الملك سلمان قارئ التاريخ ومستوعب دروسه وعبره على امتداد الأمم والشعوب، ومستذكر المواقف والشواهد والمتغيرات والمغريات بين جيل وآخر، وما آلت إليه كل تلك التفاصيل على مستقبل استقرار الحكومات والأوطان؛ لذا هو يدرك أن استقرار الحكم نابع من الداخل، وانتقال السلطة بسلاسة هو مصدر ذلك الاستقرار للوطن والمواطن، ومن هنا كانت الرؤية واضحة منذ البداية أن يكون سلمان بن عبدالعزيز - وهو آخر أبناء الملك المؤسس حكماً وملكاً - حريصاً على تقديم الجيل الثاني إلى واجهة المشهد، وأن يكون قريباً منهم توجيهاً، واحتواءً، ودعماً، وتحملاً للمسؤولية، وهو ما تحقق في مواقف كثيرة كان آخرها «عاصفة الحزم» وما أثمرت عنه من وجود قيادات شابة استطاعت بكفاءة واقتدار أن تحافظ على أمن الوطن ومكتسباته، وبالتالي لم يعد خافياً أو مستغرباً أو حتى هاجساً أن تكون رؤية الملك سلمان هي في بناء وطن للمستقبل، ويكون الرهان على الجيل الصاعد من أحفاد الملك المؤسس عبدالعزيز على أساس الكفاءة، والقدرة، والرؤية، والثقة، وقبل ذلك الحزم، وهي معايير اختيار الملك سلمان لولي العهد وولي ولي العهد. الملك سلمان وهو يعيد صياغة نظام الحكم عملياً، ويرتّب حاضرة ومستقبله، ويتمسّك بثوابته، وحدوده، ومحدداته؛ هو مع كل ذلك يمنح الجميع حق المشاركة في بناء الوطن على أساس أنه حق للجميع، وواجب على الجميع، وهذه الرؤية التي يحملها سلمان بن عبدالعزيز مؤداها في النهاية أمن واستقرار الوطن، وهو الهاجس الذي يحمله منذ أن كان في الإمارة وحتى بعد أن وصل إلى القيادة.. فالأمن والاستقرار هو الأهم في فكر سلمان بغض النظر عن الأسماء، والمسميات، والمواقع، والمناصب.. هو قائد يحمل هاجس الحاضر والمستقبل، ويدرك أن «منجز عبدالعزيز» ليس مسؤولية أولاده أو أحفاده، وإنما أيضاً مواطنوه ممن ضحّى آباؤهم وأجدادهم بأرواحهم في سبيل توحيده، ولمّ شمله من الشتات والفرقة.. هذا هو الهاجس الذي يجب علينا أن نستشعره مع الملك سلمان، والهاجس الذي نتحمل في سبيله الكثير.. سلمان بن عبدالعزيز الرجل الاستثنائي، والحكيم، والحازم.. منحنا مع خيوط الفجر الأولى أملاً، وأمناً، واستقراراً، وترك لنا مع نور الصباح رؤية نمضي إلى حيث الوطن بطوله وعرضه أخوة متحابين، متعاونين، وترك لنا في كل أوامره وقراراته رسالة للمسؤول بأن مقدار العطاء هو في خدمة المواطن، والبقاء في المنصب على قدر ذلك العطاء، وبالتالي ما هو مطلوب هو السهر على راحته، وتلبية احتياجاته؛ لأن المواطن في فكر وعزيمة الملك سلمان هو من يستحق البقاء. لقد ترجم قصر الحكم يوم أمس رؤية الملك سلمان؛ حين تسابق الجميع مبايعين لولي العهد وولي ولي العهد على السمع والطاعة في مشهد مهيب، وجميل، حيث تصطف الطوابير وتصافح برضا ويقين، وتعلن بأن الوطن بخير، وماضٍ إلى خير، وتتعهد بأن نبقى يداً واحدة، وقلباً واحداً، ووطناً نعيش فيه، ونضحي من أجله.. وهذا هو سر الحفاظ على «منجز عبدالعزيز».