تؤكد المؤشرات في قطاع الاستثمار أن تراجع مؤشر سوق المال السعودي خلال الشهرين الماضيين، سيعمل على إنعاش الاستثمارات الموجهة إلى سوق العقار وتناميها، ويؤكد مختصون أن غالبية المواطنين السعوديين يدركون جيداً الجدوى الاقتصادية من الاستثمار في سوق العقار، بيد أنهم رأوا خلال السنوات الماضية في سوق المال قطاعاً استثمارياً سهلاً، قد يجلب لهم الأرباح الوفيرة في عمليات مضاربية، لا تستغرق سوى دقائق معدودة، إلا أن ما يشهده سوق المال خلال الأسابيع الماضية، يؤكد أنه سوق محفوف بالمخاطر الجمة، ولا يمكن الاعتماد عليه وحده كوعاء استثماري، يستوعب أموال صغار المودعين ويحافظ عليها. وشهدت تداولات سوق الأسهم السعودية خلال الأيام الماضية نسبة مبيعات كبيرة، عززت جانب القلق تجاه مستقبل السوق، بسبب تدني مستوى الثقة في هذا المستقبل على المديين القريب والمتوسط، وبلغت ذروة خسائر سوق المال يوم الأحد الماضي، عندما فقد المؤشر نحو 2.5 في المئة من قيمة السوق، وأغلقت قطاعات السوق ال15 على انخفاضات متباينة تصدرها قطاع النقل، الذي تراجع بنسبة 7.50 في المئة ثم التطوير العقاري بنسبة 4.22 في المئة، وقطاع التشييد والبناء بنسبة 3.60 في المئة، ثم قطاع الاستثمار الصناعي بنسبة 3.54 في المئة، فيما كان قطاع التجزئة أقل قطاعات السوق تراجعاً بنسبة 0.94 في المئة، كما تراجع قطاع البتروكيماويات 3.21 في المئة وقطاع المصارف 1.75 في المئة، والإسمنت بنسبة 1.70 في المئة، وهو ما شجع محللين للتأكيد بأن هذا التراجع ربما تكون بداية لمزيد من الخسائر في المستقبل، وهو ما يدفع صغار المستثمرين إلى بيع ما يمتلكونه من أسهم، والخروج من السوق في أسرع وقت، تحسباً لمزيد من الخسائر. عبدالرحمن المهيدب وقال عبدالرحمن بن عدنان المهيدب الرئيس التنفيذي لشركة وثرة للاستثمار والتطوير العقاري: إن عددا كبيرا من صغار المستثمرين السعوديين يدركون جيداً أن سوق العقارات هو وعاء استثماري جيد، يضمن لهم من الأرباح المستقرة، ويضخ هؤلاء المستثمرون أموالهم في مجالات بعينها داخل القطاع، مثل شراء الأراضي البيضاء، وإعادة بيعها مرة أخرى بأسعار أعلى، والعمل في مجال الصيانة والتشطيب أو المشاركة في بناء المنازل الجاهزة، وإعادة بيعها لمن يرغب، ويحتاج الاستثمار في هذه المجالات إلى المزيد من الصبر والخبرة والدراية بأحوال السوق، لضمان الفائدة. وجذبت سوق المال عدداً كبيراً من صغار المستثمرين السعوديين، للاستثمار فيها، بعدما حققت السوق الكثير من المكتسبات مع بداية طرح عدد كبير من الشركات لأسهمها للاكتتاب العام فيها، حيث رأى المستثمرون في سوق المال ملاذا آمنا للاستثمار الجيد والسريع في الوقت نفسه، وهو ما جعل عددا كبيرا من مستثمري قطاع العقار يحولون بوصلتهم صوب سوق المال، ويتركون العمل في العقار، بحثاً عن المكسب السريع، ولكن في عام 2006، حدث انهيار في سوق المال، وخسر غالبية المستثمرين أموالهم، فعاد جزء كبير من المستثمرين إلى سوق العقار، بحثا عن الأمان الاستثماري. وتشير التحليلات إلى أن قطاع العقار السعودي يستعد لطفرة كبيرة، خلال الشهور المقبلة، معتمداً على أزمة السكن في البلاد، والحرص الحكومي على حل هذه الأزمة، وتوفير المساكن لجميع المواطنين، ويرى المختصون أن أزمة السكن سيكون لها فائدة كبرى، بدفع الجميع إلى مزيد من العمل في مشاريع السكن، مؤكدين أن قرار وزارة الإسكان بفتح المجال أمام شركات التطوير العقاري للعمل في مشاريع السكن، سيكون له مردود إيجابي على أقطاب القطاع، متوقعين أن يعمل ذلك على تحويل دفة الكثير من الاستثمارات من سوق المال صوب قطاع العقار الذي أثبت أنه الأفضل استثمارياً والأكثر استقراراً. في الوقت نفسه، أفاد تقرير اقتصادي أن حجم الاستثمارات الخارجية في قطاع العقارات السعودية يشهد تزايداً كبيراً، بسبب النشاط الكبير الذي ينعم به قطاع العقارات في المملكة من وراء الدعم الحكومي لإسكان المواطنين، وذلك بالإضافة إلى الحراك الاستثماري من القطاع الحكومي ومن القطاع الخاص في المرافق والمنشآت العقارية الأخرى مثل الفنادق ومراكز التسوق ومجمعات السكن وغيرها، ولفت التقرير إلى أن القطاع العقاري السعودي بات من النقاط المضيئة في المنطقة بما يخص الاستثمارات العقارية، ما يدفع الشركات الأجنبية إلى التوافد وبقوة إلى المملكة العربية السعودية للعمل والمشاركة في جهود البناء والتطوير، وبين التقرير الذي أصدرته شركة المزايا القابضة أن تطوير التشريعات وتحسين ظروف السوق العقارية وخصوصًا إقرار قانون الرهن العقاري وغير ذلك من التسهيلات سيكون له الأثر الأكبر في استقطاب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، في وقت تقدر فيه التقارير أن نحو مليون وحدة سكنية سيتم تطويرها في السعودية وحدها في السنوات المقبلة، وذلك لسد النقص الحاد في العقارات، وخصوصا في العقارات المتوسطة والاقتصادية المخصصة لشرائح السعوديين من الشرائح متدنية ومتوسطة الدخول في بلد يشهد نموا اقتصاديا ملحوظا في القطاعات الاقتصادية كافة، وليس فقط في القطاعات النفطية التي تتأثر بارتفاع أسعار النفط العالمية السائدة حاليا.