إننا سنتحدث عن أرباح بمليارات الريالات لمعظم - إن لم يكن جميع - الشركات التي يتم تداول أسهمها بالسوق السعودي، والتي لا يعلم عنها الكثير من المتداولين، ولكن هذه الأرباح تبقى مخيفة وغير معلومة إلا لفئة معينة من الملاك ولمن يستطيع قراءة القوائم المالية وتحليل محتواها!، ولكن من يعلم ذلك لا يصرح به باعتبار أن هذا الأمر متعارف عليه كمبدأ من المبادئ المحاسبية ومطبق على جميع الشركات، ولكن اعتقد أنه أصبح من المهم أن يطرح ذلك ويوضح للجميع لعدم استئثار فئة دون غيرها بتلك المعلومة في يوماً ما، خاصة أن الفترة القادمة ربما تشهد تحصيل عدد من الشركات لتلك الأرباح وستتأثر قيمة السهم بها بينما لا نعلم في الوقت الحاضر أي معلومة عن تلك الأرباح. إن الأمر بلغة مبسطة هو أن المعايير المحاسبية تلزم الشركة بتسجيل قيمة ما تقتنيه الشركة من أراض ومستودعات ومصانع ومبان ومزارع واستثمارات في شركات أخرى بالتكلفة التاريخية لها - أي القيم التي دفعت للشراء - وتظهر تلك القيم بالقوائم المالية للشركة، وفي حال أن القيمة السوقية تقل عن القيمة التاريخية لها يتم تخصيص مبلغ بالفرق ويحسم من الأرباح، ولكن إذا زادت القيمة السوقية عن القيمة التاريخية - أي الربح - فلا يؤخذ ذلك في الاعتبار طالما انها لم تقتنيها الشركة للمتاجرة بها وبالتالي تستمر الشركة ولسنوات طويلة في تجاهل تلك الأرباح غير المتحققة بالبيع عند إعداد قوائمها المالية. فإذا علمنا أن معظم الشركات لدينا سبق أن قامت قبل أكثر من ثلاثين عاماً بشراء عقارات ومزارع ومصانع وحصلت على منح أراض من الدولة منذ سنوات طويلة ولديها استثمارات في شركات أخرى، وجميعها قيدت بحسابات الشركة بالقيمة المدفوعة أو المقدرة لها في حينه، فقد استمرت تلك القيم لتلك الأملاك تظهر بقائمة المركز المالي حتى الآن بالرغم من تضاعف قيمة تلك العقارات والمصانع والاستثمارات ولكن يبقى الفرق بين سعر الشراء والسعر السوقي لها ربحاً غير معلن لا يتحقق إلا بعد اتخاذ الشركة لقرار البيع واستلام الشركة للقيمة واظهار الأثر المالي لهذا الربح في القوائم المالية للفترة التي يتم فيها البيع. ويتضح لنا أن مجلس إدارة الشركة الذي يتكون عادة من كبار ملاك أسهم الشركة أو من يمثلهم هو من يحدد وقت الاستفادة من تلك الأرباح بقرار يتخذه ببيع أراضي أو أسهم مستثمرة في شركة أخرى وفقاً لما تمليه مصلحة الشركة ولكن يبقى قرار البيع ومقدار الربح الذي ستحققه الشركة معلوم لفئة معينة داخل إدارة الشركة يمكن له من خلاله تحقيق مكاسب كبيرة من ذلك قبل الإعلان عن قرار البيع والربح المتوقع. ولقد شهد العام الحالي 2005م قيام عدد من الشركات ببيع بعض العقارات المملوكة لها والمقيدة بسجلاتها بالقيم التاريخية لها وتم احتساب الأرباح خلال هذا العام مما أثر إيجاباً على قيمة السهم. إن الأمر الذي يجب عدم اغفاله هو أن الشركات حالياً لا تقوم على قيمة موحدة لتقييم ممتلكاتها، فمعظم الشركات مقومة ممتلكاتها على الأسعار التاريخية القديمة بينما هناك شركات أعيد تقييم ممتلكاتها واستثماراتها قبل طرحها للاكتتاب العام لغرض تحديد علاوة الإصدار مثل سدافكو والتعاونية والمراعي بالإضافة للشركات الجديدة التي ستطرح للاكتتاب العام، وسيتم تداول أسهم تلك الشركات في سوق مالي واحد، وبالتالي لن تكون هناك مقارنة عادلة بين أسعار تلك الشركات لاختلاف أساس التقييم. ولتوضيح الأمر بشكل أكبر فإن شركة المراعي مثلاً تم إعادة تقييم ممتلكاتها حسب القيمة السوقية الحالية وتم تحديد علاوة الإصدار، وربما أضيف أيضاً مكرر ربحية لعدد معين، وطرحت بسعر (512) ريالاً للسهم بعد موافقة هيئة السوق فأصبحت القيمة في نظر المحللين سعراً عادلاً، ولكن في الجانب الآخر هناك من يستغرب ارتفاع أسعار أسهم شركات زراعية أخرى مشابهة لها في النشاط إلى مستويات ال (200) ريال لمعظمها وتبعاً لأرباحها التي لا تقارن بالمراعي، ولكونها تمتلك المزارع والمصانع والأراضي فإنه لو تم إعادة تقييمها فلربما تحقق تلك الشركات أرباحاً من ذلك - ولو انها استثنائية وليست تشغيلية - وتستفيد من ذلك في التوسع وزيادة الاستثمارات لها وربما منح أسهم لزيادة رأس مال الشركة من تلك الأرباح، وبالتالي سترتفع قيمة السهم إلى ضعف ما يستحق منطقياً ولكن واقع ومحفزات السوق تفرض ذلك على الأقل في الوقت الحالي. ول السنوات القادمة، بسبب التضخم المتوقع للأسعار، وحتى يكون الجميع على علم بالأرباح المتوقعة التي يمكن أن تتحقق إذا ما قررت إدارة الشركة بيع أي منها، بدلاًمن استخدام عنصر المفاجأة بتحقيق أرباح عالية وتسريب ذلك لرفع قيمة السهم المملوك معظمه ممن لديه تلك المعلومة. * متخصص مالي