تهدف سياسات أمن تقنية المعلومات إجمالا إلى حماية الوسائط والأوعية وأجهزة الحاسب الآلي من الاختراق لبعد ما بها من بيانات استراتيجية، تلعب دورا محوريا ومعززا لعمل مختلف أشكال مكونات المنظومة الوطنية الدفاعية والأمنية والاقتصادية؛ فتغيرات النظم المعلوماتية يوماً بعد يوم نتيجة التطور المضطرد للتقنية يستلزم المواكبة لتأمين الأوعية المعلوماتية، حيث أضحى معه الفضاء السيبيري كوعاء افتراضي مجالا خصبا ومستهدفا لتصفية حسابات الاختلافات والصراعات السياسية، الغلبة فيه ستكون لمن يملك المعلومات الاستخباراتية وأدوات التصدي الفنية المتطورة، والقدرات البشرية المؤهلة للتعامل بمهارة مع ما يستجد من تقنيات في عالم التكنولوجيا. فقد أظهر تقرير حديث عن مخاطر أمن الإنترنت حول العالم صادر عن (Symantec) عن وجود زيادة ملحوظة في عدد محاولات اختراق المعلومات وبنسبة بلغت 23% في العام الماضي؛ حيث أشارت الاحصاءات إلى أنه تم تجميع أجزاء جديدة لما يزيد على (317) مليونا من البرمجيات الخبيثة؛ كما أفصح التقرير عن نمو في عدد برمجيات الابتزاز الخبيئة بنسبة 113%؛ وكذلك زيادة فيما يعرف باختراقات الابتزاز المشفرة والتي عبرها يتم تشفير ملفات الضحية بعد اختراقها والتحكم بها كرهينة بنسبة 4000%؛ وان ما نسبته 70% من الاختراقات التي تتم عبر سائل التواصل الاجتماعي تعتمد على الضحية الأولى لنشر مخاطر الاختراق لآخرين. في المقابل وقياسا على ما شهده العام قبل الماضي من عدد قياسي لمحاولات الاختراق للبيانات حول العالم، تنبئ التحليلات والمؤشرات الصادرة عن المراكز العالمية المعنية بأمن تقنية المعلومات ومكافحة الإجرام (السيبري)، الى أن الأعوام القادمة ستكون حافلة بحروب إلكترونية شرسة، منها على سبيل المثال ما شهده برنامج إيران النووي من محاولات للاختراق، مقابل الرد الإيراني باستهداف البنية المعلوماتية لشركات مالية وطيران أمريكية، وكذلك ما حصل لشركة (أرامكو) من هجمات إلكترونية ممنهجة؛ ففي دراسة حديثة لمعهد (PONEMON) عن جرائم المعلومات، أفصح ما نسبته 51% من الرؤساء التنفيذيين لعينة الدراسة عن تعرض شركاتهم لمحاولة اختراق كل ساعة أو كل يوم؛ كما لاحظت الدراسة زيادة مبالغ الإنفاق العالمي على أمن المعلومات بمقدار 11% كل سنة خلال العشر السنوات الماضية؛ حيث أشارت دراسة سابقة قامت بها شركة (GBM) لعينة شملت (810) من المختصين بتقنية المعلومات في منطقة الخليج، إلى أن ما مجموعه 65% من المشاركين في عينة الدراسة يرون أن منطقة الخليج تعد هدفاً رئيسياً لشبكات الجريمة الإلكترونية حول العالم، وأظهرت الدراسة أن ما نسبته 35% من عينة الاستطلاع تعتبر أن الاعتداءات والاختراقات الإلكترونية التي تقع في أي منشأة يكون لها غالبا صلة بالموظفين العاملين في تلك المنشآت. وتأسيسا على ذلك.. نقول ان الهجمات الإلكترونية الشرسة التي استهدفت البنية التحتية لمنظومتنا المعلوماتية الوطنية في عدد من أجهزتنا الحكومية ومنشآتنا الخاصة في وقت سابق.. تثير عددا من التساؤلات حول جاهزيتنا لمواجهة ما يستجد من تقنيات في عالم التسلل والاختراق الإلكتروني في ظل ثورة الاتصالات الهائلة؟! وعن مدى وجود رؤية بعيدة المدى لإدارة أمننا المعلوماتي تعكس الجاهزية للتعامل مع المخاطر والأزمات الطارئه؟! بما في ذلك الضوابط الشخصية والفنية التي تحكم عمل من يقف خلف إدارة هذا الملف الحساس؟! وعن مدى وجود مبادرة رسمية لاحتواء النابغين في التعامل مع الحاسب الآلي ومكوناته الفنية للاستفادة مما لديهم من مقومات تميز في المجال التقني ودعمها وتوظيفها لمصلحة خدمة الوطن؟!