توقع الباحث الاقتصادي السوري في محاضرة من ضمن فعاليات «جمعية العلوم الاقتصادية السورية في موضوع «إخفاقات التنمية في سورية» رسلان خضور، أن يبقى التوزع السكاني في سورية «شديد الاختلال» حتى عام 2025 بحيث سيتركز 97 في المئة من الزيادة المتوقعة في مساحة لا تتجاوز 33.6 في المئة من المساحة الكلية للدولة، وأن ترتفع الكثافة السكانية من 273 نسمة في الكيلومتر المربع إلى 410 نسمات. وأكد خضور أن أحد أهم التحديات التي تواجه المجتمع والاقتصاد السوري، التنمية الإقليمية. ولفت إلى مدى التفاوت التنموي والحضاري الكبير بين المناطق والأقاليم السورية، بحيث تتركز الموارد والاستثمارات في كل من دمشق وحلب، ما تسبب بهجرة غير منظمة إلى هاتين المحافظتين بحثاً عن فرص عمل وخدمات وبنية تحتية أفضل. وأشار خضور إلى تركز السكان والنشاط الاقتصادي في مراكز «الاكتظاظ البالوني» التي لا تتجاوز 13 في المئة من مساحة سورية، ما يرتب ظهور مشاكل كثيرة ترتبط بالتلوث والاكتظاظ والضغط على الموارد وعلى البنية التحتية. وبحسب سجلات الأحوال المدنية يبلغ عدد سكان سورية 23 مليون نسمة، المقيمون منهم 20.4 مليون. ويتوقع أن يتراجع معدل النمو السكاني من 2.45 في المئة حالياً إلى 1.94 في 2025 ليصبح عدد السكان نحو 31 مليوناً. وأرجع خضور ظاهرة إخفاقات التنمية الإقليمية إلى اختلال العلاقة بين عدد السكان والحيز الجغرافي، فسورية تعدّ من الدول القليلة الكثافة السكانية (اقل من مئة نسمة في الكيلومتر المربع) إلا أنها تنتمي إلى الدول العالية الكثافة السكانية في مناطق الشبكة العمرانية المأهولة (اكثر من 250 نسمة في الكليومتر المربع) ويتركز 60 في المئة من سكان سورية (نحو 12 مليون نسمة) في دمشق وريفها وحمص وحلب وحماة، فوق مساحة 13 في المئة من المساحة الكلّية ويمثل سكان حلب ودمشق وريفها 44 في المئة من سكان سورية في مساحة لا تتجاوز 8 في المئة. وأشار خضور الى ان الضغط السكاني والتوسع العمراني غير المخطط في المراكز الحضرية أدى إلى ابتلاع مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية وتراجع حصة الفرد منها وإلى الهجرة من الأرياف إلى المدن ومن المحافظات إلى مراكز الاكتظاظ والانتشار غير المتوازن للشبكة العمرانية وتوزع معظم النشاط الاقتصادي والاستثمارات الجديدة في دمشق وحلب وتراجع الخدمات والتلوث والتدهور البيئي والنمو السريع للتجمعات العشوائية إضافة إلى التوزع غير المتوازن للاستثمارات. وحذر الباحث من نمو المدن الكبرى مثل دمشق وحلب وتركز السكان فيهما وما ينشأ عنه من مشاكل كبرى مثل الازدحام والتكدس وتدهور وتلوث البيئة ونقص السكن وتكوين أحياء الفقر العشوائية. وركز على أن أبرز ظواهر إخفاقات التنمية الإقليمية، التجمعاتُ العشوائية في مداخل المدن وأطرافها، ويوجد 131 تجمعاً في دمشق وريفها وحلب وحمص، سكانها بنحو 2,5 مليون نسمة، أي 14,6 في المئة من إجمالي عدد السكان. وفي تقديرات أخرى يبلغ سكان العشوائيات 20 في المئة من إجمالي السكان. وتطرق خضور الى التوزع «الاستفزازي» غير المتوازن للاستثمارات، «من نتائجه أن يعيش 62 في المئة من فقراء الحضر في المنطقة الشمالية الشرقية، و17 في المئة في المنطقة الجنوبية. و4,74 في المئة في محافظة دمشق، ويعيش 52 في المئة من فقراء الريف في المنطقة الشمالية الشرقية و26 في المئة منهم في المنطقة الجنوبية. وأعلى معدلات البطالة في محافظات الحسكة، اللاذقية وطرطوس. و81.3 في المئة من الفقراء يحصلون على تعليم ابتدائي.