قرار مجلس الوزراء، الذي صدر الأسبوع الماضي، بالموافقة على تنظيم هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة، ليتولى هذا الجهاز الجديد العمل على تحقيق الأهداف التي تضمنها التنظيم، من خلال التنسيق بين جميع الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة بسوق العمل، وتعزيز المشاركة بينها، والعمل على تنمية القطاعات المولدة للوظائف، واستثمار الميزة التنافسية في مناطق المملكة لهذا الغرض، يجعل الأنظار في الواقع تتجه مباشرة للأنشطة الرئيسة القائم عليها الاقتصاد الوطني، والتي يمكن أن تسهم بتقديم تلك الوظائف وتتمثل كما هو معروف في أنشطة الزراعة، والصناعة، والخدمات، وبالذات النشاط الأخير، الذي تعبر كل من حصته في الناتج الإجمالي المحلي، ونصيبه من القوى العاملة عن المرحلة من التطور التي بلغها هذا الاقتصاد. نشاط الخدمات، الذي يشمل بين أنشطته الفرعية كما نعلم النشاط العقاري، لايزال إسهامه في الناتج الإجمالي المحلي لدينا دون المعدل، حتى حين المقارنة في هذا الشأن مع الدول النامية، حيث يسهم في الاقتصاد الوطني بنحو 40% فقط، بينما يصل في الدول المتقدمة إلى نحو 85%، كما أن نصيبه من القوى العاملة يأتي في المرتبة الثانية بعد النشاط الصناعي وتبلغ نسبته من ذلك حوالي 46%. أهمية النشاط العقاري في اقتصاديات الدول وتوليد الوظائف له شواهد عديدة، يكفي منها أنه أحد محركات هذه الاقتصاديات بما يمثله من نسبة لها اعتبارها من الناتج المحلي الإجمالي تتراوح ما بين 10 - 20%، حيث يعد القطب الذي يدور في فلكه أكثر من تسعين نشاطاً فرعياً، منها ما هو مرتبط بمرحلة ما قبل الإنشاءات مثل مكاتب الدراسات والاستشارات العقارية والمكاتب الهندسية، ومنها ما هو مرتبط بمرحلة الإنشاء مثل إنتاج مواد البناء المختلفة، كما أنه الوعاء الاستثماري لنحو 60% من ثروة المجتمع، حيث تتوزع البقية الأخرى على الأسهم والودائع والتجارة وغيرها من الأدوات الاستثمارية المختلفة واستقطاعه لنسبة لا تقل عن 60% من المواد الخام التي تستهلك بوجه عام، ويتركز معظمها في مرحلة أعمال الإنشاء والبناء، وما يتبعها من مراحل تالية، أما إسهامه في توفير الوظائف فلا يخفى أنه يتيح ما لا يقل عن 10% من الفرص في سوق العمل، لذا حين نقف على النسبة التي تعكس مقدار التوطين للوظائف ضمن نشاط الخدمات لدينا في المملكة بوجه عام، ويتبين لنا أنها بالكاد تصل إلى 21% ندرك على الفور حجم الرصيد القائم أو الكامن من الوظائف في القطاع العقاري، التي يتوقع ألا تقل عن ثمان مئة ألف فرصة عمل، يمكن توجيه أو توليد معظمها -ولا نقول جلها- لتتاح للباحثين في سوق العمل من المواطنين، وبالذات في مجال له مستقبل واعد ضمن نشاط القطاع العقاري وهو الإسكان التي تتعدد وتتشعب الخدمات المرتبطة به.