فريق «حنا بخير» لدعم الأمن الفكري في المنطقة الشرقية في هذه الندوة سلط الضوء على مفهوم الأمن الفكري، وتطرق إلى محور «دور الجامعات في دعم برامج الأمن الفكري»، ثم عرج على الأسباب التي دفعت بعض الشباب للانحراف الفكري، وكيفية تلافي هذه الأسباب وتجنبها، وبعدها انتقل إلى محور الآلية الوطنية لعلاج الانحراف الفكري، والنجاحات التي حققتها هذه الآلية، وكيفية دعمها ورفدها بما هو مطلوب، ومن ضمن المحاور أيضا، لماذا يذهب الشباب إلى الجهات المشبوهة للقتال فيها؟، ثم انتقل إلى المحور الأخير، وهو مبادرة «حنا بخير» ودورها في دعم برامج الأمن الفكري وحماية الشباب من مخاطر التطرف الفكري، ومعالجة أي أخطاء موجودة في المجتمع، ونأمل أن نعطي كل محور من هذه المحاور حقه من البحث والتمحيص والدراسة، للوصول إلى صيغة مناسبة، من الممكن أن تكون قابلة للتطبيق والاستفادة منها، في دعم برامج الأمن الفكري لشبابنا في مجتمعنا السعودي ودعونا نبدأ من المحور الأول وهو تعريف «الأمن الفكري» ومفهومه لديكم في مبادرة «حنا بخير». الأمن الفكري يقول الشيخ خالد الزهراني عضو الهيئة العالمية للسنة النبوية: بداية نشكر صحيفة «اليوم» ممثلة بملحقها آفاق الشريعة على هذه الندوة وعلى المحاور التي تطرحها، وإن كنت أرى أن كل محور يحتاج إلى ندوة خاصة به، ولكن نأمل أن نسلط الضوء على هذه المحاور مجتمعة بشكل جيد، وبالحديث على مفهوم الأمن الفكري، نجد أن له أربعة مفاهيم مختلفة، وهذا يؤكد أنه لا توجد نقطة ارتكاز لمفهوم الأمن الفكري، ننطلق منها في تعريفه العام، وكلمة «الأمن الفكري» لم تطلق إلا في المملكة العربية السعودية، بعد ظهور عمليات إرهابية فيها قبل عدة سنوات، وبالانتقال إلى الأمن الفكري، نجد أنه عبارة عن مجموعة نظم وآليات، تؤدي إلى بث بعض الأفكار التي تحمي الفكر من الانحراف، وهذا أفضل تعريف وجد ل»الأمن الفكري»، وهناك تعريفات أخرى، تقول إن الأمن الفكري هو حماية الفكر من الانحراف، سواء كان هذا الانحراف في السلوك أو الدين أو الأخلاق أو انحراف عام أو انحراف خاص، وما نستوعبه من هذه التعاريف، أن هناك أمورا دينية واجتماعية وسلوكية، تستهدف جميعها تقويم الأمن الفكري، ونحاول تجميع هذه الأمور في بوتقة واحدة للوصول إلى صيغة محددة لتعزيز الأمن الفكري، وحمايته من الانحراف، ونحن لا يعنينا التعريف في حد ذاته، وإنما يعنينا ما هو خلف هذا التعريف من أمور وخطوات إيجابية، تعزز الأمن الفكري لدى الأفراد، ونحن نهتم أكثر بفئة الشباب، فكما نعلم أن فئة الشباب في المملكة العربية السعودية هي أكبر الفئات عدداً، وهي كذلك في غالبية الدول العربية، وهؤلاء الشباب من الصعب جدا إقناعهم بأمر ما، ويحتاجون إلى مجهود كبير ومضن. ونحن في المبادرة، نحرص على مناقشة أمور كثيرة، من بينها على سبيل المثال، قضية زواج المبتعثين من أجنبيات، وتأثير ذلك على الأجيال في المستقبل، وتشتيتهم بين موطن الأم والأب، ونحاول أن نوجد آليات عمل مقننة، تحل كل الإشكاليات التي نجدها. الأفكار الهدامة تعريف الأمن الفكري يعتمد على عدة جوانب تخص الحالة والظروف الأمنية في بلد ما، والتي قد تختلف من بلد إلى آخر، وقد وجدنا عدة تعريفات للأمن، فهناك