الثلاثاء، الخامس والعشرون من شهر تشرين أول/ أكتوبر الجاري كان يوما حاسما ومهما بالنسبة لكل من بلغاريا ورومانيا بسبب صدور التقرير الخاص عن اللجنة الأوروبية الذي يتناول التقدم الحاصل في أداء هذين البلدين المرشحين لعضوية الاتحاد الأوروبي.. على الرغم من بعض المديح الذي يتضمنه التقرير لكل من رومانيا وبلغاريا حول جهودهما المبذولة في سبيل تطبيق الاصلاحات الاقتصادية والسياسية وهو الأمر الذي من شأنه أن يساهم في تقرير مستقبل البلدين ويبت في قضية عضويتهما في الاتحاد الأوروبي في إطار سياسته في التوسع نحو الشرق، رغم ذلك يبقى مهماً أن نقرأ ما وراء السطور.. صحيح ان بروكسل تقدم بهذا شهادة حسن سلوك للبلدين وتعترف لهما بالنجاح في السنوات الماضية في تطبيق سياسة الإصلاح الاقتصادي على أساس إنعاش اقتصاد السوق واعتماد الديمقراطية كنهج سياسي رسمي وتطبيقه إلا انه ما من سبيل أمام كل من صوفيا وبخارست سوى تنفيذ واجبات منزلية أخرى لا تقل أهمية عن هذه وعلى أكمل وجه إذا أرادتا النجاح في امتحان عضوية الاتحاد.. لا تزال كل من رومانيا وبلغاريا، والأخيرة قطعت شوطاً كبيراً في سياسة الإصلاحات وتخشى أن تؤخذ بجريرة جارتها، تعاني من الفساد الإداري المستشري وقد عبرت مفوضية الاتحاد الأوروبي عن قلقها البالغ ازاء التلكؤ في إصلاح النظام القضائي وانتشار الفساد في كل مرافق الدولة بما فيها الأوساط الحاكمة.. وقد صرح (اولي رين) المفوض المسؤول عن شؤون توسيع الاتحاد عن هذا القلق حين قال ان الحكومتين البلغارية والرومانية تستثنيان الرؤوس الكبيرة من المطاردة القانونية وتكتفيان بملاحقة الجماعات الصغيرة. ومن الواضح ايضاً ان صوفيا وبخارست قد أخفقتا لحد الآن في تنفيذ التزامات أساسية أخرى وخاصة ما يتعلق منها بالحد من ظاهرة التمييز ضد الأقلية السكانية من الغجر (الروما) ومكافحة الرشوة.. الزمن يمضي بسرعة وسيقدم المفوض الأوروبي المعني تقريره في بداية العام القادم 2006م وهو نفس الزمن المتبقي أمام هذين البلدين لتنظيف البيت الداخلي والاستجابة لكل شروط الانضمام إلى الاتحاد وبعد ذلك سيقدم المفوض المسؤول توصيته بقبول انضمام البلدين في بداية عام 2007م أو يؤجل البت فيه إلى عام 2008م. لو افترضنا ان البلدين لن يفلحا في تنفيذ كافة الشروط المطلوبة منهما فإن التأجيل أمر وارد جداً بل، واستناداً إلى تصريحات المسؤولين، غير مستبعد قط ولكن المسألة التي تبقى حاضرة في الأذهان هي أن المناخ العام داخل الدول الأوروبية الغربية التي هي نواة الاتحاد، غير مشجع على ضم هذين البلدين ولهذا فإن الاتحاد يناقش أيضاً شروطا أمنية كثيرة تمنح مفوضية الاتحاد الحق بالتدخل المباشر في شؤون إدارة البلدين عند الضرورة.. ولا ننسى أيضاً الرفض الفرنسي والهولندي لمسودة الدستور الأوروبي في الأمس القريب وهو شأن لن يغيب حتماً عن ذهن صانعي القرار في المفوضية.. الأعضاء القدامى في النادي الأوروبي يخشون من أن يثقل أي توسع نحو الشرق كاهل ميزانياتها الوطنية ومن احتمال مطالبتها بزيادة مساهماتها المالية في صندوق الاتحاد لصالح الأعضاء الجدد الفقراء كما ويخشى المواطن في تلك البلدان الغنية من احتمال مواجهة البطالة عن العمل في ظل منافسة الأيدي العاملة الرخيصة الوافدة. تبقى هناك قضية تشغل بال المواطن الغربي المراقب وهي أن الاتحاد لم يضع حدوداً لتوسعه المستقبلي ولذلك فإن القلق الحالي لن ينتهي باتخاذ قرار حول عضوية رومانيا وبلغاريا لأن هناك من يطرق أبواب الاتحاد منذ زمن وسيظل يطرقها في المستقبل أيضاً مثل تركيا وهناك أوكرانيا كذلك وربما روسيا مستقبلاً، من يعلم؟.. السؤال هو هل يستطيع الاتحاد الأوروبي تقديم الضمانات بأن التوسع المزمع لن يكون على حساب دول مثل المانيا التي لم تصادق بعد على انضمام البلدين وأن الالتزام بشروط العضوية من قبل طالبيها أمر غير قابل للجدل.. ولكن من الواضح انه ليس بوسع أحد تقديم مثل هذه الضمانات.