في مجلسه يكرر الملك عبدالعزيز -رحمه الله- عبارة ثمينة وهو يضرب بعصاه على الأرض قائلاً: «الحزم أبو العزم أبو اللزم أبو الظفرات الترك أبو الفرك أبو الحسرات» هذه العبارة كانت بمثابة الحكمة التي أسس عليها الملك المؤسس الكثير من المواقف والمسارات في الرأي والقرار سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي. ولفتت هذه العبارة المهمة نظر الكثيرين من الذين حضروا مجالس الملك عبدالعزيز ورأوا تطبيقها الفعلي في سياساته ومواقفه. ومن أولئك الذين لفتت هذه العبارة نظرهم المسؤول عن إدارة العلاقات الحكومية بشركة أرامكو من الولاياتالمتحدةالأمريكية السيد ويليام موليغان الذي قابل الملك عبدالعزيز عدة مرات وأدار تحرير نشرات الشركة ويعرف اللغة العربية. قام بتدوين هذه العبارة أو المثل على ورقة ووضع اسم الملك عبدالعزيز عليها، كما قام بترجمة النص بشكل حرفي إلى اللغة الانجليزية، وهي محفوظة ضمن أرشيفه الخاص في جامعة جورج تاون بأمريكا. وعندما قرر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- وضع حد لمعاناة الأشقاء في اليمن وإنهاء العبث الفارسي والتهديد للمملكة العربية السعودية حامية الحرمين الشريفين الذي ربما يترتب على الأمور إذا تركت، استمد قراره ذلك من الأسس التي تقوم عليها البلاد وواجباته كحاكم وتأسياً بوالده المؤسس الذي منع عن بلادنا الكثير من ويلات الحروب والتهديدات في فترات تاريخية عصيبة نتيجة لتوفيق المولى عز وجل أولاً ثم سياسة الحزم التي توجع مفاصل الأعداء. فالملك سلمان القارئ للتاريخ والواعي به حقيقة يعرف -حفظه الله- أن الحزم ورد في كتب التراث العربي على أنه النظر في الأمور قبل نزولها وتوقي المهالك قبل الوقوع فيها وتدبير الأمور على أحسن ما يكون من وجوهها. وقالت الحكماء: تضييع الحزم جالب للندامة ومقرب من الهلكة. وهذا هو لب المثل الذي صاغه الملك عبدالعزيز وطبقه وسار به سلمان وحققه على أرض الواقع في وقت كان الجميع ينتظر غيثاً يرفع الرؤوس ويعيد الهيبة ويجلي الأمور ويضخ الحيوية في الأجساد والعقول والآمال. وقالت الحكماء أيضاً: الملوك ثلاثة؛ حازمان وعاجز؛ فأحد الحازمين الذي ينظر في الأمور قبل نزولها ويتهيأ لها قبل الوقوع فيها فيجتلب خيرها ويجتنب شرها؛ والحازم الثاني هو الذي لا يدبر الأمور حتى يحل فيها إذا حلت به عرف وجوه التخلص منها، وهذا أخفض رتبة من الأول؛ والعاجز الذي لا يزال في لبس من أمره وغفلة عن إصلاحه. هذا هو سلمان بن عبدالعزيز الحازم الأول الذي ينظر في الأمور قبل وقوعها ويتهيأ لها. فلله در سلمان الحازم والواعي ولله در من معه من رجال الذين قادوا هذه العاصفة بحزم ونفذوا أمره الكريم كما أراد وكما يطمح الشعب والعرب والمسلمون. فالحزم سلمان واللزم محمد بن نايف وزير الداخلية، ومحمد بن سلمان وزير الدفاع، والعزم جنود الوطن وقادتهم والظفرات سيجنيها الجميع بإذن الله في هذا الوطن الراسخ بقيادته ومبادئه الذي لا تهزه صراخات العملاء لأجندة ضد العرب والمسلمين. حفظ الله الوطن وحفظ قادته ملكاً وولياً للعهد وحفظ شعبه الأبي. والله الموفق.