تاريخ صلاحية مدون على علبة دواء من الأدوية المعروضة على أرفف صيدلية من الصيدليات يوحي بسلامته وصلاحيته للاستهلاك، لكن وبسبب خروجه من الصيدلية وإرجاعه لها لسبب أو لآخر بعد تعرضه لأشعة الشمس والحرارة العالية، أدى إلى تغيير في تركيب المادة الكيميائية وتكسر تركيبته؛ مما أدى إلى نقص أو عدم فعالية المادة الدوائية، بل وتحولها في بعض الأحيان إلى مواد سامة مما يشكل خطراً حقيقياً على حياة المرضى بما يسببه من مضاعفات وصعوبة علاج، وخطورة إرجاع الأدوية تكمن في إعادة استخدام هذه الأدوية غير الصالحة لعلاج مرضى آخرين وقد تصيبهم بمضاعفات خطيرة قد تنتهي بوفاتهم. ومن هنا نفتح الأبواب على مصراعيها لمحاولات حل مشكلة إرجاع الأدوية وإعطاء الموضوع القدر الكافي من الأهمية وضرورة تدخل الجهات المعنية لمراقبة الصيدليات مراقبة صارمة حفاظاً على أرواح المرضى المستخدمين للأدوية بأنواعها المختلفة. وأمام هذه القضية امتنع بعض أصحاب الصيدليات عن الحديث حول هذا الموضوع، إلا أن البعض منهم أشار إلى أنّ الصيدليات أصبحت دكاكين وأنّ المرضى أصبحوا زبائن؛ مما يدل على أنّ في الأمر سراً وأن وراء الأكمة ما وراءها، والبعض الآخر أكد أن مسألة إرجاع الأدوية مستمرة وبلا حلول، ويلجأ بعضهم إلى أن يطلب ممن يرغب في إرجاع الأدوية أن يؤدي اليمين بأنها لم تتعرض للحرارة، لإدراكه بأنّ مثل هذه الأدوية تحمل من المخاطر الجسيمة للمرضى، ما قد يؤدي إلى الوفاة!. منع الاسترجاع مواطن كان متجها إلى إحدى الصيدليات ممسكاً بوصفة طبية، وتحدث إلينا قائلاً: "لا شك أنّ الصيدلي من خلال عمله في الصيدلية يومياً مطالب بأن يقوم بتوعية المرضى وتقديم جميع النصائح والتوجيهات اللازمة مثل كيفية استعمال الأدوية ومدة استعمالها وتوضيح تأثير الحرارة والظروف المناخية بشكل عام على فاعلية الدواء. وأضاف أن المشكلة الأكبر أن بعض المرضى عندما يشتري دواء من الأدوية ويتعرض ذلك الدواء إلى أشعة الشمس أو حرارة عالية فإنه يقوم بإرجاعه للصيدلية لكي يحصل على دواء آخر سليم، والمسألة في الأساس تحمل بُعداً ثقافياً والموضوع لا بد أن يُعطى القدر الكافي من الاهتمام، موضحاً أنّ هذه المشكلة توجد حتى في بعض صيدليات المستشفيات الحكومية، فيقومون بقبول إرجاع المرضى للأدوية بعد أن تم صرفها لهم، مؤكّداً أنّ وزارة الصحة مطالبة بالتدخل وتنظيم هذه المسألة بالرقابة الصارمة على الصيدليات والتفتيش المستمر عليها، وأن توضع لوحات في مكان بارز في الصيدليات الحكومية والأهلية تُوضح أنّ أي دواء لا يُسترد أو يُستبدل، وذلك حرصاً على سلامة المرضى كما تفعله بعض الصيدليات في بعض المستشفيات، حيث تمنع منعاً باتاً إرجاع أي دواء بعد خروجه من باب الصيدلية! صرف الأدوية المسترجعة خطر يهدد حياة المرضى مشاكل وإحراجات وأوضح علي محمد قاسم –صيدلي- أنّ إرجاع الأدوية من قبل الزبائن بعد شرائها هذه المسألة يسبب لهم الكثير من المشاكل والإحراجات، موضحاً أنّهم يحاولون أن يحلوا هذه المشكلة بما يرضي ضميرهم المهني، فهناك أدوية لا يقبلوا إرجاعها نهائياً، كالأنسولين، وبعض الأدوية التي تحتاج الى حفظها في الثلاجة؛ لأنّ فيها إضرارا بصحة المريض في حالة تعرضها للحرارة، وهذه مسألة لا تهاون فيها، أما بالنسبة للأدوية التي تتحمل درجات حرارة تصل إلى (30) درجة فهذه تعتمد على مصداقية الزبون في حفظها. وأضاف: "نحن لا نرجع الدواء إلاّ بعد سؤال الزبون عن كيفية حفظه؟