسي هل جرى استقدام تلك العمالة خصيصا لغسيل السيارات؟ ولو نظمنا المهنة التي استقدم من أجلها، هل سنجد "مُغسّل مركبات؟". لمراسلة الكاتب: [email protected]