عون يطالب بضغط أميركي على إسرائيل للانسحاب من جنوب لبنان    حماس: جاهزون لمرحلة تبادل شامل    الرئيس اللبناني يهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    الاتحاد يوقف هيمنة الهلال على الكلاسيكو ويبتعد بالصدارة    الفتح يصعد للممتاز    نائب المفتي يهنئ القيادة الرشيدة بذكرى يوم التأسيس    "الثقافة" تنظم فعاليات ثقافية وتاريخية احتفاءً بيوم التأسيس    الحياة رحلة ورفقة    منيرة آل غالب إلى رحمة الله    رفض تام لتهجير أهل غزة وتحرك برلماني عربي دولي لوأد مقترح ترمب    «تسميات ميادين الرياض».. تعزيز الهوية والانتماء وإبراز إنجازات الأئمة والملوك    ترمب محذراً شركات أدوية: انقلوا الإنتاج لأمريكا أو واجهوا الرسوم    الشرقية تكتسي بأعلام الوطن ولوحات التعبيرية والإنارات الجمالية احتفاء بيوم التأسيس    إسرائيل تؤجل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين    «مستقبل الاستثمار».. شراكات عالمية في التقنية والذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال    د. عادل عزت يشكر المعزين في وفاة والده    الخلود يعمق معاناة الوحدة ويهزمه بهدف    سفير البحرين ل«عكاظ»: الدولة السعودية أسست لوحدة جمعت كل أبناء الجزيرة العربية    «الأحمر» ينسف نجومية دوران    فريق الوعي الصحي التابع لجمعية واعي يحتفي بيوم التاسيس في الراشد مول    نائب رئيس مجلس الشورى يوم التأسيس: تاريخٌ خالد ومستقبلٌ واعد    التشكيل المتوقع لكلاسيكو الاتحاد والهلال    واكاثون لولو الثاني يحتفل بيوم تأسيس المملكة العربية السعودية ويعزز رسالة الأستدامة    مدير عام مكتب التربية العربي : الاحتفاء بيوم التأسيس اعتزاز بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة    قُتِل بغارة شمال سورية.. واشنطن تكشف هوية قيادي «القاعدة»    عقد ورشة عمل "الممارسات الكشفية للفتيات في الجامعات"    «الدباغ القابضة» تتقدم بالتهاني لمقام خادم الحرمين وولي عهده بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    ضبط أكثر من 21 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بعسير يكمل استعداداته في يوم التأسيس    أسرة حسام الدين تحتفي بعقد قران أحمد ويوسف    "السعودية في العصر الرقمي: من جذور التأسيس إلى ريادة المستقبل"    القيادة الإماراتية تهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    وزارة الداخلية تحصل على جائزة المنتدى السعودي للإعلام (2025) في مسار الأنشطة الاتصالية الإعلامية عن حملة "لا حج بلا تصريح"    رباعي هجوم الاتحاد .. الأقوى    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق تداولاتها على تراجع    اكتشاف النفط.. قصة إرادة التنمية السعودية    السعودية.. أعظم وحدة في العصر الحديث    العز والعزوة.. فخر وانتماء    كأس السعودية للخيل| "سكوتلاند يارد" يتألق بلقب كأس طويق    الدرعية.. ابتدينا واعتلينا    تنبع من تراث الدولة السعودية.. 5 عناصر في «شعار التأسيس» تعكس الأصالة    القيادة الكويتية تهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    «الأسواق الناشئة».. السعودية تعالج تحديات اقتصاد العالم    انخفاض درجات الحرارة في عدد من مناطق المملكة    الدبلوماسية السعودية.. إطفاء الحرائق وتعزيز الشراكات    لائحة الأحوال الشخصية تنظم «العضل» و«المهور» ونفقة «المحضون» وغياب الولي    الدولة الأولى ورعاية الحرمين    غبار المكابح أخطر من عادم السيارات    السعودية منارة الأمل والتميز الطبي    بتنظيم وزارة الثقافة.. «ليلة سهيل» تجمع فنان العرب بجمهوره في احتفالات يوم التأسيس    الماضي ومسؤولية المستقبل    في يوم التأسيس نستذكر تاريخ هذه الدولة العريق وأمجادها الشامخة    قرارات ترمب المتطرفة تفاقم العزلة الدولية وتشعل التهديدات الداخلية    كبار علماء الأمة يثمنون رعاية خادم الحرمين لمؤتمر بناء الجسور بين المذاهب    احتمالية الإصابة بالسرطان قد تتحدد قبل الولادة    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    قطر تؤكد أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيد نشوان «قصة:2-2»
بالفصيح
نشر في الرياض يوم 22 - 05 - 2015

سار المدير في اثر المفتش الطويل وهو ينظر إلى حقيبته السوداء وقد هاله طول يد المفتش، خيّل إليه أنها يد جبارة، وباغته خوف وقلق، وبدون شعور منه راح يتحسس علبة الدخان في جيبه، ثم سحب يده بسرعة، وهو يلوم نفسه على هذه الحركة.! وحينما دخل المفتش الفصل والمدير معه، ارتبك المدرس، ونهض الطلبة في ارتباك أيضاً، فطلب المفتش منهم الجلوس، ثم بدأ في الأسئلة، فراح الطلبة يجاوبون مختلفين في إجاباتهم، فإذا عجزوا تولى الإجابة سعيد.. فقد كان أكثرهم ذكاء وفطنة، وصواباً في الإجابة.. بل تنبه المفتش إلى أن سعيداً طالب ألمعي شديد الثقة بنفسه، فقد كان يختم إجابته بضحكة مفعمة بالمرح، واليقين والإحساس بالتفوق... وقبل أن يخرج من الفصل اقترب من سعيد، ومسح على رأسه بيده الضخمة وقال: أحييك يا سعيد.. أنت طالب ممتاز.. لك مستقبل مبهر... خرج المفتش من الفصل مسروراً وربت على كتف المدير، وشكره على حسن أدائه، وأداء المدرسة التي أنجبت طالباً كسعيد.. وتوجه نحو سيارته يتبعه المدير.. وحينما تصافحا للوداع، ضغط على يد المدير وهو يقول: اهتموا بسعيد.. هذا طالب عبقري.. جلس المدير على مكتبه وهو يعرك أنفه تارة، وتارة يقضم أظافر يده، وقد أخذ يردد.. سعيد، سعيد.. كيف لي بعد هذا أن أتخلص من سعيد.؟!
