لم تعد حجة أن السعوديين غير جادين في ممارسة أعمال القطاع الخاص بمستساغة في ظل نجاحات كبيرة للشباب في شركات الاتصالات والمصارف والشركات الكبرى، لكن عدم الإيمان بالمسؤولية تجاه أبناء الوطن، وعقدة البحث عن الموظف المقيم الأقل راتباً بقيت عائقاً دون المضي قدماً في برامج توطين حقيقية، الأمر الذي جعل من عملية تدوير الموظفين السعوديين بين الشركات عالياً جراء بيئة العمل الطاردة، وعدم الشعور بالأمان الوظيفي، إضافة إلى تدني الرواتب في المؤسسات الصغيرة. لكن الإصرار الحكومي المتواصل على تطبيق برامج التوطين، أدى إلى تحسن ملحوظ في رواتب الشركات المتوسطة والتي تشكل السواد الأعظم من الجهات المستهدفة ببرامج التوطين، الأمر الذي يشكل فرصة كبيرة لكثير من حاملي الثانوية فما دون، فيما لا تزال أغلب وظائف هذه الشريحة من الشركات لا ترقى لتطلعات حاملي البكالوريوس فما فوق. وفي الوقت الذي تحسنت فيه الرواتب المقدمة لحاملي المؤهلات الدنيا، إلا أن منغصات حالت دون استمرار كثيرين في تلك الشركات المتوسطة والصغيرة، وتمثل بيئة العمل أهم تلك المنغصات، إضافة إلى الإدارة، وعدم الشعور بالأمان الوظيفي. وفي ظل هذا الوضع لم تفلح الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن تكسب أياً من شريحتي السعوديين طالبي العمل، مما يشير إلى أن المشكلة الحقيقية في الفجوة بين السعوديين طالبي العمل وتلك الشركات ليست الرواتب وحدها، إذ تمثل بيئة العمل والإدارة أحد أهم الأسباب التي نجحت الشركات الكبرى في تخطيها. وبحسب عدنان المزروع – المختص في الموارد البشرية – فإن حاملي المؤهلات العليا من السعوديين والعائدين من الابتعاث يحظون باستقطاب كبير من الشركات الكبرى التي لديها رؤية واضحة وإستراتيجية للتوطين، مشيراً إلى أن الشركات التي لديها إدارة تعمل على استقطاب الكوادر الوطنية تخطت كثيرا من المشاكل في مسألة التوطين، ونجحت في استقطاب شباب يقودون كثيرا من الأقسام في تلك الشركات بتفوق كبير. وأكد أن الشركات الصغيرة والمتوسطة رغم تحسن الرواتب التي تقدمها لأصحاب المؤهلات المتوسطة لازالت تعاني من تسرب السعوديين وعدم استقرارهم نظراً لفشلها الإداري في خلق بيئة عمل جاذبة، محفوفة بالأمان الوظيفي والشعور بالاستقرار. وطالب المزروع تلك الشركات بتعيين مديري موارد بشرية من السعوديين القادرين على خلق بيئة عمل جاذبة، مما سيعزز من استقرار الشباب السعوديين، مبيناً أن تجارب شركات كثيرة في قطاع الأعمال أثبتت أن أغلب المشاكل ليست في الموظفين السعوديين بقدر ما هي في بيئة العمل التي يراد لهم أن يعملوا فيها. عدنان المزروع