، وكم مدة بقائه في السيارة، وهل السيارة مكيفة أثناء النقل، فإذا تأكدنا أنّ طريقة الحفظ كانت سليمة نرجع الدواء، أما إذا كان هناك أي تلف في أغلفة الدواء أو اتساخ لا نقبله؛ لأنّه دليل على سوء التخزين، وكذلك المدة التي مرت على شراء الدواء إذا تجاوزت اليومين لا يُقبل، وفي كل الأحوال نحن دائماً، ننصح الزبون بعدم إرجاع الأدوية مرة أخرى في حالة تم قبولها، حتى لا نقع في مشاكل نحن في غنى عنها"، مستدركاً: "على العموم هذه المشكلة تظل موجودة ما لم يكن هناك آلية معينة تضبط هذه المسألة، إلى جانب دور الإعلام في توعية المجتمع عن خطورة هذه المسألة وعلى كل فرد أن يتقي الله في تعامله مع هذه المسألة وعدم العبث بأرواح الناس. عبدالرحمن السلطان صالح باوزير خلل المنظومة العلاجية ولفت أحمد إبراهيم –صيدلي- إلى أنّ المرتجعات إلى الصيدليات من أكثر الأشياء التي تتسبب في خلل بالمنظومة العلاجية، فتاريخ المنتج جيد للغاية ولكن تعرض لدرجة حرارة عالية في السيارة، مثلاً مما يجعل المنتج عديم الفاعلية وهذا أخف الأضرار وفي بعض الأحيان يصير المنتج ساماً، حيث أنّ تركيبته بالحرارة تتحول لمواد سامة مما يعرض المنظومة العلاجية لخلل جسيم وإذا علمنا أن نسبة الأمراض المزمنة كالقلب والسكر والضغط ليست بقليلة وأن مريض السكر إذا تناول عقاراً غير مكتمل السلامة فإنه معرض للهبوط العام في نسبة السكر وأنها في بعض الأحيان تؤدي للوفاة كذلك مريض الضغط والقلب بطبيعة الحال، موضحاً أنّ شراء الدواء أو حليب الأطفال من الصيدلية لتراه الزوجة في البيت ثم إعادته لأنه غير صحيح أصبح الآن أمراً عادياً وإذا رفض الصيدلي تعرض لإساءة بالغة وأُتهم بالنصب والتربح على حساب المرضى. وأضاف: "قديماً كان للأعذار مبرراً أما الآن ومع انتشار التكنولوجيا والواتس آب والصور، فمن الممكن أن ترسل الزوجة صورة الحليب، فيحضر السائق مثلاً بدلاً من أن يذهب للبيت ثم يعود ليقول أنه غير مطابق ومن غير المهم إذا كان الجو حاراً أم بارداً وإذا كانت الشمس مسلطة على السيارة أم لا، المفهوم السائد عند العوام من المواطنين أن صلاحية المنتج مرتبطة بتاريخ الإنتاج والانتهاء وهذا مفهوم منقوص لأن التواريخ المكتوبة على العلبة مرتبطة بعوامل أُخرى كدرجة الحرارة والضغط والرطوبة وفي بعض الأحيان الضوء، فلو افترضنا أن تاريخ الانتهاء بعد ثلاث سنوات من تاريخ الإنتاج فهذا بشرط أن تكون درجة الحرارة (28) درجة أما إن زادت عن ذلك فسيزيد معامل التكسر في العقار لينتهي قبل التاريخ المسجل سلفاً وإذا افترضنا أن الصيدلية ستحافظ على الدواء أو الحليب ودخوله ثانية كفيل بأن يُقلل من الفاعلية أو ينسفها تماماً". أحمد إبراهيم وسيلة حماية وقال أحمد: "إن الدواء ليس بأقل أن يعامل كالمجمدات من السلع الاستهلاكية التي تمنع وزارة التجارة إرجاعها لأماكن شرائها ذلك لأن تعرضها لاختلاف درجات الحرارة يعرضها للفساد فالدواء أحق وأولى بقانون يمنع إرجاع الدواء للصيدلية مرة أخرى حفاظاً على سلامة المواطنين لأن الدواء الفاسد إن لم يضر فإنه لا يُصيب نفعاً وفي بعض الأمراض عدم إصابة النفع مضرة وتُؤدي في بعض الأحيان للوفاة". وأضاف: "إذا كنا نرغب في قواعد تطبيق القانون فإننا يجب أن نوفر وسيلة حماية للصيدلي حيث أننا نعلم أن بعض الناس لا يتقبلون بسهولة مثل هذه القوانين فإذا تعرض الصيدلي لأي مضايقة لفظية أو جسدية وجب