أنا شخصياً مغرم بالإحصائيات والأرقام العالمية - وأشتري كل عام عدداً كبيراً من الكتب التي تصنف دول العالم في مراتب مختلفة، ومن خلال هذه الإحصائيات لاحظت وجود عدد كبير من الدول المجهولة التي لا يعرفها أحد ولم يسمع بها أحد (رغم ما يقال عن تحولنا لقرية عالمية صغيرة)؛ فمن منكم مثلاً سمع بجمهورية تايورا أو دولة التوفالوا أو مقاطعة بالاوا أو ساءو تومي (والأخيرة مستعمرة برتغالية تحولت لجمهورية مستقلة في غرب افريقيا - واسمها الأصلي (Sao Tomee)! .. وبدرجة أقل كم مرة (في الشهر أو السنة) نسمع خبراً أو حدثاً مميزاً عن منغوليا أو جمهورية الكابفيردي أو حتى دولة الباراجواي.. فالمكانة العالمية لأي دولة يمكن قياسها بعدد المرات التي يرد اسمها في نشرات الأخبار ووسائل الإعلام، فنشرات الأخبار العالمية مثلاً لا تكاد تخلو من «الطلعة السنية» لرئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، وعلى مستوى أدنى من ذلك - أو لنقل يوماً بعد يوم - نرى رؤساء دول كألمانيا وفرنسا واليابان.. ثم تتدرج المستويات حتى نصل لرؤساء دول العالم الثالث أغلى أمانيهم أن يظهروا لمرة واحدة فقط على شاشة محطة عالمية مثل ال(CNN) أو ال(BBC)؟ والأسوأ من هذا وذاك أن هناك دولاً وشعوباً بأكملها لم يسمع بها أحد ولا تشغل حيزاً من أي فراغ؛ فمن سمع مثلاً بدولة الكيراباتي أو الجاديلوبي أو يعرف شيئاً عن جمهورية التوكيلاوا أو الفانواواتا!؟ وحتى على مستوى وزارات الخارجية (والمراجع الجغرافية الرصينة) نلاحظ أن معظم هذه الدول إما تسقط سهواً أو يتم تجاهلها عمداً ففي مكتبتي مثلاً توجد أربعة مراجع حديثة يدعي الأول أن العدد الفعلي لدول العالم هو 150، والثاني 163 والثالث 170 والرابع 250. وقبل فترة قالت صحيفة الموند ديبلوماتيك الفرنسية أن فرنسا تعترف ب190 دولة وروسيا ب172 وألمانيا ب281 (65 منها تحت تعريف شبه دولة). أما صحيفة الايكونمست فاتخذت حلاً وسطا وذكرت أن دول العالم تتراوح ما بين 168 و452 دولة (وأذكر شخصياً أن اللجنة الرسمية لآخر دورة أولمبية قبلت مشاركة 197 دولة قالت أنها تشكل 90٪ من دول العالم)! .. وبدون شك هناك أسباب عديدة قادت لهذا الخلط والتداخل؛ فهناك مثلاً خلط واضح بين دول العالم والدول «الأعضاء» في منظمة الأممالمتحدة. وهناك دول قد تعترف بها أمريكا وتنكرها روسيا - أو تؤيد استقلالها فرنسا وتتجاهلها بريطانيا.. فمن يصدق مثلاً أن هناك 46 دولة ما تزال (غير مستقلة) وأنه في عصر الاتصالات الفضائية توجد 25 دولة عزلت نفسها طواعية مثل (منغوليا وفيتنام وبيوتان وكوريا الشمالية والمقاطعات المستقلة في جنوب افريقيا). وخلال عقد التسعينات فقط ظهرت 23 دولة جديدة بأسماء غريبة يتجاوز مجموع سكانها ال170 مليون نسمة (آخرها باولا واريتيريا عام 1995م وتيمور الشرقية عام 2002). أضف لهذا هناك دويلات أصغر وأقل أهمية من أن نتذكرها مثل لينخشتاين واندورا وليسوثو (رغم أن الأولى والثانية تقعان في قلب أوروبا). وهناك كيانات يحتار المحللون في أي تصنيف يضعونها (مثل السلطة الفلسطينية وكوسوفوا والشيشان) وأخرى مثل (تايوان) تكاملت فيها عناصر الدولة ومع ذلك لا يعترف بها معظم العالم بسبب الضغط الصيني!!! على أي حال؛ لعلك لاحظت كثرة الأسماء الغريبة في هذا المقال... والآن جاء دورك لتضع خطاً تحتها لتكتشف عدد الدول التي لا تعرفها!! [email protected]