يمثل "قصر الحكم" وسط الرياض الذي شهد مساء أمس مراسم البيعة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولي العهد وزير الداخلية، وصاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان ولي ولي العهد وزيرالدفاع، العمود الفقري لتاريخ الرياض بما يحمله من قصص كفاح على مر السنين، حيث شهد مبايعة ملوك المملكة السابقين - رحمهم الله - كما شهد مبايعة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله. ويجسد قصر الحكم قيمة تاريخية شامخة، وشاهد على التطور السياسي في المملكة، إذ كان قصر الحكم مقراً للحاكم وملتقى المواطنين بقيادتهم، وعلى مدى السنوات التي تولى فيها الملك سلمان إمارة منطقة الرياض، كان فيها بمنزلة "مهندس البيعة" في هذا القصر وكان رعاه الله شاهدا لجميع مراسم المبايعة وظل سنداً وعوناً لأشقائه في أثناء مبايعتهم. وتضم منطقة قصر الحكم عددا من الأماكن والأحداث والدلالات التاريخية للدولة السعودية والحياة القديمة والتقليدية، وحفظت تلك اللحظات والأحداث، وبعد فتح الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الرياض عام 1319ه قام باعادة بناء أسوار الرياض ثم شرع في إعادة بناء "قصر الحكم"، وكان الملك عبدالعزيز آنذاك يسكن في قصر جنوب قصر الحكم بمنطقة دخنة، ويعرف ذلك القصر ب (بيت نورة بنت فيصل بن تركي) وجعل (حصن المصمك) مستودعاً للاسلحة والمواد الغذائية والبناء ونحوه، اما مقابلة الوفود والجلسات الخاصة بشؤون الدولة فكانت في قصر والده الإمام عبدالرحمن شرقي الرياض بمنطقة (الخان) حتى تم بناء (قصر الحكم) عام 1330ه وبنى حوله قصوراً لسكن عائلته، وكذا قصراً كبيراً آخر أمام قصر الحكم من الناحية الشمالية خصصه للوافدين من الضيوف، وقد بقي الملك عبدالعزيز في قصر الحكم يدير شؤون الحكم مدة تزيد على 30 عاماً، ثم انتقل الملك بجميع العائلة إلى قصر المربع شمال المدينة عام 1357ه لكن القصر ظل مستمراً في أداء وظائفه الإدارية. القصر التاريخي يحتضن مبايعي «أحفاد المؤسس» أول مرة وقد استلهم تصميم هذا القصر من الملامح التقليدية لعمارة المنطقة، حيث يبدو ظاهرياً كأنه مؤلف من جزأين: أحدهما جنوبي يتكون من ستة أدوار على هيئة قلعة ذات أسوار وأربعة أبراج في أركانها ترمز ضخامتها إلى القوة والمنعة، إضافة إلى برج خامس في الوسط يشكل مصدر إضاءة وتهوية للأفنية والمكاتب الواقعة تحته، ويلتصق بهذا البرج من جهة الشمال جزء آخر مؤلف من خمسة أدوار. والواجهات الخارجية لهذا القصر شبه مصمتة، فيما تنتشر داخله سلسلة من الفراغات والأفنية متنوعة الأحجام موزعة توزيعاً مرناً تعطي إحساسا بالرحابة والسعة، وأعيد بناء هذا القصر في موقعه السابق واستلهم تصميم هذا القصر من الملامح التقليدية لعمارة المنطقة. وتأكيداً لدور هذه المنطقة بصفتها مركزا إداريا وثقافيا وتجاريا للعاصمة وجهت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض اهتمامها بوسط المدينة بدءاً من منطقة قصر الحكم، حيث عملت على رفع المستوى العمراني لها، وتحسين مظهرها وحركة النقل فيها، وتعزيزها بالخدمات مع المحافظة على المواقع التراثية والتاريخية بها، وتم وضع استراتيجية شاملة للعمل التخطيطي الخاص بإعادة تطوير منطقة قصر الحكم، اعتمدت على عدد من العوامل والحقائق التي أظهرتها الدراسات التفصيلية للمنطقة، تتمثل في التوجه نحو التقليل من نزع الملكيات إلى الحد الأدنى بغرض إفساح المجال لدور القطاع الخاص الاستثماري، والرغبة في الاستجابة لقوة السوق وواقع العرض والطلب، وتحقيق أهداف التوجهات العامة بأن يكون الاتجاه نحو التجديد والتحسين العمراني وليس إعادة البناء للمنطقة، واعتمدت الهيئة البرنامج التطويري المرحلي الذي حقق الاستراتيجيات المطروحة لتطوير هذه المنطقة، بحيث جرى تنفيذه على مدى قريب ومدى بعيد. منطقة قصر الحكم قيمة تاريخية مهمة لأهالي الرياض قصر الحكم شاهد على مراحل مهمة من تاريخ الوطن