الأمن السياسي، والأمن الاجتماعي وغيرهما، وفقدان الأمن الفكري يسبب تلوثاً في الأفكار، يصاب به الشخص، فيجلب الأخطار إلى المجتمع الذي يعيش فيه، وقد رأينا سيدنا إبراهيم عليه السلام، عندما أراد أن يستقر في مكةالمكرمة، طلب من الله عز وجل أن يجعل هذا البلد آمنا، وهو المطلب الرئيسي لسيدنا إبراهيم قبل مطلب استقرار العبادة، والاستقرار الأمني مهم جدا، وهو أحد بنود الأمن الفكري، والسؤال هنا.. لماذا أصيب بعض الشباب بخلل في الأمن الفكري؟، رغم أنهم تعلموا في المدارس التي تعلمنا فيها، وعاشوا نفس المعيشة التي نعيشها الآن، ولكن سلوكهم شابه بعض الانحراف، وانضموا إلى الجماعات المتطرفة ليقاتلوا معها. وأضاف سليمان أبو حيمد طالب في المرحلة الثانوية: أعتقد أن من أهم الأسباب هو تأثير بعض الشيوخ من ذوي الأفكار الهدامة والرؤية الخاطئة على بعض الشباب الذين يؤمنون بهم ويصدقونهم في كل أمر، دون إمعان النظر، فيتأثرون بحديثهم، وينحرفون عن المسار الصحيح، متأثرين بفتاوى وأفكار هؤلاء الشيوخ. ويضيف ثامر القحطاني طالب بجامعة الأمير محمد بن فهد: أعتقد أن لمواقع التواصل الاجتماعي تأثيرا سلبيا على بعض الشباب، الذين قد يؤمنون بأفكار العنف، التي يروجها البعض في هذه المواقع، وقد رأينا تأثير هذه الأفكار على الشعب المصري في أعقاب الثورة التي قام بها، ولدينا في المجتمعات الإسلامية، قد تنتشر الأفكار الهدامة والمنحرفة بسبب مواقع التواصل الاجتماعي، وأكبر دليل على ذلك جماعة داعش التي تتحكم فيها الأفكار المنحرفة والخاطئة. سعد الحربي طالب هندسة بجامعة الدمام قال: انحراف بعض الشباب قد يكون بسبب عدم وجود أهداف عامة، يسعون إلى تحقيقها في حياتهم، وهذا في حد ذاته مصدر هدم لأي إنسان، يشعر أنه ضائع في هذه الحياة، ولا توجد له أهداف يعيش من أجلها، ويجتهد من أجل تحقيقها، كما أن بعض الشباب لا يعيش بطريقة سليمة، وقد يواجهون ضغوطا كبيرة عليهم من أسرهم، فينشأون بطرق خاطئة، ويتجسد هذا الخطأ في عدم تقبل آراء الآخرين، وعدم القدرة على محاورتهم الحوار البناء الهادف. ويرى عبداللطيف التمّار موظف قطاع خاص أن العلمانية المفرطة أو الليبرالية المفرطة هو تطرف فكري، وتحتاج إلى برامج أمن فكري، يعمل على العلاج، وأعتقد أن النماذج الموجودة اليوم لبعض الجماعات الحالية، خير دليل على الانحراف الفكري لدى بعض من يدعون الإسلام، مثل داعش أو القاعدة وغيرهما من الجماعات التي شوهت الإسلام بفكر منحرف، هذا الفكر قد يجعل صاحبه يكفر المجتمع، وهذا الأمر يتجسد في داعش الذين يحملون راية الإسلام، ولكن في الحقيقة هم بعيدون عنه نهائياً، ولا يمثلونه ولا يتحدثون باسمه، وليس لديهم ما يثبت أن تصرفاتهم وأفعالهم من الإسلام أصلا، ومن الأسباب أيضاً لنشر الفكر الضال لدى بعض الشباب، قلة المراقبة والوعي، فالشخص إذا تُرك دون مراقبة وإذا أُهمل، قد ينحرف عن جادة الصواب، وقد يؤمن بأفكار غير سوية، وينخرط في جماعات يرى أنها على صواب، رغم انها ترتكب الأخطاء، التي يتم تبريرها على أنها من الإسلام. التواصل الاجتماعي هل ترى أن الذين يحصلون على فرص ابتعاث للخارج يتم تحصينهم من ناحية الأمن الفكري قبل الابتعاث أم أنهم يرجعون إلى الوطن حاملين معهم أفكاراً متغيرة؟ يعتقد بدر العضيان أخصائي طبي بمستشفى قوى الأمن أن الذين يتم ابتعاثهم للخارج يتأثرون أخلاقياً أكثر منه عقائديا؛ نظراً لتغيير طبيعة المعيشة هناك، والانفتاح الذي تشهده غالبية دول الابتعاث، وبالتالي هؤلاء بحاجة إلى أمن فكري بقدر حاجتهم إلى أمن أخلاقي، يحميهم من الانحراف الأخلاقي، ويدفعهم للاستفادة من الإيجابيات الموجودة هناك، والابتعاد عن السلبيات. ما هو تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الشباب، وقدرة هذه المواقع على بث الأفكار المنحرفة ومن ثم إقناع الشباب بها والسير على نهجها.. وكيف لنا أن نحد من تأثير هذه المواقع على المجتمع؟ سلمان الراجح طالب ابتعاث أضاف: إن الأفكار المنحرفة والضالة توجد بكثرة في مواقع التواصل الاجتماعي، كما توجد أيضا الأشياء المفيدة والصالحة، ولكن أعتقد أن أوقات فراغ الشباب قد تلقي بهم في أحضان أصحاب الفكر المنحرف والضال، يضاف إلى ذلك أن هناك طرقا عدة لإقناع الشباب بهذه الأفكار والخزعبلات، إلى حد الإيمان بها، مثال ذلك، عمليات القتل الجماعي التي تمارسها داعش ضد الأبرياء، هي نتيجة أفكار منحرفة آمن بها منسوبو هذا التنظيم، ويحرصون على تنفيذها، مؤمنين بأن لهم الجنة ونعيمها نظير ما يرتكبونه من تصرفات، لذلك لا بد من مواجهة هذه الأفكار وهذه التيارات عبر الفكر المضاد، وعبر التوعية المستمرة، وهذا دور الأسرة والمسجد والمدرسة ووسائل الإعلام بكل أنواعها. برامج المناصحة من الأشياء اللافتة للنظر، سرعة تحول بعض الأشخاص من أشخاص أسوياء مسالمين، قد لا يستطيعون رؤية منظر الدم أمامهم، إلى أشخاص مقاتلين، قد يمسك الواحد منهم سكينا ويذبح شخصا آخر وهو يردد قول «لا إله إلا الله».. ما هو تفسيركم لهذا التحول السريع؟ الشيخ د. خالد الزهراني قال: هناك قضية مهمة جدا، يجب أن نأخذها في الاعتبار بالبحث والدراسة، وهي قضية الخوارج وتأثيرهم على أفراد المجتمع، هؤلاء الخوارج ومن خلال أفكارهم التي يؤمنون بها، قد يقتلون المسلم مثلهم، وقد يكفرون من يخالفهم الرأي، وظهور الخوارج كان في القرن الأول للهجرة، ولذلك لا نستغرب أن يكون تأثيرهم على المجتمع من حولنا كبيراً وعميقاً منذ فترة، وأتفق مع الدكتور البيشي عندما ذكر أن تحول الشخص من حالة السلم إلى حالة العداء، تكون سريعة، وهذا يجعلنا نحن كمختصين حريصين على معرفة أسباب ومراحل هذا التحول، ومعرفة علاج كل مرحلة. وهناك ملاحظة يجب أن أشير إليها، وهي أن التطرف الفكري والانحراف العقائدي ليس فقط عند المسلمين، وإنما يوجد أيضا عند غير المسلمين، الذين لديهم أخطاء عقائدية، ولدينا اليوم نماذج من التطرف الفكري الواضح لدى اليهود والنصارى وغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى، وقد يتجاوز التطرف لديهم ما لدى المسلمين، ولكن للأسف، نجد أن وسائل الإعلام تسلط الضوء فقط على تطرف المسلمين، وتظهر ما لديهم من عيوب وأخطاء وغلو عقائدي، ومن هنا ظهر ما يسمى «فوبيا الإسلام»، وهو اسم علمي يعني الخوف والتوجس من الإسلام، وهذا ما سعت وسائل الإعلام لنشره في العالم، ويبدو أنها نجحت في هذا الأمر. وتبذل المملكة جهوداً كبيرة لتعزيز الأمن الفكري في البلاد، فأنشأت