استعاد الشاعر المرحوم عبدالله بن خميس ذات لحظة تأمل، أمجاد الدرعية، وإشعاع نورها المتوهج بالحكمة والفعل السياسي ومجالس العلم والفكر الديني في ساحاتها ومساجدها، والتأمل الرؤيوي لقادتها من آل سعود حيث صنعوا مجداً، وأنبتوا إنساناً وقال: فمن هاهنا سادوا ومن هاهنا اعتلوا ومن هاهنا تاج العلى كان يعقدُ هي الدرعية منبت هذا الكيان الشامخ والمؤثر والفاعل في صناعة القرار الأممي، ومنطلق دولة قامت على الحب والتسامح والتقارب بين كافة شرائح مكوناتها وأطياف مجتمعها، وقدمت أنموذجاً رائعاً ومبهراً من وحدة الجغرافيا وتلاحم الإنسان من الماء إلى الماء، وصاغت إنسان هذه الصحراء المعطاء، والسخية والملهمة بشكل حضاري متفوق ونقلته من بداوة المرعى والغدير والتنقل والترحال ومطاردة كائنات الصحراء يسد بها جوعه، وتساعده على العيش ومقاومة الموت جوعاً، إلى مقاعد العلم والتحصيل الأكاديمي في جامعات أوروبا وأميركا يبدع ويخلق ويفكر مع الاحتفاظ بذاكرة مرهقة من المعاناة في العيش وتفاصيل الحياة ويستعيد قول ذلك المسحوق جوعاً: نجد يكفي عن غثاها غذاها لو هي مقر (الفقر) في ماض الادهار نركض ومن صاد الجرادة شواها وللنار يا مرّث من المال دينار هي الدرعية التي وصفها شاعرها الكبير العريني في قصيدة بوح أخّاذة العذوبة، باذخة العاطفة .. يا ديرة بالعرض ماها قراح ياما بها من مدمج الساق مياح غربيها خاشر وذيك اللياح وشرقيها بالوصف رجم ابن طلفاح لقد رقصت الدرعية ليلة البارحة طرباً، وعانقت التاريخ، واستعادت الأمجاد الخالدة في حفل باذخ استعادت فيه ذاكرة البطولات وانطلاق راية ظللت بأهدافها النبيلة، وغاياتها الطموحة كل هذه المساحات من الجغرافيا، ومن ينتمي اليها ويرتبط بها ولاءً ووفاءً من إنسان عانى المتاعب والمشاق والمصعب فأعطاه الكيان السياسي الأمن والرخاء والسعادة والرفاه وما يوفر حياة جميلة هانئة وهادئة. لقد كان الملك سلمان بن عبدالعزيز في الدرعية ليلة البارحة يبادلها الوفاء، ويمنحها النبل، ويعطيها التألق في استعادة وتذكر أمجادها العظيمة ويحيي ذاكرة التاريخ "الدرعاوي" والمجد الذي قدمته وصنعته، وسلمان بن عبدالعزيز بينه وبين الدرعية عاطفة عجيبة يحبها ويعشقها ويحملها هاجساً في داخله، وألقاً في روحه. سلمت سلمان تحرض الذاكرة الجمعية، وتعطي للأجيال دروساً في الوفاء للوطن والإنسان. لمراسلة الكاتب: [email protected]