الصرع اختلال في كهربائية الدماغ ويمكن أن يعالج بالشحنات الكهربائية، قد يكون هناك تناقض في معنى الجملة السابقة فكيف نعالج شحنات كهربائية زائدة في الدماغ بشحنات كهربائية خارجية، وهذه طريقة علاجية للصرع عرفت قديماً وقد استخدم الطبيب المسلم ابن سينا سمك التوربيدو الذي يطلق صعقات كهربائية قد تصل إلى 200 فولت حيث كان يضعه على رأس الشخص المصاب بالصرع ولاحظ وجود فائدة من هذه الطريقة العلاجية التي قد تكون غريبة من حيث المبدأ، وتكمن الميكانيكية العلاجية في أن الشحنات الموجودة داخل الدماغ هي مختلفة عن الشحنات الكهربائية الأخرى وقد لاحظ الطبيب الكندي بنفيلد الذي عمل العديد من عمليات تخطيط الدماغ للمصابين بمرضى الصرع في منتصف القرن الماضي لاحظ أن تنبيه قشرة الدماغ بالكهرباء تبطل شحنات الدماغ الصرعية، وبعد ذلك بدأ العلاج بالتنبيه الكهربائي يستخدم لعلاج الصرع، وهناك أنواع من أجهزة التحفيز الكهربائي التي قد تستهدف الأعصاب الخارجية أو عمق الدماغ أو قشرة الدماغ. فهناك الكثير من مرضى الصرع من لم يستفيدوا من العلاج الدوائي ولا يمكن علاجهم بالتدخل الجراحي لإزالة البؤرة الصرعية وذلك لوجود بؤر صرعية متعددة في الدماغ لا يمكن التعامل معها جراحيا، وإضافة لذلك توجد بعض البؤرات الصرعية في أماكن تتحكم في وظائف عصبية حساسة مثل مراكز الحركة ومراكز التخاطب حيث يصعب إزالة البؤرة الصرعية جراحيا، في هذه الحالات يمكن اللجوء إلى طريقة علاجية جديدة لعلاج الصرع من خلال التنبيه الكهربائي للدماغ والأعصاب . وهناك استخدامات كثيرة للتحفيز الكهربائي لعلاج أمراض عصبية مختلفة مثل مرض الرعاش وغيرها، وفي أواخر التسعينيات تم اعتماد هذه الطريقة العلاجية لتخفيف الصرع في الولاياتالمتحدةالأمريكية، هناك أنواع متعددة من أجهزة وطرق التنبيه الكهربائي والمستخدمة حاليا في دول كثيرة بما فيها السعودية. ويأتي ترتيب العصب الحائر (المبهم) العاشر من بين أثني عشر عصبا رئيسيا وهو أحد أعصاب الدماغ الرئيسية، ويرتبط العصب الحائر بأعضاء كثيرة من الجسم مثل القلب والجهاز الهضمي وغيرها، وقد اثبتت التجارب على الحيوانات أن تحفيز هذا العصب كهربائيا يؤثر على أجزاء كثيرة من الدماغ بما في ذلك قشرة الدماغ وكهربائيته، وقد وجد أن تحفيز العصب يقلل الشحنات الكهربائية الصرعية وبذلك يقلل عدد نوبات الصرع وحدتها. ويتكون جهاز تحفيز العصب الحائر من جزئين، الجزء الأول هو القطب الذي يوضع حول العصب الحائر في الرقبة في الجهة اليسرى يلتف حول العصب ويرتبط بسلك يمتد تحت الجلد إلى البطارية التي تزرع في منطقة تحت عظم الترقوة، وتتم زراعة الجهاز تحت التخدير العام ويستغرق وقت العملية حوالي الساعة، ويتم تشغيل الجهاز بعد حوالى اسبوعين من زرعه بعد إلتئام الجروح، حيث تتم برمجة الجهاز بجهاز برمجة خارجي، وبعد تشغيل الجهاز قد يشعر المريض بكحة مصاحبة لبداية البرمجة أو تغير بسيط في الصوت حيث تنتهي بعد وقت قصير. وتساعد هذه الطريقة من العلاج على تخفيف عدد نوبات الصرع وحدتها وقد يقل عدد النوبات إلى أكثر من 50٪ وفي بعض الحالات تقل بنسبة 90٪، وإضافة لذلك قد يحسن هذا التحفيز من مزاج المريض حيث إن هذه الطريقة قد أستخدمت في علاج الاكتئاب، والجديد في هذا النوع من التحفيز الكهربائي هو استخدام تقنية جديدة تتمثل في القياس المستمر لنبضات القلب عن طريق حساس متطور موجود داخل الجهاز وفي حالة بداية النوبة الصرعية يقوم الجهاز بإرسال شحنات كهربائية تقوم بمنع حصول النوبة الكاملة، وهذا النوع من العلاج مستخدم في دول قليلة حتى الآن وهو متوفر بالسعودية، وهناك أنواع أخرى من التحفيز الكهربائي للدماغ مثل التحفيز العميق وتحفيز أعصاب طرفية أخرى كتحفيز العصب الخامس وكل هذه الطرق تستخدم لتخفيف حدة نوبات الصرع.