وزارة الداخلية لجنة أطلقت عليها «المناصحة» التي تسعى لتوجيه النصح والإرشاد للشخص صاحب الفكر الضال أو غير السوي، والسعي لإعادته إلى جادة الصواب، من خلال جلسات عدة، تحاول أن تعيد صياغة بعض الأفكار الضالة لديه، وتقويمها، وقد وجه البعض الانتقاد لوزارة الداخلية بأن لجنة المناصحة غير مفيدة وغير مجدية، وهذا اتهام خاطئ، خاصة إذا علمنا أن عدد الذين يخضعون لبرامج المناصحة، ثم يعودون إلى الفكر الضال، تتراوح بين 10 و12 في المائة، وهي نسبة بسيطة وغير مقلقة أبداً، في المقابل، نجد أن من يعودون إلى السرقة بعد نصحهم يزيد على 60 بالمائة، وعودة المدمنين الذين ينتكسون بعد العلاج من الإدمان، يتجاوز 91 في المائة، وهي نسب كبيرة أمام عودة أصحاب الفكر الضال إلى اتباع هذا السلوك بعد نصحهم. وقال فهد الزعبي أخصائي طبي بمستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام: لا توجد وسائل جذب للشباب للجماعات الإرهابية، بقدر وجود أوقات فراغ كبيرة لدى الشباب، هذه الأوقات قد تدفع البعض منهم إلى التعامل مع بعض الجماعات المتطرفة، والإيمان والتصديق بما يقال لهم، يضاف إلى ذلك أن لدى الجماعات المتطرفة وسائل إقناع وجذب ولفت نظر لبعض الشباب الذين ليس لديهم أي طموحات يسعون إلى تحقيقها، وبالتالي لا يجدون أمامهم سوى تلك الجماعات التي تستقبلهم ببرامج لغسيل أدمغتهم، وإعادة حشوها بأفكارهم الضالة ورؤاهم الضالة، وبعض هذه الجماعات قد توفر للشاب الأشياء التي يبحث عنها، مثل المال أو الوظيفة أو السكن، فتمتلكه بهذه الأشياء ويكون طوعا لها، يلبي ما تأمره به. وبالنسبة للجزء الثاني من السؤال، وهو دور الدولة لصد وكشف ألاعيب هذه الجماعات، فنرى أن الجهات المعنية تحتاج للمزيد من وضع الخطط للفت أنظار الشباب إليها، وإقناعهم بعدم التوجه إلى هذه الجماعات، ولكن أستشعر أن هناك توجهات جديدة للشباب، بأن يغيروا أنفسهم، ويبتعدوا عن الخطر كلياً، بالانخراط في برامج توعية، وتعديل السلوك والأفكار. الثقافة والوعي كيف تجذب داعش الشباب للانخراط فيها، علما أن ما تصنعه داعش من قتل وتدمير وذبح أبرياء كان يفترض أن ينفر الشباب منها؟ تطرق سعد الحربي: هناك أسباب تجعل الشباب ينجذبون إلى داعش، من هذه الأشياء البطالة التي يعاني منها الكثير من الشباب، وأوقات الفراغ كما ذكر زميلي خالد قبل قليل، يضاف إلى ذلك ضعف الوعي لدى بعض الشباب، وعدم وجود قدر معين من الثقافة والوعي الكفيل بحماية الشباب من الوقوع ضحية لجماعات التطرف والغلو، كما أن رجال الدين لم يقوموا بما هو مطلوب منهم من خلال توعية الشباب وتنويرهم ونصحهم وإرشادهم، حيث يتبعون آليات غير متطورة أو مقنعة، فما كانوا يتبعونه قبل 10 سنوات، يتبعونه اليوم، دون أي تحديث للوسائل والآليات والمنهج، وبالتالي من الصعب أن يقنعوا الشباب بوجهة نظرهم، أو جذبهم، صحيح أن بعض الشيوخ يتعاملون مع مواقع التواصل الاجتماعي، ولهم حسابات فيها، ولكن هذا غير كاف، إذ لا بد من اللقاءات والتحاور والمواجهة وجها لوجه في المحاضرات والندوات، وليس عبر شاشة الكمبيوتر. وتحدث عبداللطيف التمّارقائلا: الدولة -أعزها الله- مطالبة بفرض رقابة على الشباب، لحمايتهم من المتربصين