لو أمعنّا النظر في اهتمام الغرب بقواعد المعاشرة والبروتوكول أو ما يُطلق عليه بالإنجليزية والفرنسية (إتيكيت) لأدركنا أنهم يهتمون بقواعد الأكل أكثر من الأكل نفسه. فآداب المائدة وطريقة حمل الشوكة والسكين ووظيفة كل سكين وكل ملعقة تكاد تكون علماً يُدرَّس للصغار. كذلك عدم فتح الفم أثناء الأكل، أو الأكل والفم ملآن. كذلك يأتي نوع الحديث - ما لم يكن غداء عمل - يجب أن يختار الجالسون مادته. وأصوات التّجشّؤ تُنقصُ من قَدر فاعلها. وهي شيء غير مقبول، بل غير مُستحبّ. وكلمة الاتيكيت دخلت الاستعمال في العام 1750م، وجاءت من الفرنسيّة، من كلمة تكتْ، حيث كانوا يطبعون التعليمات والبروتوكول على بطاقة صغيرة (تكتْ) TICKET تحوي التعليمات عن كيفية التصرّف في مناسبة ما. وعندنا في جزيرة العرب «إتيكيت» خاص بالأكل والجلوس على السفرة. تلك القواعد كانت أن لا ينهض الجالس من الأكل قبل من هو أكبر منه، أو قبل المُحتفى به. كانوا يجلسون واضعين أيديهم على الركبة المثنية مع مدّها قليلاً إلى الأمام بانتظار قيام الضيف أو كبار السنّ. وهذا «البروتوكول» حتى عهد قريب كان متبعاً ويتقيّد الناس به. غير أن تلك العادة اختفت للأسف مع دخول الموائد وال«بوفيه» حيث يشقّ المدعوون طريقهم حولها غير عابئين بمن خلفهم أو من هو أمامهم، في ظروف عسيرة في بعض الأحيان. والكلمة أيضاً من الفرنسية بمعنى نُضد أو «طاولة».