إن الجو الصحو الدافئ هو وحده الذي ينمو فيه الوطن ويزدهر، فاذا تقاصر الشعاع وانتشر الغيم شرع ازدهار الوطن ان يرحل! كما ان هم المواطن في وطنه هو: من يقود هذا الوطن؟ ومن سيقوده مستقبلا؟ وماهي مواهبه التي منّ الله بها عليه؟ حالهم كحال ركاب عربة او باخرة او طائرة تنطلق بهم في طريق رهيب.. فالمهم هنا ليس العربة، بقدر ما هو من يقود هذه العربة، ويسيرها في هذا الطريق الخطير.. ونحن في هذا الوطن المعطاء يجب ان نتذكر دئما، ومن باب "واما بنعمة ربك فحدث" ان الله هيأ لنا في كل زمن قائدا ودولة ورجالا، يناسبون ذلك الزمان، باحداثه، وتاريخه المعلوم لدى معظم المواطنين " كشاهد عيان" عاصروا ثلاثة ملوك ان لم يكن اربعة.. واخرهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، هذا الرجل المتميز في كل شيء، رجل دولة منذ ان كان يافعاً، وعضيد لكل الملوك السابقين، وحاكم من نوع فريد.. يذكرك بسير بعض العظماء الذين كان لهم دور مشهود في تحولات تاريخية مشهودة، غيروا فيها مجرى التاريخ.. فهاهو وفي اول مئة يوم من حكمه يرتب البيت الدخلي فيعيد تشكيل مؤسسات، ويعين وزراء ويقيل اخرين، ثم يلتفت الى خارج الحدود فيصافح المحسنين، وبنفس اليد يضرب المسيئين، ليعرف كل قدره.. ويعيد من كان له حسابات مبنية على اوهام كهنوتية لم أنزل الله بها من سلطان حساباته، فهذه الدولة قوية بإيمانها بالله اولا، ثم بسواعد ابنائها وتكاتف اشقائها واصدقائها معها.. ثم يرسي دعائم الحكم للسنين القادمة حتى يطمئن المواطن والشقيق والصديق، ويعيش العدو والحاسد في كمد وكبد.. هناك رجل يملك مئة بندقية ولا يحسن اصابة الهدف بواحدة منها، وربما اراد الضرب فقتل بريئاً، او قتل نفسه... خير منه من يملك بندقية واحدة يحسن استخدمها، وذلك هو خادم الحرمين يحسن استخدام القرار المناسب وفي الوقت المناسب ويصيب الهدف بكل حكمة واقتدار. واريد ان اقف وقفة تامل في القرارات الاخيرة، حيث نجد الحكمة التي تجلت في تسريع قيادة الشباب من الاسرة الحاكمة لدفة الحكم، فحوالي 60% من المواطنين شباب، وهم العنصر المؤثر في مسيرة الوطن، سلبا وايجابا، فطموح الوطن مرتبط بهم، والخطر على الوطن داخليا وخارجيا ايضاً جزء منه مرتبط بهم، يكفي ان نلقي نظرة على كل الخارجين والارهابيين داخليا وخارجيا، فكلهم شباب، ووجود الشباب في سدة الحكم سيدفع "بكفاءات شابة" الى الواجهة، فهي تعرف مشاكلهم وتفهم المفاهيم والمصطلحات والقضايا التي يصادفونها في حياتهم اليومية، او تقع تحت اعينهم في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي. والسعودية تقدم نموذجا مغايرا لنقل السلطة في العالم العربي والمنطقة، فانتقال السلطة في السعودية هو على أساس خط الوراثة من الأخ لأخيه في أبناء الملك عبدالعزيز آل سعود، والان تغير الوضع، فانتقال السلطة سيكون للاجدر من الاحفاد، وبطريقة سلسة وبشكل ديموقراطي خاص بالاسرة، فيه ترشيح وتصويت، ولان هذه المرحلة حساسة وتشكل اول تحول ونقل للحكم للاحفاد بعد الاباء، فاننا لاحظنا تحضير الشخصايات المناسبة من الاحفاد منذ سنوات عبر رعايتهم صغارا، ومن ثم تسليمهم نسبة كبيرة من الملفات والمهمات، وبما ان الحديث عما يتميز به ولي العهد وولي ولي العهد من صفات اهلتهما ليصبحا في منصبيهما الجديد امر معروف، فلن اتحدث عن هذا الشق.. ولكن سأستعيض عن ذلك بتساؤل: ما هو حال الخراصين الذين كانوا يكررون احاديث مكذوبة وشائعات، عن ان هناك صراعات مكتومة بين أبناء الأسرة الحاكمة، وضعف في الحراك الجيلي في قمة هرم السلطة، وتدخلات الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية لصالح جناح في مواجهة جناح آخر..؟ حالهم اختصره بقول للمتنبي: أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جرّاها ويختصم