الأمن مطلب إنساني يظل يتنامى ويتأكد إلى أن يكون مطلبا اجتماعيا حضاريا، خلقنا الله زوجين ليجعل من كليهما سكنا ورحمة للآخر، وحين أرسل الله رسله داعية لتوحيده عز وجل، كفل الله لمن آمن به ووحده الأمن قال تعالى (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)، وجاء شرعنا الإسلامي يؤكد على حرمة الدم كما أشرت إلى ذلك هنا في مقال سابق، لهذا لا يتأتى أي ربط بين الإسلام والإرهاب لأن المحاولات المغرضة في ذلك لا تثبت أمام أي تدبر وتأمل للخطاب القرآني وخطاب السنة النبوية، وسير الخلفاء وقادة المسلمين على مر تاريخنا المشرق الحافظ لكرامة الإنسان وأمنه. وفي هذا العصر الذي ابتلينا به بفتنة الإرهاب أصبحنا بحاجة لقراءة منطلقات هذه الفتنة والعمل الجاد المتبصر لتحصين شبابنا من ذلك وحفظ أمننا ومنجزاتنا ومكتسباتنا الحضارية، خرج منا شباب نضر وزُج بهم في ميادين الفتنة التي زُعم أنها جهاد، وقامت جهود في المكافحة والمناصحة، ثم أطلت علينا السنون الأخيرة بإرهاب اختلفت أهدافه، طال رجال الأمن وهم يقومون بواجبهم أو وهم آمنون، وطال الجوامع ليزهق أرواح المصلين وهم خاشعون، فهل يكفي أن نتفرج، ونظل نتشظى وفي حال الرعب من متابعة هذا الإرهابي أو ذاك، أو ننتظر في بيوتنا حتى تخرج الداخلية عنصرا إرهابيا من هذا البيت أو ذاك تحت بصر أم والهةٍ أو أخت تحتاج ساعد الأخ أو شيخ هرم يبحث عمن يهديه الطريق أو يذهب به إلى المستشفى!! لا إجابة إلا في إشاعة ثقافة الأمن المجتمعي، واستنهاض المسؤولية الاجتماعية في ذلك، واستقصاء المسببات ومعالجتها، ومراجعة الجهود القائمة في المكافحة وإعادة مراجعتها وتقويمها مع كل حدث، ومع كل مفاجأة في الأفعال النوعية التي يقوم بها هؤلاء. ومن الضروري أن تكون هذه المراجعة أيضا من ضمن مهام المسؤولية الاجتماعية. من الضروري أيضا مراجعة أدعية القنوت وخطب الجمعة لجعلها ناشدة الطريق السواء في الدعاء من عدم الجور والتزيد الذي يلهب المشاعر وكأن جوامعنا في خط الجبهة أمام عدو بائن طغيانه وجبروته.