بهم، من أصحاب الفكر الخبيث والهدام، والشيوخ ورجال الدين مطالبون أيضا بالتواجد في كل مكان يذهب إليه الشباب، والجلوس معهم ومحاورتهم، وهذا الأمر ينطبق أيضا على المساجد والمدارس والجامعات، التي ينبغي أن تقوم بدور توعوي وتثقيفي، لتوعية الشباب. آراؤهم ومعتقداتهم ننتقل إلى محور جديد، وهو أسباب الغلو، وأقصد به التطرف في الفكر، الذي قد ينقل صاحبه إلى التكفير والعنف، وهناك التساهل، وأعني به العلمانيين أو الليبراليين والملحدين الذين قد ينتقدون الإسلام ويهاجمونه لبعض شروطه أو أحكامه.. وسؤالي ما هي الأسباب التي دفعت الشباب إلى التساهل والارتماء في أحضان الإلحاد، لدرجة أن البعض قد يتباهي بأنه علماني أو ليبرالي..وما هو دور الدولة تجاه هذا الأمر وما يجب أن تفعله؟ أضاف ثامر القحطاني: بالنسبة للذين يتساهلون في الدين، نجد أنهم قد يتمادون في هجومهم على الدين الإسلامي، كلما وجدوا من يوافقهم على آرائهم ومعتقداتهم، وكلما استشعروا الأمان في عدم المساس بهم أو معاقبتهم على ما فعلوه، وهؤلاء بالتأكيد قد وقعوا تحت تأثير أفكار ومعتقدات مشوهة، جعلتهم يميلون إلى التساهل في الإسلام، وأرى أن الوقوف لمثل هؤلاء من قبل أفراد المجتمع كافة والجهات الرسمية، يحد من مهاجمة هؤلاء للإسلام أو الرسول أو الذات الإلهية. ما هي الخطوات التي يجب أن تتبعها الجهات الرسمية للحد من تساهل هؤلاء الشباب والتوقف عن مهاجمة الإسلام؟ أوضح سعد الحربي قبل أن تقوم الجهات المعنية بأي دور للحد من ظهور هؤلاء الأشخاص في مجتمعنا، أنصح الأسرة وتحديداً الأبوين بالاهتمام بأطفالهم وتربيتهم التربية الصالحة وتنشئتهم التنشئة المباركة، التي تتسم بالاعتدال والتسامح وعدم الغلو أو التطرف، لأن هذه التربية هي الضمان الوحيد، لحماية الأطفال من الانحراف والتطرف الفكري والعقائدي، والتربية الصحيحة تعتمد على أسس لا بد منها، وهي تفعيل مبدأ الشفافية والصراحة بين الأبناء وآبائهم، وأن يكون الأب صديقاً للابن، الأم صديقة لابنتها. وأضاف عبد اللطيف التمّار: انتشار الليبرالية أو ظهورها يأتي من ضعف الوازع الديني لدى البعض، فيتجه للخوض في أفكار غريبة ومعتقدات غير سوية، أو يؤمن بأشياء غير منطقية من باب التجربة، التي يدخلها فيؤمن بها، وتروق له، ويواصل المسير فيها. كراسٍ علمية تنتشر كراسي الأبحاث العلمية في الجامعات السعودية، وتتناول الكثير من الدراسات والأبحاث ومن بينها كرسي للأمن الفكري في جامعة الملك سعود.. هل اطلعتم على برامجه وما هو المطلوب من القائمين على هذا الكرسي؟ سعد الحربي قال: حقيقة، لا نعلم شيئاً عن برامج هذا الكرسي وما يقدمه للمجتمع، وبالنسبة للمطلوب من هذا الكرسي في المرحلة المقبلة، هو القيام بمزيد من الأبحاث والدراسات التي تساعد وتعين على معرفة أسباب انتشار الأفكار الهدامة التي تعكر الأمن الفكري للشباب، وأن تتواكب هذه الأبحاث مع المستجدات الآنية، وتتماشى معها، حتى تكون مقنعة للشباب ومؤثرة فيهم وتأتي بمردود إيجابي. أنتم طلاب في مدارس سعودية.. هل تستشعرون أن مدارسكم لديها برامج لتعزيز الأمن الفكري وتوعية طلابها في هذا الجانب، وهل خضعتم لمحاضرات أو ندوات تنافش الأمن الفكري داخل مدارسكم؟ سليمان ابو حيمد يقول: المدرسة التي أدرس فيها، توجد بها برامج توعية دينية مكثفة، ولكن لا توجد بها برامج توعوية للأمن الفكري، ولكن أعود وأؤكد على أهمية دور تربية الطفل في أسرته، والأفكار التي اكتسبها من والديه. خالد الزهراني: حديثكم عن كرسي الأمن الفكري في جامعة الملك سعود مهم في إطار الموضوع الذي نتحدث عنه اليوم، وعندما لا يطلع أعضاء «حنا بخير» على فعاليات هذا الكرسي وبرامجه، فهذا خلل كبير نقر ونعترف به، ونأمل في المرحلة المقبلة أن نعالج هذا الخطأ، ونطلع شباب المبادرة على جديد الأبحاث والدراسات التي يجريها الكرسي، لتحقيق الاستفادة منها في جانب التوعية وتقويم السلوك، وتتحقق هذه الاستفادة عبر قيام أعضاء المبادرة بالاطلاع على هذه الأبحاث، والقيام بتلخيصها، لأن التلخيص معناه أن الشباب قد هضموا مضمون الأبحاث ونجحوا في تلخيصه. نقطة أخرى أريد أن أتطرق لها، وهي أنه كلما ابتعد الإنسان عن شرع الله وسنة نبيه، والطريق القويم، كما اقترب إلى خطر الافكار الهدامة والمعتقدات الخاطئة، وهذه قاعدة شرعية نسير عليها ونؤمن بها، وهي أيضاً معيار للعديد من الحالات محل الدراسة والبحث، على سبيل المثال، نجد أن الشخص البار بوالديه، غالباً من يكون سوياً ومتسامحاً مع نفسه، وملتزما بواجباته كإنسان مسلم، ولكن أعود وأكرر ما ذكره بعض الزملاء بأهمية دور الأسرة في تربية الأبناء التربية الصحيحة، هذه التربية هي الأساس في إيجاد جيل مثقف وواع ومتدين ومعتدل، وقد انتقدني بعض الذين يرون أن الشباب الذين يذهبون للقتال في الخارج، خضعوا للتربية داخل أسهم، وكان ردي أن هؤلاء قد تلقوا تربية ولكنها خاطئة أو غير منضبطة، وهناك مثال على ذلك، في بحث أسري أجريته قبل 13 عاماً، ووصلتني فيه شكاوى عدة من بعض الشخصيات، منها شكوى رجل أن زوجته تعبد الشمس في حفر الباطن، وأنه ضبطها تفتح الشباك، وتسجد للشمس أمامها، ومن خلال حديثي مع زوجها لمدة أسبوع، عرفت أن الزوجة تجيد اللغة الانجليزية، وأنها كانت تفتح مواقع لجمعيات غربية تجري أبحاثا عن أشياء شاذة ومنحرفة، وقد تأثرت الزوجة بهذه الأبحاث وآمنت بالأفكار الموجودة فيها. وسائل الإعلام ننتقل إلى محور آخر، وهو دور وسائل الإعلام وتأثيراتها على المجتمع في بث أفكار بعينها، فيؤمن بها البعض ويتأثرون بها، ولا ننكر أن بعض وسائل الإعلام قد تتجاهل الإيجابيات والمزايا، وتركز فقط على الجوانب السلبية والأشياء الشاذة مما يقد يؤثر سلبا على أفراد المجتمع.. فما هو رأيكم؟ قال فهد الزعبي: هناك بعض الإعلاميين السعوديين يركزون فقط على الجوانب السلبية، ويتجاهلون الجوانب الإيجابية وهم قليل، وربما يرجع هذا الأمر إلى رغبة الإعلاميين في تفعيل جانب الإثارة أو تعزيز الجانب التسويقي وجذب المزيد من الإعلانات إذا كانت الموضوعات غريبة ولافتة للنظر، يضاف إلى ذلك أن الاعلام يخطئ عندما يضخم موضوعاته حول الجماعات المتطرفة، مثل داعش، التي ينقل أخبارها ومقاطع الفيديو التي يقتل فيها ضحاياه، ويتعمد أن يخلق هالة حول تصرفات داعش وعملياتها، كأنها قوة عظمى ومخيفة وقادرة على فعل المعجزات، وتناسى هذا الإعلام أن داعش يعتمد على الشهرة وذيوع الصيت حول كل شيء يفعله، وللأسف يساعده الإعلام على تحقيق ذلك، بتضخم كل ما يصنعه أفراده، وهنا أتساءل.. لماذا لا يتم الاتفاق بين وسائل الإعلام على وقف نشر أخبار داعش، أو التعامل معها بدون ضخامة أو مبالغة، مع عدم نشر مقاطع داعش؟