شهدت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الولاياتالمتحدة، مؤخراً إقامة عدد من الاحتفالات الرسمية ابتهاجًا بزيارته التاريخية الميمونة، فقد نظّمت شركة أرامكو السعودية، تحت شعار "روابط إنسانية: من أمة إلى أمة، ومن شعب إلى شعب"، حفل استقبالٍ يوم السبت الماضي، لزهاء 500 ضيفٍ للاحتفاء بالعلاقة الوطيدة بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة، في لوحة إنسانية عززت روح اللقاء والصداقة الدائمة والثقة المبنية على عقود من التعاون المشترك. وقد حفَّ جنبات الحفل معرض صورٍ أسهم في رَسم خريطة ذهنية لتاريخ العلاقات الوثيقة بين البلدين لدى الحضور، ما جسّد الروابط الإنسانية بين الجانبين. وقد عُقدت على هامش الحفل، جلستا نقاش ترأسهما السفير وندي شامبرلن، وشارك في الجلسة الأولى كلٌ من الأستاذ عبدالله جمعة، والسيد فرانك جنقرز، رئيسا شركة أرامكو الأسبقان اللذان استعادا تاريخ العلاقة السعودية الأمريكية. وقال جمعة في وصف مجتمع الشركة الاستثنائي الذي تطور على مر السنين: "لا توجد شركة في أي مكان في العالم تولَّد لدى موظفيها هذا الحب الذي يكنّونه لشركتهم". ذلك أن الروابط التي أخذت الطابع الأسري في الشركة لا تزال قوية، حيث الأجيال الثالث والرابع والخامس من الأمريكيين ما زالوا يولدون في أرامكو السعودية". الجبير: علاقتنا مع الولاياتالمتحدة ليست مجرد «نفط وتجارة» بل هي ارتباط بين شعبين وأوضح جمعة أن إدراك البيئة البشرية والمادية التي كانت تعمل فيها أرامكو كان محطَّ تركيزها منذ يومها الأول، ولدعم ذلك، عملت الشركة على استقطاب خيرة العلماء في الدراسات العربية جنبًا إلى جنب مع عمال الحفر". واستطرد جمعة قائلًا: إن من الأهمية بمكان بالنسبة إلى الأفراد والشركات استيعاب واحترام ثقافات أولئك الذين نعمل معهم، مضيفًا أن أرامكو السعودية حققت النجاح لأنها اتبعت هذه السياسة. من جهته أكد جنقرز، الذي قدم إلى المملكة العربية السعودية في عام 1947م، أن العلاقات الوثيقة بين السعوديين والأمريكيين جاءت منذ وقت مبكر وبدافع الضرورة، وقال إن الشركة نشأت مع بدايات المملكة العربية السعودية. وجمعت جلسة النقاش الثانية كلاً من معالي وزير الخارجية الأستاذ عادل الجبير، ومعالي وزير الصحة رئيس مجلس إدارة شركة أرامكو السعودية المهندس خالد الفالح، اللذين علقا على مستقبل العلاقة بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدةالأمريكية. واستهل الجبير حديثه بالإشارة إلى اجتماع خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، حيث عكس هذا الاجتماع وبشكلٍ متين العلاقات بين البلدين على مدى السبعين عامًا الماضية، وقال إن العلاقة "نمت على قدم وساق، ومهّدت الطريق لسبعين عامًا مقبلة"، في إشارة إلى التوجُّهات الجديدة والمخطَّط لها في مجالات الصحة، والتعليم، والاستثمار. وفي ختام كلمته، قال الجبير إن العلاقة بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدةالأمريكية تبقى علاقة متينة، ويرجع ذلك جزئيًا للروابط "الفريدة جدًا" التي بُنيت على مدى سنوات بين أوساط الأرامكويين. واستطرد "في نهاية المطاف: هي ليست مجرد علاقة نفط وتجارة واستثمار ومصالح مشتركة فحسب، بل هي ارتباط بين شعبين، وهناك قلّة ممن يقدرّون ذلك ممن هم خارج هذه العلاقة". وفي مجال إمدادات الطاقة، وصف الفالح المملكة العربية السعودية بأنها لا تزال "محور أسواق الطاقة العالمية"، منوّها إلى عمق العلاقة السعودية الأمريكية في مجال الطاقة، وقال إن الرئيس أوباما أشاد بسياسة المملكة العربية السعودية الثابتة "كمورد موثوق للنفط". وأضاف الفالح قائلًا: إن سمعة أرامكو السعودية كمورّد يُعتمد عليه "ترتكز على صناعة موثوقة"، واستطرد مخاطبًا الحضور من المتقاعدين "يجب على المستهلكين ألا يقلقوا أبدًا بشأن قدرات الكيان الذي تم بناؤه من قِبَلِكم وبعض آبائكم وأبنائكم الذين يعملون اليوم في صناعة النفط هناك (في المملكة العربية السعودية)". وشدد الفالح على الأهمية التي يضطلع بها الإنسان في الإنجازات المهمة والتي حققتها الشركات والدول، مؤكدًا التزام المملكة العربية السعودية التحول إلى اقتصاد المعرفة. وقال "يجدر بنا أن نستثمر في رأس المال البشري"، بدءًا من التعليم وتأسيس مهارة التعلُّم، إلى التعليم الجامعي والتدريب المهني، وعبر مراحل الحياة المختلفة. وفي لحظة تاريخية تجسّد الروابط الوطيدة بين السعوديين والأمريكيين، استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في مقر إقامته في واشنطن، يوم السبت 21 ذو القعدة 1436ه، عددًا من أبناء موظفي أرامكو السعودية القدامى الذين التقوا، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله، حينما كانوا أطفالًا في الظهران في عام 1947م؛ فضلًا عن ضيفين يمتّان بِصِلاتٍ عائلية ترتبط باللقاء التاريخي الأول، الذي جمع قادة البلدين منذ سبعين عامًا، وهما: ديلانو روزفلت، حفيد الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت، وديفيد إيدي فيورمان، حفيد الكولونيل ويليام إيدي، سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية الأسبق لدى المملكة العربية السعودية، الذي قام بالترجمة الفورية أثناء لقاء الملك عبدالعزيز والرئيس روزفلت، على متن السفينة الحربية (يو إس إس كوينسي) في منطقة قناة السويس، في عام 1945م، حيث ناقشا شؤون الشرق الأوسط والعالم إبّان الحرب العالمية الثانية التي شارفت على الانتهاء في أوروبا، وأسّسا لعلاقة شراكة فريدة بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدةالأمريكية. خادم الحرمين يؤسس لتحول اقتصادي مهم وعصر جديد في تاريخ العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة