الجميع يترقب نتائج القمة الخليجية الاميركية في كامب ديفيد وهذا الترقب مرده اولا الاهمية المتزايدة للخليج لاقتصاد العالم فهو لا يزال المحرك الرئيس لطاقته والمصدر الابرز للمال الاستثماري والاضخم في الانفاق التنموي على مستوى العالم بمعنى اوضح حاضر ومستقبل الاقتصاد الدولي يمر عبر ومن خلال الخليج، ومن الاسباب التي عظمت من الاهمية الاستراتيجية لدول مجلس التعاون ما اثبته الخليجيون من قدرة على الفعل وتغير مسار الاحداث على الارض في الخليج والمنطقة العربية انطلاقا من التعامل مع الربيع العربي وتغيير مسار نتائجه لتتوافق والمصالح العربية العامة رغم التفاهمات الاميركية الايرانية الاخوانية على اعادة صياغة المنطقة!؟ والدعم الصريح للشعب السوري ومن خلال الحسم الخليجي لمحاولة ايران العبث بأمن واستقرار البحرين واخيرا تأكد للجميع من خلال عاصفة الحزم ان المواقف لدول مجلس التعاون وفي مقدمتهم المملكة تعبر عن تحول استراتيجي نهضوي تقدمي!؟ من هنا اقرا التحول في الخطاب الاميركي تجاه الخليج بعد ان اعاد كيري بناء السياسة الاميركية في المنطقة ليكون مركزها طهران بدل الرياض؟ هذا التحول فرضته الجهود الدبلوماسية والمواقف السياسية الصلبة للقيادة الخليجية تجاه معالجة الازمة في العراق مع ظهور داعش، في البدء اعلن كيري عن ضرورة العمل مع طهران؟ وبعد اشهر لم يجد الامريكان امامهم من مخرج لورطة العراق سوى تبنى الرؤية السعودية الخليجية للحل والمواجهة فكان بيان جدة الذي اعلن من خلاله قيام التحالف الدولي لمواجهة داعش بل اكد كيري (البرغماتي) ذاته ان لا مكان لإيران في التحالف لأنها جزء من المشكلة!؟ اقرا التحول في الخطاب الاميركي تجاه الخليج نتيجة مباشره للحدث الزلزال عاصفة الحزم ليس فقط لتأكيده مرة اخرى قدرة دول مجلس التعاون على الفعل المستقل فقط، بل ان البعد السياسي القومي العربي الاسلامي الذي عبر عنه التفاعل العربي الاسلامي مع عاصفة الحزم مسالة بالغة الاهمية للمخطط الاستراتيجي الاميركي، يدرك جيدا انه امام تحول نوعي حقيقي في المنطقة ان نجح سوف يغير قواعد اللعبة ليس في المنطقة بل في العالم من هنا اقرأ التحول في الخطاب الاميركي تجاه دول مجلس الخليجي من خلال دعم اميركا لعاصفة الحزم رغم عدم الاستئذان في اطلاقها وابلاغها بعد انطلاق العمليات على الارض، اقرا التحول في الخطاب الاميركي تجاه دول مجلس الخليجي من خلال مبادرة الرئيس اوباما بدعوة قيادات مجلس التعاون للاجتماع في كامب ديفيد الامر الذي تم امس الاول، اذا دول مجلس التعاون ذهبت وهي محققة نقاط ايجابية مع الاميركي وبمعنى ادق القيادات الخليجية تلتقي مع الرئيس الاميركي وهي في موضع قوة، الكثير من المحللين يعرف ان الرئيس اوباما وادارته في هذه المرحلة لايستطيع تجاهل الدور الخليجي على المستوى الدولي العربي الاسلامي خصوصا مع وجود خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز صاحب الكرزما الملهمة والقيادات الشابة في سدة قرار دول المجلس، ومدى حاجة الرئيس اوباما وادارته في هذه المرحلة تحديدا لدعم دول المجلس للاتفاق النووي الايراني وهو يفسر اهتمام الرئيس اوباما بإبرازه في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد نهاية الاجتماع. لاشك ان القراءات لنتائج الاجتماع سوف تتعدد وتتنوع ولكن لن يستطيع احد تجاهل الحقائق التالية والتي يأتي في مقدمتها الحركة الخليجية الموحدة واختفاء الدول وبروز المجلس وثانيا لم تستطع ان تخفيها اللباقة والادب الجم للخليجيين في التعامل