، لو لم يعط الإعلام هالة إعلامية لداعش، لما انتشر هذا التنظيم الذي شوه الإسلام؟. وأضاف سعد الحربي: وسائل الإعلام تسلط الضوء حالياً على داعش فقط، وترفض أن تسلط نفس الضوء على بقية الأطراف المنحرفة، وهذا اهتمام غير عادل من وسائل الإعلام، الذي يظن أن المواطن غير مدرك لما يدور حوله، وأنه غير واع لحقيقة الأمور. وتحدث الشيخ د. خالد الزهراني: وسائل الإعلام في شبكات التواصل بحاجة إلى حملة توعية وتثقيف لما ينبغي أن تقوم به أمام تصرفات الجماعات المتطرفة، وكيفية نقل أخبارها وطريقة صياغتها ونقلها للمتابع أو المشاهد، مع الوضع في الاعتبار أهمية تفويت الفرصة أمام مخططات هذه الجماعات وما ترغبه من وسائل الإعلام، فعندما تسرب جماعية داعش فيديو ذبح بعض الأفراد، فهم يريدون عمل دعاية لهم بأنهم يقتلون من أجل الدين، وهنا يجب ألا نلبي لهم ما يسعون إليه. شباب الخير مبادرتكم تحمل مسمى «حنا بخير».. فما هي أهداف هذه المبادرة التي تسعى لتحقيقها على أرض الواقع؟ ولماذا تحرصون على أن يكون الشباب كله بخير؟ فهد الزعبي قال: «حنا بخير» يعد الفريق الأول من نوعه على مستوى المنطقة الشرقية وأيضا على مستوى المملكة تحت مظلة جمعية العمل التطوعي، سواء من حيث الفكرة القائم عليها عملنا، أو بالنسبة لآلية الطرح والتطبيق، والفريق اقتبس مسماه من إحدى خطب الملك عبدالله بن عبد العزيز -يرحمه الله- قال فيها: «دام أنتم بخير.. حنا بخير»، وفريق «حنا بخير» نشأ على فكرة نبذ الإرهاب والبعد عن المغالاة والغلو والتطرف بكل أشكاله وصوره، ونسلك لتحقيق هذه الأهداف، تغيير نمط التفكير لدى الشباب، وتعزيز جانب الإرشاد العرضي والتوعية والنصح والتثقيف لدى أفراد المجتمع، وحرصنا في المبادرة على أن نتواصل نحن الشباب مع الشباب مثلنا، لأن هذا الأمر يعزز جانب الاقناع لدى الشباب المستهدفين، بخلاف التواصل بين الوزارات المختلفة والشباب، ولدينا برامج وفعاليات نجهزها للشباب كافة، تعالج بعض السلبيات والأخطاء الفكرية لدى البعض منهم، ومن الفعاليات التي نجهزها البرنامج الحواري، ويقصد بهذا البرنامج أن ينزل فيه المسؤول من مكتبه للميدان، ويلتقي الشباب ويتحاور معهم ويتعرف على مشكلاتهم وطبيعة قضاياهم بنفسه، وأعتقد أن فكرة المبادرة حديثة وجديدة، ولم يسبقنا إليها أحد في الشرقية. وهي بإشراف الدكتور الشيخ محمد البيشي وتفضّل مفتي الشرقية الشيخ خلف المطلق أن أصبح عضوا معنا ومستشارا شرعيا لجميع أعمالنا، وتشرّفت أن أكون قائداً للفريق مع مجموعة من خيرة الشباب وستكون مبادرتنا عاكسة لبيئتنا الشرقية. سعد الحربي تحدث عن البرامج التي تقدمها المبادرة هي برامج ثقافية وتوعوية، تهدف إلى توعية الشباب، وتوضيح بعض الأمور لهم، ونصحهم بضرورة الاعتدال في التفكير ونبذ العنف والإرهاب والبعد عن التطرف والمغالاة، واعتماد التسامح وتعزيز مبدأ الوسطية. وأضاف فهد الزعبي: المبادرة تجهز لورشة عمل تركز على ثلاث نقاط رئيسية، وهي الدراسة والأسرة والأمن الفكري، وستكون إقامة هذه الورشة بالتعاون مع الجامعات السعودية والجهات الرسمية، كما نطلب الدعم من وزارة الداخلية بابتكار أفكار جديدة، تعزز جانب الأمن الفكري. تعزيز الأمن ما هي الوسائل التي تستخدمونها في إيصال أفكاركم وفعالياتكم للفئات المستهدفة؟ قال فهد الزعبي: نستخدم كل وسائل الميديا المتاحة، من وسائل تواصل اجتماعي، مثل الانستجرام، وتوتير، وفيس بوك، وهي وسائل يقبل عليها الشباب بالتعاون مع رعاية الشباب، إضافة إلى القنوات الرياضية التي يقبل عليها الشباب لمتابعة الأنشطة الرياضية. ما هي التطلعات التي تحتاج إليها المبادرة وتناشدون سمو أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بتوفيرها لتعزيز الأمن الفكري في المنطقة؟ سلمان الراجح قال: تفعيل وسائل الترفيه في المنطقة والتي قد تغنيهم عن ارتياد مواقع التواصل الاجتماعي وما بها من أشياء ضارة وغير مفيدة، تهدد الأمن الفكري. وأشار عبداللطيف التمّار إلى أننا نحتاج إلى استقطاب الشباب وجذبهم إلى برامج توعوية، هدفها تنقية تفكيرهم من الغلو والتطرف، مثل المحاضرات واللقاءات والندوات وورش العمل. وتحدث ثامر القحطاني: نريد إنشاء مدينة للشباب، تكون مجهزة لتوفير احتياجات الشباب الرياضية والتثقيفية، وبها برامج توعوية يجد فيها الشباب كل ما يحتاج إليه، ويجعله إنسانا سويا ومتزنا، بعيداً عن الغلو والتطرف. وأكد سعدالحربي على تفعيل لقاءات الشباب مع علماء الدين والمسؤولين، للتعرف على مشكلاتهم عن كثب، وأعتقد أن لقاء المسؤولين مع الشباب يثري الجوانب النفسية لدى الشباب، وينير لهم الطريق. واستطرد فهد الزعبي: الشباب في حاجة قصوى لحل مشكلاتهم، وأهم هذه المشاكل، توفير وظائف لهم. سليمان أبو حيمد قال: نريد تفعيل برامج مجلس الشباب في المنطقة، والإعلان عن خططه ونتائج أعماله وأنشطته وبرامجه، وضم فئات كثيرة من الشباب إليه، ليكون صوت هذا المجلس معبراً عن جميع أصوات الشباب. وقال فهد الزعبي: نحن في فريق «حنا بخير» نحتاج إلى الدعم المعرفي واللوجستي من إمارة المنطقة الشرقية، ووزارة الداخلية وكذلك رجال الأعمال لاستكمال الخطط التي ننوي تنفيذها في المجتمع، وبدون هذا الدعم، لن نستطيع أن نفعل شيئاً كبيراً. واختتم الشيخ د. خالد الزهراني: نسعى إلى إيجاد وسيلة لترويج وتسويق برامج فريق «حنا بخير»، وآمل من سمو أمير المنطقة الشرقية أن يكفل للبرنامج قناة فضائية لمدة 10 سنوات مقبلة، وأعتقد أن القناة الفضائية هي الصوت الواصل للشباب، وأعتقد أيضا أنه سيكون لهذا الفريق مكان بارز ومهم في المجتمع السعودي، وستكون له برامجه المنتشرة في كل مكان، مثل الجامعات وغيرها من المنابر الإعلامية. أدار الندوة د. محمد البيشي - مشرف الملحق الضيوف : د. خالد الزهراني : عضو الهيئة العالمية للسنة النبوية. فهد الزعبي – أخصائي طبي بمستشفى التخصصي. سعد الحربي- طالب هندسة بجامعة الدمام. سليمان أبو حيمد – طالب في المرحلة الثانوية. ثامر القحطاني- طالب بجامعة الأمير محمد بن فهد. عبد اللطيف التمّار – موظف قطاع خاص. سلمان الراجح – طالب ابتعاث. بدر العضيان – أخصائي طبي بمستشفى قوى الأمن. أثناء النقاش خلال الندوة البيشي والمشاركون في الندوة جانب من الحضور