لو أن لك صاحباً كصاحبي.. لتنبهت لحقيقة أن كل تفاصيل القصة هي ضد القصة بالفعل.. فهو يعرف من عرف منذ ما يزيد على ربع قرن.. كان مشروع أديب امتصته الصحافة فتميز فيها بقدرة استثنائية على التسلق.. المتملقة.. فأصبح متعهد الانسانيات في الكتابة. ولو انك كصاحبي عرفته.. لقلت إن تسلقه بدأ على شكل واستثماره إنسانياً.. بطريقة تجعله أمام من يقرأ كيده الحارس الأمين.. والمخلص الوحيد في الوطن للوطن. ولو أنك كصاحبي تعرف أن تسلقه أوصله لموقع مميز لرثيت لإنسانية الانسان التي تم تكريسها لاهداف انسانية مشعة بالحقد والكراهية وكل ما تنضح به النفس السوداء من سواد أنيق شديد البياض. ليس عليك ان تعرف عن صاحبي انه مازال يصد عن نفسه طعنات الغدر والحقد التي تصل إليه في أية فرصة مناسبة عقاباً له على خلاف حدث من ربع قرن.. وحتى لا تذهب بعيداً.. فخلافهما عملي.. عادي يمكن لأي انسان سوى ان يتجاوزه بعد مرور خمس دقائق من انفضاضه.. لكن ليس عليك أن تطلب هذا من متعهد إنسانيات محترف.. لأنه لابد أن يواجهك بحقائق لابد أن تقرها وتسلم بها.. مفادها أن الحقد الأسود والكراهية وظلام سواد النفس هي معطيات إنسانية أساسية.. وغرائز طبيعية في النفس البشرية يتطلب تجاوزها والتغلب عليها أناساً أسوياء لديهم قدرة على التسامح.. شرط أن تكون نمت في نفوسهم قيم الخير والمحبة والوفاء وما إلى ذلك من خزعبلات. ربما عليك كصاحبي ان تسلم أن الرجل مريض والعياذ بالله.. ومرضه مرض إنساني مشروع يجب تحاشيه والتحصن ضد.. لاستحالة شفائه. قد يكون عليك ان تلتقي به بعد الربع قرن من خلافك البسيط معه.. ثم تجد نفسك امامه مثل صاحبي لتعرض عليه فتح أي باب للتعاون بما تعرفه عنه ويعرفه عنك.. لكن ليس عليك ان تكون مثله تسمع حارس الانسانية يذكرك بأنك اختلفت معه قبل ذاك الربع قرن. ربما عليك ان تحدق في وجهه بدهشة.. وأنت تراه يتلوى بألم شديد لمجرد تذكرة انك سمحت لنفسك بالخلاف معه.. ثم تتجاوز دهشتك بعد أن تجده يكسو ملامحه بمشاعر الرضا.. ويرحب بك رافضاً عرض تعاونك.. فهو يريد التمتع برؤيتك عاملاً تحت إدارته.. ليس تقديراً أو تكريماً.. أو حتى للرغبة في استثمار قدراتك التي يعرفها جيداً.. لأنك لو كنت مثل صاحبي شديد الملاحظة لأدركت أنه يريدك قريباً منه بعد ذلك الزمن كله حتى يتمكن من الثأر منك بطريقة الانسانية المميزة. صاحبي بعد أن روى ما تقدم.. ذكرني بقصة مميزة للكاتب السوري الكبير زكريا ثامر عنوانها: «النمو في اليوم العاشر».. يصل فيها الكاتب لنتيجة رأى أنها حتمية مفادها ان تجويع النمر يصل به في اليوم العاشر الى التخلي تماماً عن تنميره والخضوع والخنوع الى الحد الذي يجعله يقبل أن يكون مجرد فأر جائع وذليل.. يقبل بأي فتات يلقى له. ثم عاد وأكد حقيقة ان كل حراس الانسانية امثال صاحبه ينسون انفسهم ويتضح جهلهم المريع متوجاً بالغباء الانساني الجميلي الذي يؤكد على انهم لا يفرقون بين السمات الانسانية والحيوانية.. فالانسان المتميز لا ينظر حتى يصل الى ما يراد ان يصل اليه في اليوم العاشر.. لأن طبيعته المتنمرة تجعل شراسته وصفاقته اعلى من قدرته على الانتظار.. الأمر الذي يحوله إلى بطاش في احسن الاحوال.. بينما يظن صاحبي أنه قط وليس نمراً.. بمعنى أنه مسالم ومتمسكن وجبان يسير إلى جوار الحائط حتى وإن لم يكن هناك حائط يسير الى جواره.. لكن.. ليس عليك ان تجعل جوعه يطول حتى اليوم العاشر لأن القطط لا يمكن ان تجوع مطلقاً.. وربما تكون هي الحيوان الوحيد غير القابل للانقراض بحكم ملازمته للانسان بطريقة غريبة لا سبيل معها للخلاص منه. وصاحبي ينطلق من حقيقته القططية.. محذراً بالقول: - اذا وجدت قطاً نائماً.. أو سائراً.. فكل ما عليك هو تحاشي الدوس على ذنبه أو أحد أطرافه.. لأن في ذلك خطأ لا تحمد عقباه.