توالت على سعيد عبارات الثناء من الأساتذة، وأدرك أنه فوق العقاب، والفصل، فانتابته نشوة العصيان والتمرد، وتلبسته روح الشيطنة، والتحدي.. كان يعرف خبايا ونوايا المدير تجاهه فقرر إيذاءه والكيد له، فصار يقلده أمام الطلاب في الفصل، والممرات، وساحة المدرسة، بل صار يتحين خروج المدير فيقلده في مشيته، وفي حديثه، وفي حركات يديه أمام المدرسين والطلبة، فلا يملك هؤلاء إلا أن يضحكوا.. بل لقد تمادى في غيّه وتسلطه حين قطع ذيل قط ورمى به فوق مكتب المدير من النافذة وهو في اجتماع بالمدرسين، فطار صواب المدير وضاقت به زوايا الدنيا الأربع.. وأصبح مهموماً مغموماً لا يستطيع التحرك في المدرسة كثيراً خشية الضحكات، والنظرات الخبيثة اللاذعة، وفكر في طلب النقل من المدرسة، وعرض الفكرة على زوجته فامتعضت، وهاجت، ورفضت قائلة أتريد أن نترك بيتنا وأهلنا؟ ونتغرب عن بلدتنا..؟ هل جننت يا رجل..؟! ثم ماذا سيقول الناس عنك!؟
أتريد أن يقولوا بأنك هربت من الطفل سعيد..؟
ومرت أيام كئيبة على المدير، وصار يمارس عمله في كثير من الضيق والخنوع بل لقد أصيب بقلق نفسي وأرق، وكآبه وألم أصمّ، مما جعل زوجته تستغيث بإمام المسجد كي ينفث على صدره بعد كل صلاة عشاء..! ولمع نجم سعيد كطالب مهيمن على المدرسة بشقاوته، واستهتاره وعبقريته وحركاته الساخرة، وسارت الأيام على هذا المنوال الشاذ الدرامي الهازل المسيطر على أجواء المدرسة.. بيد أن شيئاً مفاجئاً.. شيئاً محيراً وغريباً قد طرأ على حياة سعيد وعلى سلوكه.. حيث ظهرت بعض النقود في يده..!! ثم تمادى به الأمر إلى أنه صار يكرم زملاءه.. بل أصبح فيما بعد يغدق عليهم، وبلغت الحيرة مداها وكثرت التساؤلات حول سعيد.! فمن أين له كل هذا المال وهو المعدم الفقير، وأمه شبه العمياء لا تملك إلا الخيط، والإبرة..؟ كيف انهالت الفلوس وتدفقت بين يديه هكذا؟! لا أحد يعرف.. كل ما يعرفه الطلاب أنه أصبح ثرياً ويلعب بالفلوس مع تغير مستمر في سلوكه فقد ظهرت علبة "دخان" في جيبه كان يحاول إخفاءها في بادئ الأمر ثم لم يعد يهتم أو يكترث..!! وشوهدت في ثوبه وعلى يديه حروق وبقع بيضاء، وقد صاحب ذلك شيء من الهدوء الذي تحول إلى خمول وكسل... فأصبح كثير التثاؤب، بل صار ينام أحياناً على مقعد الدرس.. وظهر عليه الشحوب والسرحان، وأصبح صوته خافتاً ونظراته منكسرة، وذات يوم غاب عن المدرسة بشكل مفاجئ فما عرف عنه أنه تغيب أبداً، وبعد يومين حضر منهكاً، متعباً، محمرّ العينين، تبدو عليه علامات الإعياء، والسهر..! ثم أصبح حضوره إلى المدرسة متقطعاً..! ثم صار متباعداً.. وأخيراً اختفى نهائياً..!! خلت المدرسة تماماً من العبقري سعيد نشوان ومن حركاته التي كانت تضحك الطلبة، وتغيظ المدير... وشعرت المدرسة كلها بحزن لفقدانه..! لكنه بعد انقطاع ظهر مرة أخرى، وصار الناس يشاهدون سعيد نشوان وهو ينهق كالحمير، وينبح كالكلاب ويقلد القرود ليس في المدرسة وإنما في شوارع الحي...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.