الضغوط السكانية المتفاقمة التي تواجهها المدن الكبرى في المراكز الحضرية ببلادنا لا علاج لها - بشكل جذري - إلا بتنمية الأطراف.. وبلادنا الواسعة الأرجاء توجد فيها مناطق كثيرة بعيدة عن المركز، وهذه المناطق حالما تتوفر لها المشاريع التنموية الكافية ستخفف الضغوط التي تواجهها المدن الكبيرة في المراكز.. ورغم أن جميع مناطق المملكة بلا استثناء حظيت بالكثير من المشاريع التنموية التي أحدثت تحولات كبرى في تلك المناطق وحدَّت من الهجرة إلى المدن الكبرى إلا أن تطلعات المواطنين تظل كبيرة بسبب ما وفرته وسائل الاتصال من معلومات عما تحققه المدن الكبيرة لسكانها من فرص وخدمات.. وقد أصبحت طموحات سكان أصغر قرية مثل طموحات سكان المدن الكبرى.. وهذه قصة معروفة ومكررة في كل البلدان التي شهدت مشروعات للتنمية والتحديث.. وقد أطلق علماء التنمية الاقتصادية على هذه الظاهرة «ثورة التطلعات».. فالناس في كل مكان يريدون المزيد من الخدمات الصحية والتعليمية والبلدية ويريدون الفرص التنموية التي تخلق الوظائف لهم ولأبنائهم داخل مناطقهم فلا يضطرون إلى الهجرة بحثاً عنها في أماكن أخرى! وقد وضع سمو ولي العهد في مطلع هذا الأسبوع الحجر الأساس للعديد من المشاريع التنموية في تبوك تقدر تكلفتها بأربعمائة مليون ريال تشمل تطوير مطار تبوك الإقليمي ومستشفى الملك فهد التخصصي وافتتاح الكلية التقنية ووضع الحجر الأساس للمعهد العالي للتقنية للبنات ومشروع معهد التدريب المهني.. ومشروعات أخرى.. وتبوك أصبحت منطقة كبيرة، لكنها مثل كثير من المناطق الأخرى التي هي في نفس مستواها التنموي تحتاج إلى المزيد من المشاريع التنموية. هذه المشاريع سيكون لها أكبر الأثر في إعادة توزيع المكتسبات التنموية عبر الرقعة السعودية الكبيرة، وسيعود الأثر الايجابي على الجميع لأن المدن الكبرى في المراكز صارت تئن تحت ضغوط الزحمة المرورية والتفجر السكاني وتركز الخدمات التي تجذب طالبي الاستشفاء أو التعليم أو مراجعة معاملاتهم وأشغالهم في مدن المراكز. وكانت الحكومة قد أعلنت في وقت سابق عن إنشاء جامعات جديدة في بعض المناطق التي لا توجد بها جامعات، وحددت تخصصات جامعية تلائم متطلبات سوق العمل.. وهذا سوف يعزز جهود الدولة لنشر التنمية في كل مكان. جدلية المراكز والأطراف في التنمية الاقتصادية قديمة متجددة.. والأسلم والأمثل هو إيجاد قواعد للنمو في كل منطقة انطلاقاً من الموارد المتاحة والخصائص المميزة لكل منطقة.. ولاشك أن الأطراف تنطوي على الكثير من الموارد الداعمة للتنمية وتتميز بالكثير من الخصائص التي يمكن توظيفها لخدمة العملية التنموية.. لكن التحدي الذي يواجهنا هو كيف نضع ذلك موضع التنفيذ؟