جاء في الأخبار أن الحكومة الكورية الشمالية حثت النساء الكوريات على ارتداء الملابس التقليدية بدلاً من الملابس الغربية التي وفدت إلى البلاد في السنوات الأخيرة من الخارج.. وقبل ذلك أطلقت الحكومة الكورية حملة لمكافحة ظاهرة إطالة الشعر لدى الشباب لأنها تعتبر أن هذه الموضات الغربية تفسد القيم الأصيلة لدى الشعب الكوري.. ومعروف أن كوريا الشمالية هي من الدول القليلة التي مازالت متمسكة بنظامها الشمولي القديم القائم منذ أيام المعسكر الشيوعي السابق.. وبعيداً عن الشيوعية، أجد أن دعوة الحكومة الكورية لنساء كوريا إلى عدم الانجراف مع الذوق الغربي في الملبس تستحق الاحترام والتقدير.. فالمرأة الغربية التي تتباهى بالمساواة مع الرجال لم تطالب بعد بالمساواة معهم في الملبس حيث يُلاحظ أن الرجل الغربي يلبس ملابس ساترة لبدنه حتى في عز الصيف في حين ان المرأة تكشف ساقيها وكتفيها وصدرها صيفاً وشتاء.. وآخر ما جاءت به الموضة هو كشف جزء من البطن والأرداف!! ومن الصور التي ستظل عالقة في الأذهان صورة وزيرة خارجية أمريكا السابقة مادلين أولبرايت التي كانت تكشف ساقيها في جميع المناسبات بينما الجيش العرمرم من الرجال الذين يعملون معها ويسافرون على متن الطائرة التي تقلها من بلد إلى آخر يرتدون ملابس ثقيلة في جميع مواسم العام الأربعة.. ولا أعتقد ان السيدة الوزيرة سألت نفسها في يوم من الأيام لماذا لا تكون المساواة مع الرجال في الملبس أيضاً طالما أن شعار المساواة هو الشعار المرفوع لديهم!؟ ومن الطريف أن دعوة الحكومة الكورية أثارت تعليقات متباينة لدى الأمريكيين.. ففي حين اعتبر بعضهم ان هذه الدعوة هي تدخل حكومي في حياة الناس في بلد تعودت حكومته على التدخل في الشؤون الخاصة لمواطنيها اعتبر البعض الآخر ان هذه الدعوة حكيمة ومنطقية لأن جنون الأزياء لدى النساء تجاوز الحدود المعقولة. لكنني أعتقد ان زحف القيم الغربية إلى المجتمعات الشرقية، وخصوصاً ما يتصل بالقيم الاجتماعية والأخلاقية، يعطي المبرر الكافي لنا جميعاً كي نقلق لأن الحضارة التي نريدها ليست تلك الملابس التي ترتديها نساء الغرب ولا التحلل الأخلاقي الذي يستغل المرأة أبشع استغلال ويحولها إلى سلعة رخيصة في الأسواق، وإنما نريد الحضارة التي تعلي من قدر الإنسان، سواء كان ذكراً أو أنثى.. وكذلك الحضارة المنتجة التي تصنع وتبتكر وتقدم للإنسان ما ييسر حياته ومعاشه. من المحزن أن الصورة النمطية عن الإسلام ليست على ما يرام في عالم اليوم وهذا بسبب الأخطاء الفادحة التي يرتكبها المسلمون ويستغلها خصومهم.. لكن الإسلام (وليس عادات وتقاليد المسلمين) هو خير منقذ للبشرية من الانحطاط الأخلاقي الذي بدأ يستشري في جميع أنحاء العالم بفعل زحف القيم الغربية.. وما تعرية المرأة إلا جزء من هذا الانحطاط الكارثي الذي نراه يطل علينا من الفضائيات ومن كل مكان.. ولو أن واقع المسلمين يرتقي إلى مثالية الإسلام لأصبحنا القدوة لكل الناس في العالم.