إن وجود الانضباط في أي مجتمع دلالة على رقيه وتقدمه وازدهاره علماً أن الانضباط روح الإسلام، بل الإسلام كله انضباط بأوامره ونواهيه وأحد مراتب الإسلام الاحسان الذي يعني إجادة العمل وإتقانه وإخلاصه وبدون الانضباط لا يستطيع المسلم أن يصلي الصلاة في مواعيدها ولا يصوم ولا يزكي ولا حتى يحج فالحزم والانضباط يعتبران أصلاً من أصول الدين (يا يحيى خذ الكاتب بقوة) (خذوا ما أتيناكم بقوة) (يا أبتي استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين) لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حازما في كل موقف يتطلب منه الحزم ومن ذلك قرار رحلة الطائف وقرار الهجرة وبعث الجيوش وحتى إجلاء اليهود كان قراراً حازماً وهكذا كان خلفاؤه من بعده فحزم أبي بكر الصديق رضي الله عنه في إنفاذ جيش أسامة والمرتدين وتأييده لكلام المصطفى صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية وحزم الفاروق رضي الله عنه مع خالد بن الوليد وهكذا.. وعندما تؤرق مخرجات التربية والتعليم أميرها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل ويبدأ خطواته بالحث على الانضباط والالتزام والحزم فهو يقول ما يعني ويعني ما يقول ويستحضر ما استشهد به المؤسس الملك عبدالعزيز غفر الله له موحد هذا الكيان العظيم وباني صرحه فكان يقول:(الحزم أبو اللزم أبو الظفرات ** الترك أبو الفرك أبو العثرات). بيت يردده المؤسس لن ينساه التاريخ فبنى به بعد توفيق الله تعالى مجداً ودولة وتوحيدا وعقيدة، فالفيصل يريد بناء جيل فاعل طموح وهو ما هدف إليه المؤسس -غفر الله له- حين أبدل بيت الشعر القائل: نبني كما كانت أوائلنا - تبني ونفعل مثلما فعلوا أبدله بقوله نبني ونفعل فوق ما فعلوا (في شطره الثاني). هكذا تبني الأجيال ويغرس الطموح وتعمر الديار ويستشرف المستقبل. يريد أمير التربية الطلاب هم صناع الحياة وهم المؤثرون في رفعة الوطن وهذا لا يتأتى إلا بجد وحزم وانضباط فالحزم أبو اللزم أبو الظفرات.. إذا أيقظنا القائد فيلزم أن نفرح ونستبشر وليس العكس فالرأي كثير والحزم قليل وورد في الأثر (أحزمكم أزهدكم).. إن صرخة أمة في خطر التي أطلقتها الولاياتالمتحدة الأميركية عام 1983 كانت مبكرة ومدوية لاستنهاض التعليم ومخرجاته. القيادة ليست مباراة للشهرة لذلك القادة العظام لا يتنافسون على جلب حب الناس وعطفهم بل يسعون إلى فعل الصواب وإرضاء الضمير وإخلاص العمل لا فعل ما يحبه الناس. يعرف ستيفن كوفي الانضباط:(أن تدفع الثمن الذي يتطلبه تحويل الرؤية إلى واقع)، فالعامل القيادي أهم عوامل التغيير الاجتماعي نحو النمو والتطور كما يعتبر الباحثون. أمير التربية يريد أن يكون الطالب والمعلم مثلاً في الانضباط والالتزام والحزم لأن النظام التعليمي في أي أمة هو الذي يقع عليه العبء الأكبر في نهضة الأمة وتقدمها وبناء حضارتها. كيف لا ونحن في وطن معطاء وقيادة تنفق بسخاء على التعليم بما يعادل ميزانيات دول مجاورة لذلك نرى خادم الحرمين الشريفين ينادي بأن يكون المواطن قوياً أميناً فهذه - والباري - رسالة تدرس. إن الإخلاص والولاء مثل المال إذا أردت أن تحصل عليه عليك أن تصرف بعضاً منه، ومثل الحنان إن أردت أن تناله عليك أن تعطيه للآخرين. والحصن الحصين في منتج التعليم هو المعلم الذي يقف خلف مخرجاته فبانضباطه ينتظم العمل ويتحقق المخرج الذي نريد.