عندما يقول لك مضيفك»هاك فنجال وعلوم رجال»، فانك لا تتردد في قبول الدعوة بأريحية تامة مع عبق رائحة الهيل والقرنفل والزعفران التي تفوح من دلة مضيفك. في هذا الاطار يقول د. احمد بادويلان، المتخصص في صناعة النشر: تعد القهوة احد اهم رموز الضيافة لدى العرب بصفة عامة، ولدى السعوديين بصفة خاصة، فالسعوديون شعب كييف في شرب القهوة، وقد تصل لان تكون المشروب المفضل الاول في موائد الضيافة ناهيك عن التطورات الحديثة التي دخلت في تقنيات اعداد وتقديم القهوة في محلات الكافي شوب، والتي غزت شوارع واحياء العاصمة الرياض والمدن الاخري وفي الطرق بين المدن حيث تقدم القهوة فيها بكافة جنسياتها وثقافاتها مثل الاميركية والايطالية والبرازيلية والتركية والفرنسية والروسية، اضافة الى القهوة العربية الاصيلة بكافة مكوناتها اللذيذة، وبجانبها طبق من التمر السكري او الخلاص او البرحي والتي تشكل برائحة الهيل والزعفران والزنجبيل والقرنفل احيانا، والتي تجرك من خياشيمك مرغما لتناول بضعة فناجيل منها. ويشير بادويلان، الى دراسة حديثة صنفت المملكة كأكثر الدول استهلاكا للبن بجميع اصنافه، كالبرازيلي والحبشي واليمني وهذه دلالة الى رمزية القهوة كواحد من ابرز رموز كرم الضيافة الاصيلة، بالاضافة كونها مشروب الكيف اليومي الاول الذي لا يمكن الاستغناء عنه، حيث تقول الباحثة السعودية الدكتورة فردوس بخاري، الاكاديمية بجامعة الموحد الملك عبدالعزيز بجدة: ان المملكة تعتبر اكبر دولة في العالم استهلاكا للبن، وان الكميات المستوردة من البن بشكل سنوي للاسواق السعودية والمستخدمة في اعداد القهوة العربية وغيرها، تقدر باكثر من عشرة الاف طن سنويا. وقدرت الدراسة استهلاك الفرد السعودي من البن بثلاثة كيلوغرامات سنويا، واوضحت احصائيات الدراسة ان السعوديين ينفقون بشكل سنوي اكثر من مليار ريال لاعداد القهوة بكافة مكوناتها فيما يتم استيراد اكثر من ستة وعشرين الف طن من الهيل والزعفران والقرنفل (العويدي) والزنجبيل بقيمة اجمالية تصل الى خمسة مليارات ريال، اي ان اجمالي ماينفق على القهوة ومبهراتها يتجاوز الستة مليارات ريال في السنة، فيما اشارت احصائيات اخرى ان محلات بيع القهوة تنمو سريعا في المملكة، بمعدل نمو سنوي يصل الى عشرة في المئة. ويشير بادويلان الى ان محلات الكوفي شوب الحديثة، قد ساهمت في زيادة حالة ادمان الشباب السعودي على انواع القهوة المتعددة الاصناف، ووفرت لها الاجواء والخدمات المريحة للجلوس والاستمتاع بشربها مع جريدته المفضلة، وقطعة شوكولاته من احدى الماركات العالمية، لتجعل القهوة ألذ مذاقا واكثر متعة وكذلك تقدم التمور الفاخرة مع القهوة العربية. وخصصت الفنادق الراقية اماكن خاصة لتناول القهوة العربية بجوار بيت شعر، وشاب يحمس القهوة لتفوح ريحانها في ردهات الفندق ويطلقون عبارات الترحيب بالضيوف بفنجال قهوة مجانا عند دخولهم لبهو الفندق. ويزداد الاقبال على القهوة في الشتاء، وفي مواسم الاختبارات السنوية حيث تطرد النعاس، وتجعل متناولها اكثر تركيزا ونشاطا في المذاكرة والحفظ، كما تقدم القهوة العربية بشكل ملفت للانظار في موسم الزواجات والمناسبات المتعددة. ويقول بادويلان، ان القهوة خلقت سوقا متناميا في مجال ادوات واواني تقديم القهوة من دلال وترامس وفناجيل واكواب و(طوفريات)، وازدهر استيراد تلك البضائع باشكال والوان وموديلات حديثة، تتلاءم مع الثقافة والبيئة السعودية، وقد تفوقت الصين في تصنيع مثل هذه الادوات والاواني. كما دخلت اليابان وكوريا وبعض الدول الاوروبية، في صناعة كل ما يحبب القهوة وادمانها، حيث توصلوا الى صناعة دلة كهربائية تقوم بتحضير القهوة خلال اقل من دقيقة، ووجدت اقبالا لدى من يحتسون القهوة العربية في مكاتبهم، كما صنعت قهوة عربية سريعة التحضير على غرار (النسكافيه). وفي نهاية حديثه يقول بادويلان: بشكل عام فإن هناك اقتصادا جديدا تطور سريعا، يمكن ان نطلق عليه اقتصاديات الكيف، هذا دون ان ندخل المشروب المفضل الثاني لدى السعوديين وهو الشاهي، وما يتبعه من شاهي عدني وشاهي اخضر، وشاهي مغربي وشواهي الزنجبيل والزهورات والتي تجد اقبالا كبيرا طوال العام صيفا وشتاء.