يستكمل مسلسل «ملوك الطوائف» الذي يعرضه عدد من القنوات الفضائية قراءة مرحلة من اهم مراحل تاريخ الدولة الأموية في الاندلس، وهي مرحلة الانقسامات العربية وما آلت إليه الدولة نتيجة الأوضاع المتردية والصراع بين ملوك الطوائف. ويعالج المسلسل الذي ألفه الأردني الدكتور وليد سيف ويخرجه السوري حاتم علي ومن انتاج شركة سورية الدولية للإنتاج والتوزيع الفني - اهم احداث ومفاصل التاريخ الاندلسي، استكمالا للمشروع الثقافي الذي بدأته سوريا الدولية للانتاج والكاتب د.سيف والمخرج علي يعملان على مشروع استعراض تاريخ الدولة الاموية في الاندلس، حيث سبق لهذا الفريق المبدع ان قدم مسلسل «صقر قريش»، ومسلسل «ربيع قرطبة». ويسلط المسلسل الذي يشارك فيه نخبة من النجوم السوريين والعرب منهم: جمال سليمان - أيمن زيدان - خالد تاجا - تيم الحسن - سلاف فواخرجي - سوزان نجم الدين ومحمد مفتاح من المغرب الضوء على مرحلة انقسام الأندلس إلى دويلات صغيرة، وإمارات مستقلة، واعلان كل أمير نفسه ملكا، ودخول الأندلس في عصر فوضى وفتن وتمزق الأندلس إلى دويلات كثيرة متناحرة، الأمر الذي يتيح لمملكة قشتالة في الشمال أن تستغل الأوضاع المتردية لتوسيع حدودها ولكبح القوة الأولى المتحكمة في شبه الجزيرة الايبرية لأول مرة منذ الفتح الاسلامي، وتفرض شروطها المذلة على ملوك الطوائف الذين يستقوي كل منهم بقشتالة على الآخر. حيث تبرز في ذاك العصر مملكة«اشبيلية» لتصبح أهم ممالك الطوائق الأندلسية، إلا ان ملكها الشاعر الفارس العاشق: المعتمد ابن عباد يخضع كغيره لاملاءات قشتالة، وتبلغ المأساة ذروتها بسقوط مملكة طليطلة إلى الأبد. ويبدو في تلك اللحظة ان الأندلس كلها توشك على السقوط لولا تدخل المرابطين، وأيدهم المجاهد الكبير يوسف بن تاشفين الذي تمكن من تأسيس مملكة قوية عظيمة في المغرب الكبير. وينتصر ابن تاشفين على جيوش قشتالة في إحدى أهم المعارك التاريخية معركة الزلاقة، وبذلك يمنح الأندلس دفعة جديدة تمتد أربعة قرون أخرى. ويضطر أخيراً إلى خلع ملوك الطوائف الذين أثبتوا عجزهم، ويوحد الأندلس وينتهي كبير ملوك الطوائف (المعتمد بن عباد) نهاية تراجيدية أسيراً بائساً فقيراً في قرية نائية في المغرب. يتابع المسلسل تطور الأحداث في الأندلس من جهة، وتطور بناء دولة المرابطين في المغرب بالتوازي إلى ان يلتقي الخطان باستجابة المرابطين لصريخ الأندلس وعلى الرغم من تردي الأوضاع السياسية فإن هذا العهد يعد من أزهى عصور الأندلس من النواحي الثقافية والأدبية والفنية والعمرانية. يقف الفنان المخرج حاتم علي والكاتب الدكتور وليد سيف من خلال عملهما الجديد على أرضية مشتركة يمتلكان من خلالها رؤية فكرية وفنية متقاربة دفعتهما إلى مواصلة تجربة العمل المشترك في أعمال جديدة، وهو ماظهر جلياً في تجربتهما المشتركة الجديدة «ملوك الطوائف» التي تشكل الجزء الثالث من رباعية سوف يعملان على انجازها في السنتين المقبلتين وهي بعنوان «الرباعية الأندلسية». يوظف العمل المادة التاريخية من خلال صياغة خطاب معاصر يتوجه للمشاهد في سياق اجتماعي ثقافي سياسي معاصر. وفضلا عن الوقائع التاريخيه والسياسية الكبرى فإن قصة الطوائف مليئة بالأحداث الدراميه الإنسانيه المؤثره التي تتجاوز بها المعالجة الدرامية خصوصيه الزمان والمكان لتخاطب المشاهد المعاصر وقضاياه الراهنه.