علينا حمايته لأنه يؤدي دوراً مهماً لصحة المجتمع فمن يعترض على عدم إرجاع الدواء واعتدى على الصيدلي فإن ردعه واجب وأن تتدخل وزارة التجارة كطرف في المشكلة وتقوم برفع دعوى ضد المعترض على القانون لنوفر بيئة مناسبة للصيدلي ليقوم بواجبه ونتلافى فكرة التحايل على القانون من جميع الأطراف، وأي تقصير في المراقبة والمتابعة سيؤدي لنتيجة عكسية والصيدلية التي ستسمح بترجيع أو تبديل الأصناف عند العميل ستكون لها الأولوية لأنها متساهلة مما يدفع غيرها على التساهل والمحصلة النهائية في الاتجاه الخطأ فسيزيد الإنفاق العام على الصحة ويتوجه إلى اتجاه خاطئ". دور المؤسسات الطبية وأكد أحمد على أنّ دور المؤسسات الطبية دور خطير ومهم لأنها جهات المراقبة والتدقيق والمنتديات الطبية وحتى استغلال وسائل التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر والانستجرام فجميع هذه الوسائل أصبحت مؤثرة في الشباب وفي تشكيل الوعي المجتمعي، مضيفاً: "يجب أن يكون مطبوعاً على الفاتورة الخاصة بالصيدليات عبارة ممنوع رجوع الأدوية بعد الشراء، كما يجب أن تعلق لافتة في مكان بارز في الصيدلية بأن الدواء وحليب الأطفال لا يرتجع ولا يُستبدل وهذا طبقا للقانون، والموضوع جدا خطير فكم من المرضى لم يكتمل شفاؤه لأسباب مشابهة وكم من الذين يعانون من صداع خفيف أخذوا دواء خاطئاً أو فاسداً فمرض الكبد فالكل منتفع والكل متضرر والمنظومة الصحية يجب أن تأخذ الأمر مأخذ الجد". وعي المواطن بدوره كشف صالح بن عبدالله باوزير –أستاذ الصيدلة الإكلينيكية– أنّ الصيدليات تخضع في عملها لنظام المنشآت والمستحضرات الصيدلية الذي حدد أن تُباع الأدوية في عبواتها الأصلية مطبوعاً عليها رقم التسجيل والتشغيلة والسعر واسم الوكيل وتاريخ الصلاحية للدواء، كما حدد النظام وجوب تخزين الدواء وفقاً لما هو مدون على علبة الدواء والتي تحدد ظروف التخزين، فمن الأدوية ما يوجب الحفظ في الثلاجة ومننها ما يتوجب حفظه ما بين (15–25) درجة ومنها ما يُحفظ في درجة حرارة الغرفة بين (25-30) درجة، ومنها ما يُمنع حفظه في الثلاجة، إلى غير ذلك من ظروف الحفظ؛ لذا نجد الهيئات الرقابية مثل الهيئة العامة للغذاء والدواء تحرص على تتبع سلسلة نقل وتوزيع الدواء من تصنيعه إلى وصوله ليد المريض من خلال أجهزة قراءة درجات الحرارة التي ترفق مع شحنات الأدوية القادمة للمملكة. بعض المستشفيات تمنع إعادة الأدوية بعد خروجها من الصيدلية وقال إنّ مدة صلاحية الدواء مرتبطة بالعوامل البيئية التي يُخزن فيها الدواء من حرارة ورطوبة وضوء، ولذلك مصانع الأدوية تجري بما يُعرف بدراسات الثباتية للأدوية حيث يتم تعريض الدواء لدرجات حرارة ورطوبة تتراوح بين (15–40) درجة ونسبة رطوبة تتراوح بين (60–75%)، بحيث توضح نتائج هذه الدراسات مدى ثبات الدواء وصلاحيته إذا خُزن تحت هذه الظروف، موضحاً أنّه وبناءً على هذه المقدمة يتضح أن تعامل الصيدلي مع قرار إعادة الدواء بعد بيعه يخضع للعديد من الاعتبارات، وعلى الصيدلي أن يُوضح للمريض ظروف حفظ الدواء، وأنه يصعب قبول استرجاع الدواء في حالة إذا كان الدواء يجب حفظه في الثلاجة، فإنه لا يمكن بأي حال قبول استرجاع الدواء إذا خرج من الصيدلية، والأدوية التي تُحفظ في درجة حرارة الغرفة يمكن استرجاعها خلال (24) ساعة إذا تأكد الصيدلي من عدم فتح عبوة الدواء، وتأكد من رقم تشغيلة الدواء، وتاريخ صلاحيته قبل