امتزجت دماءهم الطاهرة بمصاحف المسجد في لحظة غدر وجنون، إعصار شيطاني بمسمى التقرب لله، تقف حائرا تحاول أن تفهم السبب .. وتتساءل لماذا كل هذا الجنون والانحراف عن أبسط بديهيات المنطق؟ تمتد حيرتك وأنت تحاول فهم كيفية تحويل هذا الكيان البشري إلى روبوت مسيس يتحكم بإرادته آليا". حطب داعش.. أولئك الصغار والمراهقون الذين حملوا حقائبهم.. ورحلوا الى أرض المجهول، نمساوية تبحث عن الشهرة والمغامرة، ألماني وعد بأربع زوجات، وخليجي وعد بالجنة ومابين تائه في هذه الحياة ومدمن ومكفر سارت قافلة الوهم الى أرض نبتها شيطاني يتجذر في كيانهم لا يستطيع الخلاص منها الا من رحم ربي. هذا التنوع يثير استغرابك كيف استطاعوا الانتشار بهذه السهولة في لحظات غفلتنا، القضية هي ليست بيئة أو ثقافة محددة واحدة فهم من بيئات مختلفة لكنها تتفق بالفئة العمرية، نصل الى أن خطابهم لكل بيئة كان من أناس ينتمون إلى نفس البيئة أو أنهم يعرفونها تماما لتبدأ الخطوة الأولى في مرحلة غسيل الدماغ، غسيل الدماغ هي الاستراتيجية الأساسية لهذا التنظيم الوحشي في اقناع هؤلاء بالانضمام اليه. غلف كل أهدافه بمكاسب دنيوية ودينية. الخطاب الديني هو الصبغة الرئيسية التي استطاع أن يتسلل هؤلاء من خلالها إلى أبنائنا وهم عنه أبعد، تمكن وسطاؤهم من خلاله التأثير على مراهقينا الذين لا يملكون أسسا دينية صحيحة تحصنهم من أفكارهم فسهل انجذابهم لمستنقع الإرهاب وإعادة تشكيل أفكارهم ليتحولوا لشخصيات مسلوبة الإرادة قنابل موقوتة تسير بالريموت كنترول (بمعنى اخر قطعة حطب داعشية تمارس به جنونها) لا تدري متى وأين تنفجر وهم منتشون بحياتهم بشريط فيديو يبث بعد احتراقهم يظهرهم كأبطال ومخلصين لهذا العالم. معادلة غير موزونة للموت والحياة والجنة والنار والإيمان والكفر كلها امتزجت بفكرهم وسيطرت عليهم. غسيل الدماغ يحتاج الى استعداد نفسي أو معرفي وهنا نصل الى ضرورة التحرك لصياغة مبادرات تحمي وطننا وابناءنا منها لأننا جميعا مستهدفون، ليست مبادرة واحدة بل يجب أن يكون الخطاب متنوعا وقائيا لصغارنا وآخر لمراهقينا وخاصة ممن لديهم استعداد نفسي وممن يعانون من الحرمان العاطفي ومشاكل اسرية، وخطاب ممن يتوهمون أنهم يملكون أرضية دينية صلبة وهم بالحقيقة أرضية هشة تتسرب أفكار الضلال لها بسهولة والأصعب هو الخطاب لمن يمتلكون فكرا" تكفيريا راسخا لم يؤثر عليهم أحد ويظنون أنهم يدافعون عن قضية عادلة، المسؤولية كبيرة لا تتحملها الدولة لوحدها، فهي كانت ولاتزال تسعى وتطرح مبادرات مكافحة الإرهاب والغلو، وأهمها مبادرة مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية تلك المبادرة التي تولدت باقتناع مباشر من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية. هذه الجهود المتميزة من قادة وطننا تحتاج إلى كل فرد بوطننا الغالي ليدعمها ويساهم برسم لوحة حب الوطن، فحب الوطن ليس شعارات ترفع، أو لحظة حزن عابرة على شهداء الوطن، أو قصائد تلقى أو صراع في وقت يحتاج تكاتف الجهود بل هي التآخي وتقبل الآخر وانطلاق روح العمل المشترك لبناء أرضية نستطيع من خلالها تجاوز هذا المنعطف الخطير في تحوّل أبنائنا إلى حطب داعش.