المتابع للمؤتمر الصحفي اليومي (الإيجاز) للعميد ركن أحمد بن حسن عسيري المستشار في مكتب سمو وزير الدفاع، يمكن ملاحظة التطور السريع في الأداء، والدقة في الاجابات، والوضوح في الردود. يُقدم يومياً على الهواء مباشرة، من قاعدة الرياض الجوية. عندما نتابع الإيجاز اليومي لابد أن نستحضر العلاقة بين تنظيم مؤتمر عسكري وأداء المتحدث، في زمن إعلام الصورة والكلمة والتطور التكنولوجي، والهدف/ الجمهور المرتبط بهذا التطور. المؤتمر الصحفي اليومي ل "عاصفة الصحراء" أثبت - حتى اليوم السادس، أنه يمثل أنموذجاً للمؤتمرات العالمية الحديثة. ويمكننا تحديد النقاط النموذجية التي منحنته الإعجاب: التحضير الجيد والذكي لملخص العمليات اليومي - إشباع، من دون الاقتراب من الأسرار العسكرية. وهنا ميزة أخرى، قلما نجدها في مؤتمرات عسكرية، أن العميد العسيري يمتلك من كاريزما/ الأداء الممزوج بالثقة، مع المعلومة المشبعة لفضول الإعلام، وعدم منح العدو فرصة الوصول إلى معلومة أو تحليل مفيد له، الا الهدف من التصريح في المؤتمر. وأهم الأهداف، قطع الطريق أمام العدو، وهزيمته إعلاميا، كما هو مهزوم عسكرياً. نلمس هذا جيدا في إجابات العميد أحمد عسيري: وضوح/ شفافية، معلومة كافية وشافية. ومما يعرفه حضور المؤتمر، التسهيلات الكبيرة للصحفيين، وسلاسة الدخول، مع قدر عال من التعامل الراقي مع الاعلاميين ووسائل الاعلام ومع المشاهد أو القارئ، وهو ما يعني التمكن والقدرة على التنظيم. ومن التسهيلات: منح الفرصة للصحافيين أن يسألوا كما يشاؤون، وعدم تقييدهم بسؤال أو اثنين، فالمجال مفتوح، الا أن الأسئلة الصحفية عالية المهنية هي التي تروق للمسؤول والمشاهد والقارئ. فالاعلامي له دور كبير، وسيلة الاعلام يمكنها التدقيق في اختيار الصحافي المحترف القادر على استثمار مثل هكذا مؤتمر، عالي الشفافية والمقدرة. ليكسب في المؤتمر. الصحافة العالمية تطلب الحضور.. والتسهيلات كبيرة للوصول إلى المعلومة من مصدرها الإعلام الصادق يقضي على الدجل المتلقي اليوم أذكى مما سبق، وأكثر استيعابا وقدرة على التحليل، وصار الفكر عند الرأي العام اليوم يتفوق على وسائل اعلام ما زالت تؤمن بأن الصراخ والكذب والدجل هو المؤثر في الناس. ما يعني أن الاعلام الصادق يقضي على الدجل. صحيح أن الجمهور العربي يعرف بالجمهور العاطفي، إنما هو أيضا جمهور معرفي، بخاصة ذلك الجمهور المؤثر بآرائه ومشاركاته في مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي صار جمهورا مشاركاً في الرؤية العامة. الإيجاز يشد الإعلام الخارجي بعد مرور اليوم الأول، تتزايد رغبة وسائل الاعلام لمتابعة المؤتمر. البداية كانت قناة العربية، والعربية الحدث، والجزيرة، والاخبارية السعودية، هي القنوات الأبرز في النقل المباشر، وكنا لا نشاهد الا الصحفيين المحليين وقليلا جدا من الصحافيين الخليجيين، مع غياب كامل للصحفيين العرب والأجانب. ثم بدأنا نشاهد مراسلين أجانب، ومساء أمس توسع المتحدث، من اللغة العربية والانجليزية لتكون الفرنسية حاضرة. وبدأنا نتابع مشاهد وصورا من أرض المعركة، منقولة بصدقية. ما يمكن أن يضيفه المؤتمر، أن القائمين على إعداده، على درجة عالية من المهنية، يساعدهم صدق المعلومة الواقعية التي يستمدون منها معلوماتهم وينقلونها. وهي مادة ليست فقط تشبع المشاهد والقارئ وتضع الحقيقة كاملة أمامة من دون تزييف، ولا تمنح المتابع فرصة التأويل، بل أكبر من ذلك.. أن المؤتمر الصحفي اليومي (الإيجاز) يمنح المحاورين والمحللين آفاقا إيجابية واسعة، وهو درس من دروس العمل الاعلامي تضيفه المؤتمرات العسكرية الناقلة للمعلومات الصادقة، وهذا لم يحدث قبل المؤتمر اليومي لعاصفة الحزم.