الرئيس الإيراني حسن روحاني كان المفاوض الرئيسي في الاتفاقية الأمنية التاريخية التي وُقّعت بين الرياضوطهران في إيران واستغرقت عامين من المفاوضات الصعبة والماراثونية بين الجانبين إلى أن تم إمضاؤها في أبريل 2001، تلك الاتفاقية الأمنية نصت على التعاون في مكافحة الإرهاب، والجريمة، وغسيل الأموال، ومراقبة الحدود والمياه الإقليمية. بُنيت الاتفاقية الأمنية على البيان المشترك الأخير بين المملكة وإيران عام 1999م، والذي توّج آنذاك بزيارة للرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، وكانت زيارته نتيجة لسلسلة من اللقاءات السرية والمعلنة والمفاوضات التي قادها آنذاك سفير إيران في ألمانيا محمد حسين موسويان، حدث ذلك في 1996م، البيان الذي تصدرته قضية الاتفاق النفطي، ثم التعاون في القضايا الإسلامية، إضافة إلى تعزيز التفاهم الإقليمي، وتعزيز مبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وإزالة سوء الفهم وحل الخلافات عن طريق الحوار، في حين شدّد الجانبان على احترام سيادة العراق ووحدته، ومناصرة القضية الفلسطينية، وإدانة الإرهاب ومحاربته. وبالرغم من الجهد الذي بذل لإنجاز هذا العمل السياسي، إلا أن كل ذلك ذهب أدراج الرياح، وانهار كل شيء، بل ما حدث هو العكس تماماً. فقد قامت طهران بعكس ذلك كله، لقد ساءت الأمور بشكل لم يسبق له مثيل بين دول الخليج وإيران التي مدت يدها للسلام مع الغرب كأولوية، وتناست أن الجلبة في بيت الجار ستحول بينه وبين النوم الهادئ. إن إحداث تقارب خليجي - إيراني، ليس مستحيلاً ؛ لكن تهيئة الأجواء أمرٌ منطقي لبدء أي حوار استراتيجي راسخ وجدّي.. ونحسب أن دروس الماضي تعلّمنا من أجل الحاضر.. إن القيام بعملية التهيئة أمرٌ بالغ الصعوبة والتعقيد، وإن كانت زيارة الرئيس خاتمي قد استغرق الإعداد لها عامين، ولم تكن الأجواء الإقليمية قد بلغت من السوء ما بلغته الآن. لقد ساهمت إيران في توتّر إقليمي غير مسبوق عبر العراق والبحرين واليمن ولبنان وسورية التي تئن تحت وطأة ميليشيات الحرس الثوري وحزب الله اللبناني. قبل شهر تحدثت ال"غارديان" البريطانية عن رغبة طهران في ترتيب لقاء خليجي - إيراني على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة سبتمبر المقبل في نيويورك، بعد أن أبرمت اتفاقها النووي، وطالعتنا الزميلة "الشرق الأوسط" أول من أمس بحديث لمصدر خليجي قال: إن قطر قدمت مقترحاً لإطلاق حوار خليجي - إيراني، يبدو أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف قد ناقشه خلال زيارته الأخيرة إلى الدوحة لأجل معرفة رأي أعضاء مجلس التعاون. إن القيام بأي خطوة تجاه إحداث تقارب بين دول التعاون الخليجي وإيران أمرٌ لا فائدة منه إذا لم تهيئ الأخيرة الأجواء لقيامه، وإن من غير المنطقي أن يتحدث الساسة في طهران عن ترتيب لقاءات، ثم على أي قاعدة ستكون وما الغرض منها ومن أين نبدأ...؟ لا ندرك تماماً تصوّر إيران عن المنطقة؛ ففريق منها يسوّق للسلام وفريق يموّل الإرهاب، وهذا يعني إما أننا بصدد دولتين داخل إيران أو أننا بصدد دولة بوجهين.