الفساد الإداري مرض وآفة للاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، الفساد يقتل الإنتاجية ويعطل العمل، الفساد يقتل الطموح والإبداع لدى الإنسان الإداري ويعرقل المواطَنة المخلصة، إنّ أي مجتمع يسوده الفساد الإداري مجتمع متخلف.. مجتمع يرجع للوراء.. مجتمع أصبح فيه ضعفاء النفوس مهيمنين ولهم الصولات والجولات وتحويل هذا المجتمع إلى فئات من البشر يتصفون بالذل والخنوع وطفيليين يسلبون المجتمع حقوقه وواجباته وأصبحت العلاقة الشخصية والمحاباة هما أساس الحصول على الخدمات والسلع بالطرق غير الشرعية والأنظمة المعمول بها وأصبح هناك انحراف في تطبيق القوانين والأنظمة التي وضعت من أجل تقديم الخدمات العامة للناس بالسواسية والعدل. إنّ الفساد الاداري لا يقبله دين ولا يقبله عرف ولا نظام في الدنيا بأكملها، إن هناك فئات في مجتمعنا أصبح هذا العمل من سلوكياتهم وأخلاقهم وهذا السلوك وهذه الاخلاق إنذار خطير يهدد الوحدة الوطنية والتلاحم الاجتماعي الذي يسود مجتمعنا كمجتمع إسلامي نظيف مجتمع يستمد قوانينه وأنظمته من قاعدة فقهية وهي العدل والإنصاف الذي حملها لنا ديننا الحنيف ومبادئنا الإسلامية التي يجب أن نعتز بها ونتشرف بأن نجعلها في عقولنا ونطبقها على أرض الواقع، والفساد الإداري ظاهرة منتشرة في جميع أنحاء العالم ولكن همنا هنا مجتمعنا بالدرجة الأولى وعلاج هذه الظاهرة يكمن في أمرين، الأول: الإصلاح الاداري بتطوير وتحديث الأجهزة الإدارية لتكون واضحة وسهلة ومرنة لتقديم ماهو مطلوب، والثاني: هو إصلاح السلوكيات والأخلاق وفن التعامل ووضع الضوابط لمساءلة النفس وتعويدها على اعتناق المبادئ السليمة الصحيحة التي جاء بها ديننا الحنيف لدعم السلوكيات والأخلاق والتعامل النظيف، ومن أجل اجتثاث مظاهر الفساد فإن الأمر يتطلب إصلاحا إداريا يعمل على تطوير وتحديث الأنظمة والقوانين وإلزام الأجهزة الإدارية بتطبيق ذلك مستنداً على وضع سياسات وإستراتيجيات يتم من خلالها تقديم الخدمات المطلوبة، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب من أجل تقديم الخدمات العامة بالمستوى المطلوب، ووضع نظام الأجور والحوافز الوظيفية التي تجعل الموظف بعيداً عن الوقوع في الرشاوى والمغريات التي يراها ويشعر أنه في حاجة ماسة إليها حيث إن الرواتب والحوافز التي يحصل عليها لا تفي بما يحتاج إليه في حياته اليومية والمعيشية في وضعنا الراهن وهناك أمور كثيرة في الإصلاح الاداري لا يتسع المقام لسردها. وإذا أصلحنا النظام الإداري والمالي وضيقنا الخناق على الوقوع في الفساد فالأمر يستلزم إصلاح النفس فنحن أولاً مسلمون والإسلام يحثنا على أن نكون متمسكين بالمبادئ الإسلامية التي تجعل الإنسان نظيفاً فكرياً وعقلياً وأميناً فيما يقوم به وهو مسؤول عنه ويقوم بواجباته بإخلاص وإتقان بعيداً عن الانحراف وتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة، فإذا تم ذلك فسوف نقضي على الفساد وأشكاله ومنابعه ودولتنا -أيدها الله- قد وضعت يدها على هذا الجرح العميق بإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد الإداري للقضاء على هذه الآفة وما زلنا نتطلع إلى أن تقوم هذه الهيئة بواجباتها واستئصال الفساد الإداري من جذوره فقد كان إنشاء هذه الهيئة خطوة حكيمة وتاريخية في مسار الإصلاح الشامل في وطننا الغالي ومحاربة الفساد الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين وولي ولي العهد -حفظهم الله-. *كاتب وباحث في مجال الإدارة وتنمية الموارد البشرية