وافقت أخيرا وزارة المالية على دعم برامج التشغيل الذاتي في القطاعات الصحية المختلفة بزيادة مرتبات موظفيها 15 ٪ استجابة للأمر الملكي الذي صدر مؤخراً عقب أن واجه المسؤولون في تلك القطاعات صعوبة في إقرار نسبة الزيادة للموظفين من إداريين وفنيين وأطباء بسبب ما تعانيه تلك البرامج من عجز مالي كبير وخاصة في بند الرواتب نظراً لارتفاع المخصصات الشهرية لعدد من الأطباء الاستشاريين والقيادات الإدارية التنفيذية. وتلقى مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض دعما من المالية قدرته مصادر طبية في المستشفى بحوالي 70 مليون ريال سنوياً مقدارا للزيادة تشمل جميع الموظفين السعوديين الذين لا تتجاوز نسبتهم نحو 50٪ من مجمل 8 آلاف موظف في مختلف التخصصات الوظيفية . وبموافقة وزارة المالية على نسبة الزيادة وشمولها من مرتباتهم تفوق مرتبات الوزراء تنهي بذلك الجدل الذي تردد مؤخرا داخل أروقة القطاع الصحي حول عدم أحقية بعض المديرين التنفيذيين والأطباء الاستشاريين السعوديين لنسبة الزيادة بسبب تضخم الرواتب ولتقاضيهم مرتبات تفوق 80 ألف ريال وتصل في بعض الأحيان إلى 100 ألف ريال وهو ما يخالف السبب الجوهري من أمر الزيادة والذي نص على استثناء موظفي المرتبة الممتازة وهم من يتقاضون راتب شهري يبلغ 30 ألف ريال إضافة إلى شاغلي مرتبة وزير . وكانت آراء عدة شهدها الوسط الطبي خلال الأسابيع الماضية سادها إجماع حول أهمية تقنين تلك الزيادة وعدم إطلاقها لجميع العاملين في القطاع الصحي المستقل عن ميزانية وزارة الصحة كالمستشفيات المعتمدة على نظام التشغيل الذاتي. وتركز الرأي حول ضرورة إعادة النظر في أحقية منح نسبة زيادة 15٪ للموظفين الذين تزيد مرتباتهم الشهرية عن 30 ألف ريال سواء كانوا من الكادر الطبي أو الإداري استلهاماً لروح الأمر الملكي الصادر في هذا الشأن. وطالب عدد من الأطباء المشمولين في نظام الخدمة المدنية إلى أهمية النظر في مرتباتهم والمميزات والحوافز التي حرموا منها كحضور المؤتمرات الطبية العالمية خارج البلاد بينما يأخذها زملاؤهم ممن هم على برامج التشغيل الذاتي في القطاعات الصحية المختلفة حيث يؤكد الدكتور (ع . ع) وهو استشاري في احد التخصصات الطبية الدقيقة في وزارة الصحة أن راتبه الشهري في وزارة الصحة الآن بعد خدمة سبع سنوات بلغ نحو 15 ألف ريال بينما زملاؤه مثلا في قطاع الحرس الوطني الصحي يصل إلى 35 ألف ريال شهريا مطالبا في الوقت ذاته إلى انه حان الوقت إلى إيجاد سلم رواتب موحد ومرضٍ للأطباء سواء على برامج التشغيل الذاتي أو الخدمة المدنية وعدم ترك تحديد المرتبات في عشوائية وعلى حسب الأهواء الشخصية على حد قولة . من جهته يتوقع مراقبون أن تتسبب نسبة الزيادة في مرتبات موظفي برامج التشغيل الذاتي من أطباء وغيرهم وخاصة ممن تفوق مرتباتهم 50 ألف ريال إلى توسيع الفجوة في مرتبات الأطباء بين القطاعات والبحث عن الفرص الوظيفية ذات المرتب الأعلى مما قد يتسبب في انتقالات عشوائية للكوادر المتميزة بين القطاعات الصحية المختلفة ونشوء (حرب رواتب) وزيادة حدة الاستقطاب بينها والبقاء لمن يدفع مرتبا أعلى لطبيبه المتميز حفاظا عليه. وهنا يؤكد الدكتور عبد العزيز الغدير المختص والباحث بالاقتصاد العلاجي على أن زيادة مرتبات مستشفيات التشغيل الذاتي قرار له العديد من السلبيات حيث إن مرتبات موظفيه وانظمه تشغيله مشابهة لأنظمة القطاع الخاص والغرض من استخدام معايير القطاع الخاص بتلك المستشفيات هو التخلص من الحاجة للشركات تشغل المستشفيات كما كان يحدث سابقا. ومضى إلى القول: أن رواتب موظفيه تتم مراجعتها بشكل دوري ومستمر بعكس القطاعات الحكومية الأخرى والتي لم تراجع سلم رواتبها منذ حوالي العقدين من الزمن ومرتبات مستشفيات التشغيل الذاتي يمكن وصف البعض منها أنها مبالغ فيها فمثلا يبلغ راتب من يقوم بمساعده المرضى للتنقل بين أقسام المستشفى الخمسة آلاف وهذه الوظيفة لا تحتاج أي مؤهلات ومرتبها يعتبر اكبر مما يدفع لخريج الهندسة في السلم الحكومي ولذلك فأي زيادات على عامة سيكون لها مساوئها قد تمتد لتشمل القاطع الخاص. ويرى الدكتور الغدير أن أول المشاكل التي ستواجهنا هو الحاجة لتدعيم الميزانيات بشكل سنوي جراء هذه الزيادة مع العلم أن تلك المستشفيات تعاني في الأصل عجوزات بميزانياتها التشغيلية وبنسبة كبيرة جدا تبلغ لبعضها ما يساوي ميزانياتها السنوية ومن المعلوم أن المرتبات تستهلك النسبة الكبرى من تلك الميزانيات . ويشير إلى أن زيادة المرتبات أيضا ستؤدي إلى نزوح لموظفي المستشفيات الخاصة للعمل بمستشفيات التشغيل الذاتي كون المرتبات الآن ارتفعت والعمل بالطبع أكثر جاذبية! وهذا سيخالف التوجه الحكومي بدعم القطاع الخاص لتولي توفير فرص العمل للمواطنين وهم بعد الزيادة سيواجهون معضلة بإقناع السعوديين بمرتبات اقل وعمل أصعب وفي النهاية ستزداد الحاجة للمتعاقدين لشغل تلك الوظائف وتأخر لبرامج السعودة لديهم