وسائل الاتصال الحديثة، بما فيها الشبكة الدولية للمعلومات "الإنترنت" وقنوات التواصل الاجتماعي باتت تشكل عنصراً أساسياً في حياة الإنسان أينما كان، فهي سلاح ذو حدين، حيث تمثل إضافة نوعية إلى عمل الباحث والتاجر والإعلامي والطالب وكل فرد ينشد الخير، تقدم لهم المعارف العامة والخبرات، والدعوة إلى الله، والنصح للناس.. كما أن لها جوانب مضيئة في مجال تعميق الخبرات البحثية واكتساب المعرفة بأنواعها، وصقل المواهب الفنية والاستفادة من التجارب المختلفة على نحو تفاعلي يعزّز روح التعاون بين المرء والآخرين كما يقوّي لديهم القدرة على الابتكار.. لكن في المقابل، لا يمكن التقليل من خطورة الآثار السلبية التي تمخّضت عن إساءة استعمال هذه الوسائل، والتي تبدو بسبب خطورتها الجسيمة، سبباً وجيهاً للدعوة إلى الحذر في التعاطي معها.. فعملية التواصل والإعلام الاجتماعي تحمل في جنباتها تهديدات وحساسيات لافتة، حيث أشار عدد من الخبراء والمهتمين إلى الدور الخطير الذي تلعبه مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة «الإنترنت» في نشر الشائعات وبث أحاديث ومعلومات دينية مغلوطة وتشويه الحقائق والتحريض على الكراهية والإرهاب والعنف والفوضى الأخلاقية، وغيرها من الجرائم الإلكترونية والآفات الاجتماعية.. لذلك تقضي الحكمة بالتعامل الحذر الذي يزيد من المزايا الحسنة لوسائل الاتصال الحديثة الكثيرة، في الوقت الذي يتم فيه اتقاء شرورها الخطيرة المحتملة.. إن شبكات التواصل الاجتماعي قد فرضت نفسها - وبقوة - داخل مجتمعاتنا العربية خلال العشر سنوات الأخيرة.. لكونها متاحة للجميع وبالمجان، وتصميمها وُضع لتكون سهلة الاستخدام وبدون تعقيدات.. كما أنها عملت على تحويل المستخدِم لها من متلقّ للمعلومات - كما في وسائل الإعلام التقليدية - إلى منتِج للمعلومات ومشارك فيها.. والكثير من الشباب يستخدم شبكات التواصل الاجتماعي للدردشة، ولتفريغ الشحنات العاطفية، ومن ثَم أصبحوا يتبادلون وجهات النظر الثقافية والأدبية والسياسية عبر تلك الشبكات التي وفّرت لهم مساحات كبيرة للتعبير عن وجهات نظرهم؛ بعيداً عن مقص الرقيب.. ومن مساوئها كذلك أنها مفتوحة للتمرّد والثورة، بداية من التمرّد على الخجل والانطواء، وانتهاء بالثورة على الأنظمة السياسية في بعض الأحيان.. كما أننا نجد الكثير من الفضائيات ووسائل الإعلام المعروفة تعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار والمعلومات، على عكس ما كان متوقعاً؛ رُغم عدم صدقيّتها في أغلب الأحيان.. ومن سلبياتها أيضاً؛ إضاعة الأوقات.. واستغلالها في نشر الرذيلة بين الناس.. والتشهير والفضيحة والابتزاز. إن من الضروري التعريف أكثر بأهمية الشبكات الاجتماعية، وذلك عن طريق عقد اللقاءات والمؤتمرات.. وضرورة احتواء المقرّرات الدراسية على أجزاء منها للحديث فيها عن أهمية تلك المواقع والشبكات والتحذير من مخاطرها.. وعلى أولياء الأمور مراقبة أبنائهم أثناء دخولهم على الإنترنت عموماً، وشبكات التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص، وإذا حدث خلل من جانب الأبناء، فيجب على الآباء التعامل معهم بشيء من الرفق واللين.. كما يجب دعوة الوزارات المعنية على مستوى الدول العربية من أجل إلزام الدعاة بمخاطبة الناس "باللين والحسنى" عن أهم الاستخدامات السيئة للشبكات الاجتماعية، التي يقوم بها البعض.. مع سن القوانين والتشريعات التي تجرّم الاستخدام السيئ لها. منطقتنا تشهد اليوم بجانب التحديات الاقتصادية، العديد من التحديات السياسية التي يجب علينا أن نتكاتف ونتضامن من أجل العمل على مواجهتها، وخاصة فيما يتعلق بمواجهة الإرهاب والجماعات المسلحة التي تهدد السلم والأمن في مختلف أرجاء المنطقة، سواء في وطننا أو الدول المجاورة لنا.. ووسائل التواصل الاجتماعي إحدى الأدوات التي تجب مواجهتها وتبيان الحسن والسيئ فيها.. وكما يقال: "لكل شيء جانبان متناقضان أحدهما مشرق والآخر مظلم"، فعلينا أن نكون حذرين جداً عند استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على النحو الإيجابي وليس السلبي..