استرجاعه. وأضاف إنّه يجب أن لا يتم استرجاع أي دواء ظهرت عليه آثار تخزين سيئة أو تم فتح العبوة أو العبث بمحتواها، كما أن الصيدلي في بعض الحالات قد يقبل استرجاع بعض الأدوية التي تم بيعها حتى لا يفقد بعض عملائه المعروفين، فعليه في هذه الحالة ألا يُعيد بيع هذه العبوات والاحتفاظ بها ضمن الأدوية المنتهية الصلاحية التي يتم إرجاعها للوكيل أو إتلافها، موضحاً أنّه حتى لا يفقد الصيدلي ثقة المريض فعليه عدم محاولة صرف العبوات الكبيرة التي تفوق حاجة المريض، أو إعداد عبوات تفوق حاجة المريض حيث يعمد بعض الأطباء لذلك، خاصة لمن يتم تغطية مصاريفهم من قبل التأمين، في ظل غياب نظام إعادة التعبئة للمرضى في كثير من مؤسسات القطاع الخاص، مشيراً إلى ضرورة وعي المواطن في عدم الإضرار بصحة مريض آخر، من أجل مكسب دنيوي بسيط نتيجة لقيامه بإرجاع عبوة دواء تعرضت للضرر نتيجة تخزينه السيئ لها بتركها في سيارته لمدة يوم أو يومين! ممارسة غير صحيحة وشدد عبدالرحمن بن سلطان السلطان -المدير التنفيذي للتوعية والإعلام في الهيئة العامة للغذاء والدواء- على أنّ إعادة بيع الأدوية المرتجعة من قبل الصيدلية تُعد ممارسة غير صحيحة؛ لأنّه لا يُمكن ضمان أنّ الدواء المرتجع حُفظ في الظروف الملائمة أو لم يتعرض لأشعة الشمس أو درجات الحرارة المرتفعة، مشيراً إلى أنّ نطاق الإشراف على الصيدليات الأهلية لا يزال تحت مظلة وزارة الصحة. مستور السلمي نظام المهن الصحية يجرّم بيع الأدوية والمستحضرات المسترجعة أكّد مستور السلمي –محامٍ– أنّ بيع الأدوية المسترجعة من الناحية القانونية يُشكل غشاً وجريمة يُعاقب عليها النظام، وجاء ذلك نصاً في نظام مزاولة المهن الصحية الصادر عام 1425ه، حيث نصت الفقرة الأولى والفقرة الثانية من المادة (60) على: "يُعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، وبغرامة لا تزيد على (50.000) ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين: كل من غش أو قلد أحد المستحضرات الصيدلية أو الأدوية أو المواد الكيماوية، وكل من باع أحد المستحضرات الصيدلية أو الأدوية أو المواد الكيماوية أو النباتات الطبية الفاسدة أو التالفة، ولا يحمي الصيدلي عدم العلم بالنظام بل يتحمل المسؤولية الجنائية والقانونية"، وكما نصت المادة (61) من النظام على أن يُعاقب بغرامة لا تزيد على (10.000) ريال كل من ارتكب مخالفة أخرى لأحكام هذا النظام، وذلك مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها أي نظام آخر، وعلى كل من تضرر من أي أدوية غير صالحة مثبتة بتقرير طبي صادر من مركز طبي معتمد أن يتوجه إلى وزارة الصحة، أو إلى رئيس الفرع الواقعة الصيدلية في اختصاصها، وعلى الوزارة الرد قبل شهرين من تاريخ استلام خطاب الشكوى، وفي حال عدم الرد أو كان الرد غير مقنع فعليه أن يتوجه للمحكمة الإدارية -ديوان المظالم-، وفي هذه الحالة يتم تعويض المتضرر. وأضاف إنّه في حالة تعمد الصيدليات بيع أدوية أو مستحضرات طبية مستخدمة أو ثبت إتلافها وامتنع الصيدلي من تغييرها، فعليه أن يتوجه إلى مركز الشرطة، ويطلب إثبات الواقعة، ويتم إحالة الصيدلي إلى هيئة التحقيق، حيث هذه القضية يكون فيها خطورة على المجتمع في هلاكهم، وهنا يتعين فيها حق عام، والمحقق يتولى التحقيق في هذه الجريمة، ويتم إحالتها إلى جهات اختصاص المحكمة. إعادة الأدوية إلى الصيدليات يتسبب في خلل المنظومة العلاجية