تقول التقارير الاقتصادية إن حجم إنفاقنا في رمضان يتضاعف إلى ثلاث مرات على شراء المواد الغذائية فقط بخلاف ما يصاحبها من مشتريات أخرى نعتمدها في رمضان فقط والغريب أن هذا التضاعف في الإنفاق الغذائي يأتي في الوقت الذي نصوم فيه "16" ساعة ونفطر ثماني ساعات وهذا يعني أن إنفاقنا يفترض أن يقل لا أن يتضاعف ولهذا يزيد الإنفاق الإعلاني في رمضان ويتضاعف أكثر من أي فترة أخرى من السنة، خاصة وأن القنوات العربية تجتذب المعلن بالأعمال التي تنتجها للعرض الرمضاني والتي لا نعرف تحديدا كم تبلغ ولكن من المؤكد أنها تزيد عن المليار ريال إذا افترضنا فقط أن عشر قنوات عربية تنفق ما يعادل مئة مليون ريال للقناة الواحدة ويبقى السؤال القائم كل رمضان إلى متى تستمر العلاقة بين شهر رمضان المبارك وإنتاج هذا الكم من الأعمال؟ والتي تزيد عن نسبة 80% من إنتاج كامل العام خاصة وأن رمضان شهر روحانيات وليس شهرا للراحة والاستجمام ولأننا نزيد الإنفاق في رمضان والإعلان يضاعف إنفاقه ويذهب الجزء الأكبر لإنتاج هذه الأعمال الرمضانية التي تمول من جيوبنا ولهذا ان كان لنا دور في تصحيح المسار فلن يكون إلا من أنفسنا. المنطق يقول ان مشاهدتنا للتلفزيون في رمضان يفترض أن تقل لأننا نزيد جرعاتنا في التقرب إلى الله والبعد عن كل ما يلهينا ومع هذا تتسابق القنوات التي أنفقت المليارات للظفر بك عزيزي المشاهد وكل واحدة منها تقول لك هيا تعال لتظفر بك ليس من منافساتها بل من رمضان نفسه، كل قناة تفتخر بأنها تقدم 14 ساعة من البث الجديد وبواقع عشر مسلسلات تحتاج إلى 10 ساعات للعرض الأول و10 للعرض الثاني ولهذا يكفيك من هذه العشر قناتان فقط لتشاهد 20 مسلسل على مدار ال 24 ساعة ولكن ما يجب عليك أن تفطن له أن ما يعرض في رمضان سيعرض في ال 11 شهرا التي تلي رمضان لأن القنوات أنفقت كامل ميزانياتها في هذا الشهر وستنتقل الأعمال من العشر قنوات إلى مئات القنوات الأخرى بينما ما يكتسب في رمضان لا يدرك إلا في رمضان التالي ولهذا سيبقى السباق الإنتاجي في رمضان لغزا غريبا وأمرا عجيبا فالقليل من الأعمال تتناسب وروحانيات هذا الشهر أما الكثير من الأعمال ففيها من التجاوزات الخادشة للحياء الكثير مما لا يتناسب مع أي شهر اخر من السنة ومع هذا تعرض في رمضان القلة منا تقول انها جربت مقاطعة مشاهدة أي مسلسلات في رمضان وانها تكتفي بمشاهدة الفترات التي تسبق الإفطار في بعض القنوات التي تصوم في هذه الساعة وأنها تشعر بارتياح كبير لهذه التجربة خاصة وأنها تستغل فترات الليل القصيرة في الزيارات العائلية أما البعض الاخر فيقول انه يقنن ساعات المشاهدة بساعة بعد المغرب وساعة في وقت آخر من الليل وانه لا يشاهد التلفاز نهارا أما الغالبية من المجازين من المدارس فان لهم موعدا يبدأ من بعد صلاة الفجر إلى صلاة الظهر إضافة إلى ساعات الليل وهي الفئة المستهدفة بالإعادة ولهذا تأتي القنوات بالمليارات التي اخذتها من جيوبنا لتجعل لهذا الشهر شكل مختلف من شخص لاخر بينما اعتدنا أن رمضان هو الشهر الدقيق في كل شيء فهو شهر نظام دقيق في الأكل والصوم والصلاة وهو شهر التزام تام بكل شيء عبادة وعلاقات وزيارات وما استغرب له غياب أي جهة تخضع العلاقة بين كثافة الإنتاج للعرض الرمضاني وبين رغبة المشاهد للدراسة الدقيقة لتوصلنا إلى نتائج تقنعنا أن ما يحدث هو برضانا حتى يستمر أو عكس رغباتنا حتى يتم تقنينه وقبل أن تقول لي الفئة الثالثة من المشاهدين "ما احد غصبك تقابل التلفزيون" أقول لهم نعم عيوننا في رؤوسنا ونستطيع أن نوجهها لما نريد ولكن علينا آن نتذكر جميعا أن رمضان يقول أقبل والقنوات تقول هيا تعال.