الدبلوماسي وهي الندية بين الطرفين في الطرح الاعلامي وفي الشفافية في النقاش والحوار والثالثة ان الخليجيين حققوا اختراقا مهما في عدة نقاط دعم اتجاههم للمزيد من التنسيق الوحدوي السياسي والدفاعي والاقتصادي، دعم الرؤية الخليجية للاحتواء الايجابي لإيران لترضخ لمبدأ الشراكة والتعاون وتبني الادارة الاميركية الرؤية والمحددات الخليجية لما سمي في البيان الجوار الطيب وكذلك مستوى التحالف الاستراتيجي ليكون في المستوى التالي لمستوى الحلف الاطلسي وهذه وعود لأول مرة تعلن الادارة الاميركية الالتزام بها بشكل رسمي وايضا حقق الخليجيون اختراقا مهما ونوعي في مستوى التسلح لأول مرة يتم الحديث والتفاهم حول منظومة درع صاروخي لمواجهة تهديدات الصواريخ البالستية وكذلك الموقف من سوريا الادارة الاميركية التزمت من خلال البيان ولأول مرة بتزويد المعارضة السورية بالآليات والمعدات العسكرية في اشارة ضمنية للتسليح النوعي وفي السابق التزام بالتسليح الخفيف، وهناك مكسب خليجي مهم يرتبط بالقضية الفلسطينية عندما نص البيان على ان الحل ينطلق من المبادرة العربية للسلام وهو ما اكده البيان في اكثر من موقع. من المؤكد ان سقف التطلعات كان كبيرا ولكن ما تحقق جيد جدا ومتناسب مع الجهود التي بذلتها دول مجلس التعاون في السنوات الخمس الماضية، ان استطعنا الارتقاء بمستوى اتحادنا وتوحدنا الخليجي ثقافيا وسياسيا واقتصاديا ودفاعيا وتجاوزنا عقبات الاتحاد الاقتصادي وعقبات التكامل الدفاعي والتناغم الثقافي الموجودة للأسف اليوم من خلال اعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية والدفاعية والاهتمام بالمنظومة الثقافية والإعلامية وتفعيل دورها وايجاد منظومة فاعلة خاصة بالشباب، وان احسنا الاستفادة من حالة التوافق الخليجي العربي الاسلامي والمزاج العام الخليجي والعربي الاسلامي وحالة اليقظة الخليجية العربية والاسلامية التي برزت مع تولي الملك سلمان -حفظه الله- الحكم وظهرت مع عاصفة الحزم، ان استطعنا تحويل كل ذلك الى مشاريع سياسية واقتصادية وتنموية حقيقية واقعية على الارض يجد فيها الافراد قبل الدول مكانة لائقة بالمستقبل الذي يتوقون اليه، ينعم بها ويشعر بها المواطن الخليجي والعربي والاسلامي انطلاقا من الشراكة الحقيقية في صناعة المستقبل بكل ابعاده السياسية والاقتصادية والثقافية فسوف نفرض واقعا ايجابيا جديدا يعززه انسان المنطقة بعيدا عن الطائفية والاقصاء ورغبات الهيمنة، عصي على الاختراق لا تستطيع ايران مقاومتها ومواجهته ولا الولاياتالمتحدة الاميركية وغيرها من القوى الاقليمية والدولية الاخرى تجاهله ولا العالم الاستفادة من اثاره الايجابية، ان الخصوصية الجيوسياسية والرؤية الاستراتيجية القومية والاسلامية لدول مجلس التعاون تفرض تحديات كبيرة جدا وبالتأكيد سوف تكون متزايدة ومتعاظمة تتطلب مثابرة وعمل نوعي مستمر وقيادة قادرة على التحفيز والابداع والحيوية واليقظة وهو ما لا يمكن ان يتم بشكل مستمر الا من خلال العمل المؤسسي والاحتضان الشعبي ودول مجلس التعاون بحمد الله الان وفي هذه المرحلة الدقيقة مؤهلة لمواجهة هذا النوع من التحديات ان تم استثمار ما لديها من رصيد كبير من الحب والتلاحم بين الشعوب الخليجية وقيادتها وهذا الامر رغم رسوخه وجماله يجب تعزيزه من خلال الافعال والافعال فقط، حفظ الله لنا خليجنا ووفق قادتنا لكل خير والسير بنا للمستقبل والنجاح في تحويل مسار المنطقة نحو الاستقرار وسيادة مفهوم الجوار الطيب. * باحث في الشؤون الإعلامية والاستراتيجية