نشر خبر في إحدى الصحف المحلية عن نية مؤسسة النقد العربي السعودي مطالبة البنوك بتخفيض حجم ومدة القروض الشخصية الممنوحة من البنوك للعملاء بحد أقصى لا يزيد على 17 ضعف الراتب الشهري بدلاً من الحالي والذي يصل في بعض البنوك إلى 27 ضعف الراتب. ويضيف الخبر بأن المؤسسة تدرس مع البنوك تخفيض حجم الإقراض الشخصي وتقليص المدة الزمنية للقرض عبر تحديد سقف أعلى لقروض قطاع الأفراد من موظفي الجهات الحكومية والخاصة والذين يمنحون قروضاً بضمان الراتب الشهري. الخبر السابق نتمنى فعلاً أن يرى النور وأن تتحول نية مؤسسة النقد إلى قرار ملزم للبنوك، فحجم القروض الشخصية في المملكة والمقدم من البنوك وصل إلى أرقام خيالية، فبحسب إحصاءات مؤسسة النقد بلغت هذه القروض حتى نهاية الربع الثاني من العام 2005م (149,15) مليار ريال. وموضوع القروض الشخصية يحتاج إلى مراجعة وتمحيص مستمرين، فله تأثيرات اقتصادية واجتماعية لا يمكن أبداً الاستهانة بها. فكثير من الأفراد وتحت إلحاح الحاجة لا يجدون سوى البنوك كملجأ للاقتراض، والبنوك بطبيعة عملها تهدف إلى الربح ولا شئ غير الربح وهو أمر طبيعي ولكن من غير الطبيعي أن تتعسف في استعمال هذا الحق وتستغل حاجات العملاء بإغرائهم بمعدلات فائدة غير حقيقية وغير منطقية، حيث قد تصل الفائدة المعلنة إلى 8٪، فيتصور العميل أن هذه الفائدة هي لكامل المبلغ المقترض وهو في حقيقته فائدة مركبة، أي تحسب لكل سنة على حدة مهما كانت مدة القرض وليس لكامل المبلغ الأصلي، فينخدع العميل حينما يقال له أن معدل الفائدة للقرض هو 5٪ أو حتى 8٪ ، ولكن حينما يتم احتساب هذه الفائدة بطريقة الفائدة المركبة فقد تصل معدل الفائدة إلى مثلاً 40٪ من أصل المبلغ المقترض، وهو أمر يجب على البنوك التنويه به للعملاء حتى تكون الصورة واضحة لهم ولا ينجرفوا وراء قروض مغرية وهي في حقيقتها تثقل عاتقهم بمبالغ إضافية عالية تضاف إلى أصل مبلغ القرض، وكلما زادت عدد سنوات القرض زادت معدلات الفائدة (والحسابة بتحسب) - كما يقال- . كما ويتحمل الأفراد مسؤولية تفشي هذا الوضع غير الصحي على حياتهم، حيث أن كثيراً من هذه القروض هي قروض استهلاكية ولا توجه إلى أي قناة من قنوات الاستثمار، ويحرص بعضهم على الاقتراض حتى الحد الأقصى لحجم القرض المتاح حتى وإن كان يزيد على إحتياجه الفعلي. والكثير من الأفراد يقومون بالتوقيع على طلبات الاقتراض دون أي يكلف نفسه عناء قراءة شروط القرض. ومجمل الكلام يتعين على مؤسسة النقد العربي السعودي الجهة المنظمة والمشرفة على عمل البنوك في المملكة إعادة تنظيم ووضع القروض الشخصية الحالية من خلال إعادة النظر في حساب الفائدة وحساب تكاليف القرض، والحد الأقصى لمبلغ القرض ومدته، وكل ذلك من إجل إقامة علاقة توازنية منطقية بين حاجات المقترضين ومصالح البنوك المقرضة.