بينما الهند تصف بنغلاديش وباكستان ونيبال بأنها أوكاراً للإرهاب وتركز الأنظار على القبض على شخص زعمت شرطة نيودلهي أنه العقل المخطط للتفجيرات في الشهر الماضي وكما تمكنت من جلب أحد المجرمين المطلوبين من البرتغال، هي نفسها ذاقت فى وقت متأخر من ليلة الأحد الماضي من مظاهرة جريئة لناسور الإرهاب الذي تتستر عليه السلطات ولا تزال تتعامل معه كقضية سياسية. وجاءت هذه المظاهرة فى صورة احتلال الثوار الماويين الهنود - المعروفين بالنكسليين - على مدينة (جَهان آباد) بولاية بيهار فى شرق الهند. وقد تمكن النكسليون من الاستيلاء على سجن المدينة وتحرير 341 من السجناء الذين يقال أنهم من عناصرهم المسجونة ومنهم أيضا الزعيم الماوي النيبالي الكبير (أجاي كانو). وقد هاجم النكسليون مقر الشرطة بالمدينة أولا فدمروه كما دمروا جسرا يربط المدينة بمقر الشرطة وذلك لمنع وصول الإمدادات. وبعد تمكنهم من تحرير رفقائهم انسحبوا الى ملاجئهم في الغابات قبل الشروق. وقد قتل خمسة أشخاص خلال عملية المداهمة. ويقول شهود العيان ان ألفا على الأقل من النكسليين المسلحين أحاطوا بالمدينة وطلبوا من السكان أن يبقوا داخل بيوتهم. وقد أرسلت الحكومة المركزية 25 كتيبة من القوات المسلحة الى المدينة بطلب ولاية بيهار التى تجرى بها الانتحابات حاليا وأجهزة الأمن مشغولة بمراقبة مقار الانتخابات والمناطق الحساسة بمساعدة 500 كتيبة من الجيش. وقد أعلنت حالة الاستعداد القصوى في أنحاء الولاية عقب هذا الحادث. وقبل يومين من هذا الحادث كان 150 من النكسليين قد هاجموا مستودع ذخيرة بمعسكر للحرس المدني فى مديرية (غيري ديه) بولاية جهارخاند المتأخمة لولاية بيهار ، حيث استولوا على 183 بندقية و2000 طلقة حية. وكانت قيادة الجيش الهندي فى المنطقة الغربية قد وضت تقريرا قبل أسبوع واحد يقول ان مشكلة النكسليين «قد تفلت من اليد» وتصبح مثل العصيان المسلح في كشمير وشمال شرق البلاد حيث يتم استخدام الجيش لقمع العنف. وقال التقرير أن الحركة النكسلية تحاول الآن إنشاء قواعد لها في ولايتَى كوجرات فى الغرب وكارناتكا فى الجنوب. وأضاف تقرير الجيش أن النكسليين يمولون حركتهم بالأموال التى يجبونها من التجار وأصحاب المصانع والمناجم والمؤظفين فى المناطق التى يسطيرون عليها. كما كشف تقرير الجيش أن النكسليين يتحركون فى المجتمع الهندي من خلال عدد من منظمات الواجهة التي أنشأوها في عدد من الولايات وهم قد أنشأوا اتحاداً للحركات الماوية فى جنوب آسيا. وكان النكسليون قد جرحوا تشاندرا بابو نايدو كبير وزراء ولاية آندهرا براديش بجنوب الهند فى هجوم غير مسبوق لهم فى أكتوبر 2003. وكانت حكومة الولاية قد أجرت معهم عدة دورات من المحادثات الفاشلة فى أوائل 2002 إلا أنها لم تؤد الى نتيجة ما بسبب تصلب الطرفين ولم يتم التوصل حتى الى وقف إطلاق النار بين الطرفين وهو ما كان النكسليون يهدفون اليه كحد أدنى.. ولأول مرة منذ الشهر الماضي بدأت القوات الجوية الهندية تهاجم أهداف النكسليين فى ولاية بيهار وهو تغير كبير في سياسة الهند في التعامل مع حركات العصيان المسلح حيث لا يتم استخدام الجيش إلا حين تعجز الشرطة عن التعامل مع هذه الحركات كما تتحاشى السلطات عن استخدام القوات الجوية فى المواجهات مع هذه الحركات بما فيها كشمير. ومن المعلوم أن 14 ولاية هندية موبوءة بالمشكلة النكسلية ابتداء من جنوب الهند مارة بوسطها ثم الشرق ومنها الى الشمال حيث تلتقي بالحركة الماوية فى نيبال. والاسم الرسمي لهذه الحركة هو «مجموعة الحرب الشعبية» إلا أنها معروفة باسم «النكسليين» نسبة الى بلدة «نكسلباري» في ولاية بنغال الغربية حيث نشأت هذه الحركة فى نحو سنة 1981 وهي قد تسببت حتى نهاية 2002 حسب الأرقام الرسمية فى قتل أكثر من 6000 شخص معظمهم من ملاك الأراضي والبيروقراطيين والجواسيس وعيون الشرطة. وتهدف هذه الحركة الى القضاء على ملكيات الأراضي الكبيرة وإعادة توزيعها على صغار الفلاحين. ويعتبر النكسليون مهرة فى استخدام الألغام وهم قد تعلموها من نمور التاميل فى سيريلانكا. وهم أيضا يفجرون مكاتب حكومية لإرسال رسائل الى الجهاز البيروقراطي وقد قدرت خسائر الأملاك الحكومية جراء هجمات كهذه بنحو 12 مليون دولار حتى نهاية 2002. وحسب قول السلطات هناك 16 مجموعة لزراعة الألغام فى صفوف النكسليين. وكانت وزارة الداخلية الهندية قد أنشأت مجموعة خاصة فى ديسمبر 2002 لمعالجة المشكلة النكسلية بمشاركة مدراء الشرطة ووكلاء وزارات الداخلية بالولايات التي تعاني من المشكلة.