بناء الوطن وشموخه يعتمد على سواعد رجاله الذين يملكون القدرة في صياغة الأسس والمقومات وخطط التنمية وتطوير الأداء والإنتاجية من داخل أروقة الأجهزة الحكومية والمؤسسات وكذلك على أرضية الواقع من حيث التعامل مع الأنظمة الحديثة التي تتعلق بنماذج جديدة من تنظيمات بالمجتمع وتطوير الفكر المنهجي والثقافي في التعليم بشكل عام. إن الديناميكية التي نحتاجها في صياغة عمل مشترك بين الدولة والمواطن تحتاج للمسارعة وفق خطط مدروسة مماثلة في العالم المتقدم ولأن عجلة التطوير في العالم المتقدم تسير بشكل سريع ما عدا العالم العربي الذي يمشي ببطء إذا ما استثنينا بعض الدول التي هرولت للحاق بمركبة التطور الحضاري والتعليم التقني واستفادت من تجارب الآخرين. إن المواطنة لم تعد هي الاحتفالات أو الشعارات لتحية العلم فحسب بل تتجاوزها إلى مفاهيم لها فلسفة أخرى ومعايير تختلف عن السابق إذ كيف لنا أن نتقدم ونحن نهمل واجبات المواطنة من خلال عدم المحافظة على ممتلكات الدولة انجازاتها ومدخراتها فقد بات من الواضح أن يرافق هذا الاهتمام اصلاحات تطال الملفات الاجتماعية والثقافية والخدمية في كافة الأجهزة بما فيها القطاع الخاص وإعادة صياغة نظام يرقى بمستوى الفرد للتعايش مع التقدم الحضاري بمؤسسات المدنية الفاعلة. صحيح إننا في المملكة نلمس تطوراً ونعترف بأننا من أولئك الذين راهنوا في التقدم الحضاري منذ عقدين من الزمن إلا أن الملاحظ لم ترافق هذه الثورة العمرانية والتوسعية اصلاحات وتحسينات في تقديم خطط استثمارية في الإنسان نطمح من خلالها إلى إيجاد بنية صناعية تواكب النهضة على سبيل المثال في سنغافورة أو ماليزيا ولأن المؤشرات الاقتصادية آخذة في الارتفاع بمعدل يحقق النمو في كافة المجالات فقد يتطلب الأمر إلى مراجعة عدد من الأنظمة الخدمية وعلى رأسها البلديات فحينما تقدم الدولة أراضي منح سكنية تتجاوز ملايين الأمتار لشخص بعينه فإن هذا يضر بتنمية الدولة ويثقل كاهل الميزانية لما يعقب ذلك من تخطيط وتطوير وايصال خدمات ناهيك عما يتحمله المواطن أمام شراء قطعة أرض ثم الاقتراض عليها وهذا سيأخذ وقتاً وجهداً ومالاً يؤثر على إنتاجية المواطن في عمله إن كان في الحكومة وإن كان في مؤسسات خاصة. ولذا فإنه من المفترض أن يقام على ملايين الأمتار مشاريع اسكان على عدة أنماط مختلفة على أن لا تتجاوز الأرض التي يقام عليها البناء 350م ثم تقدم دراسات استثمارية من لدن شركات محلية أو أجنبية لإقامة وحدات سكانية لا تتجاوز الدورين لكل أرض تقدم لمحتاجي السكن حسب الأولويات كما هو معمول في صندوق التنمية العقاري وبذلك تسهل عملية تقديم الأرض مع السكن التي لا تتجاوز تكلفتها أربعمائة ألف ريال شاملة جميع الخدمات وعند توفير السكن من خلال برنامج زمني وليكن على مدى عشر سنوات قادمة يلاحظ أننا سنقدم السكن النموذجي لشبابنا دون أن نثقل مديونياتهم ونزيد من أتعابهم إذ أن الشاب وهو في تدرجه الوظيفي سيبحث عن المادة بأي شكل أو آخر لشراء الأرض التي تتجاوز مئات الآلاف ثم الوصول إلى الرقم في سلم الانتظار لسنوات طويلة وهذا بحد ذاته مقلق للغاية. وإذا ما قدمت الدولة هذه النماذج السكنية فإن الأفراد والمجتمع بشكل عام سينصرف تفكيرهم إلى أداء واجباتهم معتمدين في مستقبلهم ما ستقدمه الدولة لهم وسيتم تسديد قيمة الأرض والفيلة كحد أقصى 350 ألف ريال يبدأ في تسديدها الشخص بعد سنتين من السكن. هذه إحدى الأمور التي تحتاج أخذها بعين الاعتبار لحل مشكلة كبيرة يواجهها الشباب وهذا ما ينعكس على تسارع وتيرة التنمية ثم تأتي الاصلاحات الكبرى كنماذج تطويرية من خلال الاستفادة من تجارب الآخرين وجلب هذه التجربة وبلورتها للاستفادة منها سواء في التعليم أو مختلف الأجهزة الأخرى التي تطمح إلى التطوير الحقيقي بعيداً عن بيروقراطية المكاتب كما أن ترك هامش الحرية والانتقاد أصبح ضرورة حتمية لمعالجة عدد من القضايا التي لا تصلح إلا بتغيير الأنظمة القديمة ومعالجتها من خلال مؤسسات مدنية فاعلة هذه جزئية من خطة تطورية شاملة سلطنا فيها الضوء على ما يصدع رؤوس الشباب في العقار لعلها تكون الحل الأمثل لإزالة هم احتل مساحة من تكفير الشباب.