تسويق الذات.. وتفخيم الأنا.. وتسليط الضوء على الأعمال الخاصة بالإنسان المادح لنفسه، أمر يستغرب. وخصوصاً من الشعراء الذين سجلوا بعض الحضور في عالم الأدب ومناسباته، وأنا هنا لا أريد ذكر شخص نموذج ولكني رأيت شباباً أخذنا بأيديهم ليشقوا طريقهم إلى عالم الشعر وكانوا نعم الشعراء إلا أن كم الضوء الذي سلط عليهم جعلهم يخرجون عن المألوف ويظنون في أنفسهم قدرات هم في واقع الأمر لا يملكونها.. شاعر يكرر نفسه في كل أمسية يحضرها ويجزم بأن نصوصه مطلوبة ومرغوبة بل انها حديث المجتمعات وهذا الظن الذي تكوّن لديه مصدره حالة الغرور الذي وصل إليه، بل أنه أصبح يختار شعراء آخرين ويقدمهم ويشفع لهم ويعتقد أن راية هو الفيصل وكأنه يقرر ان حكمه هو الأخير والأول ويصر على أن يجعل لوجوده هالة من الاشعاع الهلامي له ولكل من نحب لابد من القول أن تجارب السنين أعطتنا رؤية لا أقول نافذة ولكنها مقنعة ويثبت صدقها مع مرور الأيام.. ولهذا لابد من توجيه رسالة محبة لمن على هذا النمط الأدبي.. إياكم والاستعجال واحرصوا على بناء العلاقات الإنسانية المبنية على الاحترام مع الآخرين واحذروا من تضخيم الذات الزائد، فمن تقف أمامهم لتروي لهم حكاية أو تنشد لهم قصيدة.. لديهم قدرة التمييز والانتقاء فاحرص على أن تظهر على الأقل حريصاً على تقديم الأفضل.. بالأمس لاحظت أحدهما وقد تمرد على المفردة الشعرية وعلى ذاته والآخرين ونسي مستواه الشعري وحلق في فضاءات الضياع وحيداً..! ولأننا نحب الخير للكل لابد من القول له.. كن كما كنت ولا تجعل الأوهام والأحلام تأخذ بمسارك إلى هذا الحد من التدني.. لقد كنت متميزاً عن الآخرين ولكن الآن ينظر لك بالكثير من علامات الاستفهام.. ولأنك تقرأ ما وراء الحروف أردت إيصال هذه الرسالة لك لعلها تجد صوتاً المنطق يقظ لديك فما أنت فيه الآن يحتاج لإعادة صياغة.. وصديقك من صدقك.. وهناك ملاحظة لابد من ذكرها.. أن الايماء والايحاء الذي أردت ايصاله إليك.. ولبقية من سلكوا هذا الدرب جاء من باب الحرص عليهم وعليك.. وتأكد أن البقاء للأصلح وعد بذاكرتك للوراء.. واكتشف كما هي كثيرة الأسماء التي أصابها الغرور وتلاشت.. وأكثر منها الذين تكبروا ورموا بالنصيحة وبآراء من قدموهم وهم الآن على هامش الحضور.. وثق أن المجموعة التي تمجدك في حضورك.. أو أولئك الذين تزرعهم في أروقة الأمسيات للتصفيق لك ما هم إلا صناعة ورقية جاءت اجتهاداً منك لا إعجاباً بك.. هؤلاء لا يمكن الثقة بأناملهم.. ورحم الله رجلاً عرف قدر نفسه فوضعها الموضع المناسب.. وأخيراً عندما تضع نفسك في مكان لا يليق بك أو أكبر من مستواها.. فإنك تحرق أوصالك وتتدنى فاحذر من أن تصغر في عيون محبيك لأنك لا تستطيع تعويضها بعيون من يكرهونك!