حملت الجولة الثانية في التصفيات الآسيوية المشتركة المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2018م ونهائيات كأس آسيا 2019م أرقاماً تهديفية قياسية، عكست حجم الفوارق الفنية الكبيرة بين منتخبات القارة الصفراء، فالمنتخب السعودي تغلب على منتخب تيمور الشرقية 7-صفر، أما قطر فحقق أكبر نتيجة في الجولة بعد فوزه على منتخب بوتان 15-صفر، وأخذ "الأبيض الإماراتي" نصيبه من منتخب ماليزيا بفوزه عليه 10-صفر، ومزق منتخب الكويت شباك ميانمار ب 9-صفر، وفازت كوريا الجنوبية على لاوس 8-صفر، أما منتخب ايران فتغلب على غوام 6-صفر، واكتسح بطل آسيا منتخب استراليابنغلاديش بفوزه عليه 5-صفر. هذه الأرقام والنتائج الثقيلة لا يمكن أن تؤخذ بعين الاعتبار أبداً لأنها تعتبر طبيعية في ظل تواضع مستويات المنتخبات الخاسرة، فالمعادلة واضحة وتتلخص بأن تلك المنتخبات الضعيفة تحتاج إلى اعوام ضوئية حتى تنافس المنتخبات القوية أو حتى تخرج من أمامها بأقل الخسائر، فالإمكانيات لعبت دوراً كبيراً في ذلك، وأنصار تلك المنتخبات المتواضعة يدركون الحال جيداً ولا يطلبون من منتخباتهم فوق المستطاع. المرحلة الحالية تتطلب العقلانية والطريق لا يزال طويلاً المنتخبات الخليجية عموماً و"الأخضر" السعودي على وجه الخصوص عليهم أن يحذروا من هذه الانتصارات والا ينخدعوا بها، فالأوضاع لم تتغير عن السابق إذ إننا بحاجة إلى أن نتطور أكثر، حتى نجاري بقية المنتخبات التي باتت تهيمن على القارة الآسيوية، فهي لازالت بحاجة إلى عمل أكبر في المرحلة المقبلة، يبعدها عن منطقة الوسط، بين المنتخبات الضعيفة التي استقبلت شباكها أهدافاً كثيرة وبين المنتخبات المتطورة ذات الهيبة والسطوة في القارة الصفراء أمثال اليابانواسترالياوكوريا الجنوبية، والخوف أن نتراجع ونصبح من بين تلك الدول التي خسرت منتخباتها بأرقام ثقيلة. علينا أن نتعامل مع الواقع بعقلانية، والا نبالغ في أفراحنا بتخطي تيمور الشرقية أو ماليزيا ولاوس فمثل هذه المنتخبات لا يمكن مقارنتها بأندية الدرجة الأولى لدينا بسبب ضعفها وقلة إمكانياتها، صحيح أن الانتصارات مهمة والفوز بأهداف كثيرة هو خطوة نحو صناعة هيبة لأي منتخب، لكن لابد أن يكون ذلك بحدود، فالمبالغة في المدح سينعكس سلبياً مستقبلاً، وعلى المسؤولين عن المنتخب السعودي وبقية المنتخبات الخليجية أن يتعاملوا مع الموقف بذكاء وأن يستفيدوا من الماضي، إذ حققنا مثل هذه النتائج الكبيرة واصطدمنا بحال مغاير عندما خضنا غمار البطولات وواجهنا منتخبات في مستوانا أو أفضل، عندها انكشف الحال الذي لم يسرنا أبداً. وإذا ما تحدثنا عن المنتخب السعودي بالتحديد فإنه مطالب بتجاوز هذه المرحلة من التصفيات والخروج منها بما لا يقل عن 18 نقطة من خلال تجاوز ماليزيا في الجولة المقبلة، والفوز في مباريات الإياب أيضاً على فلسطين وتيمور الشرقيةوماليزيا مثلما فعل في الذهاب، أما منتخب الإمارات رابع منتخبات المجموعة فهو يعتبر بمستوى "الأخضر" إن لم يكن أفضل منه، وهو الند له، لذلك فمواجهتيه لن تكون سهلة علينا مثل بقية المواجهات، والخروج بثلاث نقاط من أمامه يعتبر أمرا إيجابيا. المدرب الهولندي مارفيك نجح في أول ظهور له مع "الصقور الخضر"، صحيح أنه لا توجد مقارنة بين المنتخبين، لكن في الأخير الفوز بنتيجة كبيرة وبسبعة أهداف في مباراة رسمية أمر افتقدناه مع المنتخب في الأعوام الأخيرة، وهو مؤشر إيجابي شريطة أن يتعامل معه مارفيك واللاعبون ومسؤولونا بطريقة احترافية. الفترة المقبلة تتطلب مجهودات مضاعفة إذا ما أردنا أن نعود إلى مكاننا الطبيعي بين الآسيويين، بتواجدنا مع نخبة المنتخبات العالمية في البطولة الأكبر (كأس العالم) الذي غبنا عنه منذ 2006م، ونتذوق طعم الذهب الآسيوي مجدداً بعد غياب طويل عنه، المنتخبات من حولنا تطورت، حتى تلك التي كنا نتجاوزها بسهولة أصبحت تنتصر علينا، أما من كانوا ينافسوننا فأضحى بيننا وبينهم بون شاسع، إذ وصلوا إلى القمة بينما تراجعنا للخلف حتى بات موقعنا في التصنيف الدولي الذي يصدره الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لا يليق بنا ولا بتاريخنا الذي وصل صداه العالم في أعوام ماضية.