ينظر الشارع الرياضي بشغف الى إقرار نظام خصخصة الاندية الرياضية المحترفة واستثمارها والذي إذا ما تم فسنشهد نقلة نوعية كبيرة على المستويات الرياضية بتحويل النادي الى كيان خاص أو شبه خاص يمكن لرجال الاعمال وجميع من لديه اهتمام من المساهمة في النادي مباشرة عبر تداول الاسهم وحل معاناة الاندية المادية ورفع الانتاجية وزيادة كفاءة الاداء وتطوير خدماتها ومرافقها بشكل كبير وفعال. وما شاهدناه في المواسم الماضية من دخول العديد من الشركات الكبرى ورجال الاعمال برعايات وشراكات مع الاندية المحترفة يدعونا الى التفاؤل، لذا فإن التطور المنتظر في مجال الاستثمار الرياضي مُقبل على نهضة كبيرة امتداداً لما تم خلال العقد الماضي من تطوير في الرياضة ممثلا في تحويل الاندية المشاركة في الدوري السعودي من أندية هواة الى أندية محترفة. حدثت خلال العقود الثلاثة الماضية قفزات هائلة وكبيرة في طبيعة النشاط الرياضي، وتحولت الرياضة من نشاط ترفيهي بحت الى صناعة واقتصاد تعتمد عليه إيرادات الكثير من دول أوروبا وأمريكا، بل أن الامر تجاوز ذلك بأن أصبحت الاندية الرياضة كيانات اقتصادية لها إيرادات مستقلة عبر برامجها الاستثمارية الموجهة نحو خدمة جماهيرها بمنتجاتها أو خدماتها الرياضية. وبلغ حجم صناعة الرياضة في الولاياتالمتحدة الاميركية 152 مليار دولار قبل نهاية عام 2000 م مما جعلها تحتل المرتبة ال11 لكبريات الصناعة الاميركية وبإمكاننا ملاحظة تلك القفزة عند مقارنة ذلك الرقم عما كان عليه بنهاية التسعينيات الميلادية اذ قدر بقرابة 50 مليار دولار، أي أن الرقم تضاعف بنسبة 200 بالمئة خلال عقد من الزمن داخل الولاياتالمتحدة الاميركية وحدها، وفي أوروبا واكب ذلك التطور في صناعة الرياضة بشكل كبير ماحدث بأميركا فقد تحولت العديد من أندية اوروبا الى ملكية الافراد عبر الخصخصة ولعل ما قامت به عائلة جلايزر عبر استثمارها في نادي مانشستير يونايتد بداية عام 2005م الى أن أصبح من أكبر الاندية الاوروبية ربحية في عام 2011م إذ حقق مبلغ 860 مليون دولار ربحاً صافياً. وبما أن النشاط الرياضي مرتبط بصورة وثيقة في الانسان فإن تلك الصناعة تطور سوقها الاستثماري وتوسعت شريحة عملائها بصورة متزامنة مع العولمة، فأصبحت العديد من الاندية الاوروبية والاميركية تستهدف الجمهور الرياضي وأصبح بمقدور المشجع امتلاك أسهم في بعض الاندية نظراً لاقرار قوانين الخصخصة كما بإمكانه الاشتراك في خدمات تلك الاندية سواء لمشاهدة مباريات فريقه المفضل أو شراء منتجاتها. ولعل ما قامت به إدارة نادي ريال مدريد مؤخرا من إعلانها عن - جزيرة منتجع ريال مدريد - الجاري إقامتها في رأس الخيمة بالامارات إذ قررت إدارة النادي استثمار جزيرة مساحتها 430 الف متر مربع بالشراكة مع إمارة رأس الخيمة بتكلفة مليار دولار بسبب تواجد قاعدة جماهيرية للنادي قرابة 300 مليون مشجع في آسيا يمثلون نصف عدد جماهير النادي. تلك النقلة النوعية في صناعة الرياضة وكرة القدم بصفة وذلك التطور الاحترافي للاندية الرياضية جنينا ثماره خلال زيادة قيمة الرعاية لدوري المحترفين السعودي التي وصلت الى 700 مليون ريال من قبل شركة (عبداللطيف جميل)، وبيع قيمة النقل التلفزيوني على مجموعة MBC بقيمة تجازوت الأربعة مليارات ريال يشكل قفزة في حجم سوق النقل التلفزيوني ويؤكد أهمية السوق الرياضي بالمملكة وشعبيته الجماهيرية. وتشير الاحصائيات إلى ان عدد سكان المملكة قرابة 27 مليون من المواطنين والمقيمين يشكل الشباب ما نسبته 60 بالمئة من مجموع السكان وهذه النسبة الكبيرة من الشباب تشكل شريحة واسعة من العملاء الذين تسعى الشركات الى استقطابهم لشراء منتجاتها، فالتوجه نحو المشجع هو الهدف الرئيسي لأي إدارة ناجحة بحيث تعمل تلك الإدارة على مسح واستطلاع الآراء وعمل المنتجات التي تكون مناسبة ومبنية على رغبة العملاء أو المشجعين من عشاق النادي وتجد قبولا واسعا لديهم وبالتالي ستحقق ربحا ماديا للنادي، فالاستثمار الرياضي يهدف الى زيادة رأس مال الاندية وزيادة مواردها واستغلالها بهدف تنميتها، وبعد ذلك يمكن استثمار العوائد بتمويل الانشطة الرياضية الاخرى للوصول بها الى مستوى أفضل من الكفاءة والتنافس. ويمكننا القول ان إقرار مشروع الخصخصة والذي يترقبه الشارع الرياضي سيساعد بصورة كبيرة وفعالة على نجاح الاندية أسوة بما هو مطبق عالميا في أندية أوروبا وأميركا وستشجع المستثمرين وأصحاب رؤوس الاموال على الدخول بشراكات واستثمارات في كيانات الاندية الرياضية نظرا لوجود قوانين وأنظمة تنظم ذلك الاستثمار وسيخلق بيئة استثمارية واعدة وجاذبة للمستثمرين سواء على المستوى المحلي أو العالمي. * كاتب وأكاديمي