في خطوة فسرها الكثير من المراقبين على أنها تعكس مدى رغبة سورية التعاون مع لجنة التحقيق الدولية بجريمة اغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الاسبق أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسوما تشريعيا حمل الرقم 96 للعام 2005 يقضي بتشكيل لجنة قضائية خاصة برئاسة النائب العام للجمهورية وعضوية النائب العام العسكري وقاض يسميه وزير العدل تتولى مباشرة إجراءات التحقيق مع الأشخاص السوريين من مدنيين وعسكريين في كل ما يتصل بمهمة لجنة التحقيق الدولية المستقلة بموجب قرار مجلس الأمن رقم /1595/ تاريخ /7/4/ 2005/. وأكدت مصادر مطلعة ل «الرياض» أن تشكيل اللجنة سببه ورود أسماء سوريين في تقرير ميليس وبما أن القانون السوري يمنع التحقيق مع السوريين خارج البلاد فإنه تم تشكيل اللجنة لأسباب موضوعية ولرغبة سورية في الكشف عن الحقيقة في اغتيال الحريري أما احتواء اللجنة على قاض مدني وآخر عسكري فأكدت المصادر بأن السبب يعود إلى أن تحقيقات ميليس توجه اتهامها لعسكريين ومدنيين ومن المقرر أن تكون هذه اللجنة صلة الوصل بين لجنة ميليس والقضاء اللبناني والسوري. ونص المرسوم التشريعي حسب البيان الرئاسي على ان تتعاون اللجنة مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة ومع السلطات القضائية اللبنانية في كل ما يتصل بإجراءات التحقيق المبينة في هذا المرسوم التشريعي وسمح المرسوم للجنة أن تستعين في تنفيذ مهامها بمن تراه من قضاة مدنيين وعسكريين او من افراد الضابطتين العدليتين المدنية والعسكرية، ويعتبر هذا المرسوم التشريعي نافذاً من تاريخ صدوره. يذكر أن ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري سبق واقترح خلال البيان الذي ألقاه في مجلس الأمن أن تجري سورية تحقيقا خاصا في جريمة اغتيال الحريري. من جهة أخرى وفي محاولة للحد من دخول الإرهابيين إلى البلاد أعلنت وزارة الداخلية السورية بأنها بدأت ا لتدقيق في أوضاع القادمين إلى سورية عبر المنافذ الحدودية من الفئات العمرية بين /18/ الى /30/ عاما لمنع دخول وتسرب مشبوهين للقيام بأعمال إرهابية داخلها، وحسب بيان وزارة الداخلية السورية فإن التعليمات تستثني من لديهم إقامة دائمة في سورية ومن يمثلون شركات تجارية ومؤسسات عامة والدبلوماسيين والموفدين الرسميين والمدعوين لحضور مؤتمرات ومعارض وزيارات رسمية وانشطة عامة والتجار ورجال الأعمال والطلاب الذين يدرسون في الجامعات السورية ويحملون وثائق تثبت ذلك. وشددت الوزارة على ضرورة إعادة أي مشبوه من حيث أتى منوها بأن التعليمات الحالية تأتي تأكيداً لتعليماتها السابقة وانطلاقاً من الحرص على الأمن والاستقرار الذي تنعم به سورية. من جهة أخرى أكد محمد سعيد بخيتان الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي أن لجنة التحقيق الدولية بقيادة ديتليف ميليس أخذت بشهادة الحاقدين والمجرمين لتؤكد تورط سورية وقال خلال المؤتمر العام الحادي عشر لنقابة المحامين الذي يقام تحت شعار (التصدي والتهديدات الموجهة ضد سورية واجب وطني وقومي) تم استجواب الحاقدين والأخذ بشهادة الخصوم والمجرمين والمطعون في صدقهم ليقال أخيراً إن سورية متورطة. وشدد على أن سورية أكدت على لسان الرئيس بشار الأسد بأنها بريئة من الجريمة مئة بالمئة وانها مستعدة لإنزال العقاب العادل لكل من يثبت تورطه بالادلة بهذه الجريمة لافتا الى ان التقرير الذي اعد قبل ان تبدأ اللجنة تحقيقها فصل على مقاس الراغبين بتدمير المنطقة والمخدوعين والطامعين بالمكاسب العاجلة. إلى ذلك وفي ثاني رد فعل شعبي على تقرير ميليس أصدر مجلس الشعب في سورية بياناً أكد فيه عدم صدقية التقرير وتناقضه وارتكابه العديد من المخالفات القانونية والمهنية وذكر البيان بعد ثلاثة أيام من مناقشة تقرير ميليس من قبل مختصين في القضاء والمحاماة بأن ما ورد في التقرير يهدف إلى تحقيق غايات سياسية أكثر منها قضائية، وأوضح البيان بأن جريمة اغتيال الحريري هدفها النيل من العلاقات المتميزة بين لبنان وسورية والتي نشأت بحكم الجغرافيا والتاريخ وصلات القربى ونوه بأن تقرير ميليس مسيّس اولاً وأخيراً مؤكدا في الوقت نفسه بأن سورية بريئة من دم المرحوم الحريري براءة مطلقة وهي تسعى لكشف الحقيقة ومعرفة المجرمين وأوضح البيان الأسباب التي بني عليه استنتاجه ومنها تسريب التقرير إعلامياً خلافاً للقانون الدولي،إضافة إلى تناقض الأفكار الواردة في التقرير وعدم انسجامها مع المقدمات والنتائج. أما الغرض السياسي للتقرير فقد عزاه البيان إلى توجيه الأنظار نحو اتهام سورية، باغتيال الحريري وعرض هذا الاتهام بطريقة تساعد الاتجاه الضاغط لإدانة سورية عن طريق استغلال التقرير إعلامياً وإتاحة الفرصة لهذا الاتجاه، وأشار البيان إلى أحد تناقضات التقرير حيث تؤكد الفقرة 210 بأن جميع الأشخاص بمن فيهم أولئك الذين اتهموا يجب أن يعتبروا ابرياء الى ان تثبت إدانتهم في محاكمة عادلة في حين يتهم سورية باغتيال الحريري من جهة ويفترض البراءة واجب لحين ثبوت الإدانة من جهة أخرى.