فاز المخرج السينمائي الفلسطيني هاني أبو أسعد، والقاص والأديب العربي السوري زكريا تامر، بجائزة محمود درويش للثقافة والإبداع في دورتها السادسة للعام 2015، وذلك خلال حفل نظم الليلة الماضية في متحف محمود درويش في رام الله ضمن الاحتفال بيوم الثقافة الوطنية الذي يصادف ميلاد الشاعر الراحل (13 اذار). وقال رئيس مؤسسة محمود درويش ياسر عبد ربه، ان المخرج السينمائي هاني أبو أسعد، ركز في مشروعه الإبداعي على قيم الحريّة والعدالة لفلسطين والفلسطينيين، وفضح الاستعمار والصهيونية، مضيفًا "كما حصل على جائزة محمود درويش للإبداع العربي الكاتب السوري الرائد في مجال القصة زكريا تامر، الذي يجمع بين جمالية السرد ورفعة الذوق، وبين الشجاعة والعناد في الدفاع عن حرية الإنسان وكرامته، ومواجهة الظلم والاستبداد". وشدد عبد ربه على دور المبدعين فلسطينيا وعربيا وعالميا في إعلاء صوت الحرية والتحرر والكرامة والعدالة ومواجهة الظلم والاستبداد والعنصرية، انحيازا للرسالة التي كرّس محمود درويش حياته وإبداعه من أجلها، مؤكدًا أن مؤسسة محمود درويش ارتأت أن لا تقتصر الجائزة على المبدعين الفلسطينيين فقط، بل تشمل المبدعين العرب والعالميين، وعرض عبد ربه إنجازات مؤسسة محمود درويش، ودورها الرائد في احتضان المبدعين، خاصة الشباب منهم، وإبداعاتهم، من شعرٍ ونثر ومسرح وسينما وموسيقى وتشكيل، إلى جانب استضافة المتحف كتابا ومبدعين عربا وعالميين، إيمانا برسالة محمود درويش الإنسانية الكونية التي لا تقتصر على فلسطين وأبنائها فقط. ونوه إلى أن المؤسسة أعادت طباعة الأعمال الشعرية الكاملة لسيد الكلمة، وكذلك أعماله النثرية، ضمن مشروع بالشراكة مع مؤسسة الناشر ودار الأهلية للنشر والتوزيع. وبشأن منح جائزة محمود درويش لهذا العام للمخرج الفلسطيني أبو أسعد، قال سامي الكيلاني، عضو لجنة الجائزة: "لا يخشى هاني أبو أسعد المناطق الإشكالية، ولا يخاف من بشريّة شخصياته وما يحملونه من تناقضات وتعقيدات تؤشر إلى تناقضات وتعقيدات الواقع غير الطبيعي الذي يعيشون فيه: واقع الفلسطينيين الرازحين تحت ثقل الاحتلال والاستعمار والاستيطان والقمع والحواجز التي تلاحقهم أينما حلّوا، بل وفي أكثر أماكنهم خصوصية وحميمية". بدوره عبر أبو أسعد عن سعادته بالجائزة التي وصفها بأنها "الأغلى والأهم في حياته ومشواره السينمائي السابق والمقبل"، ليس فقط لأنها تحمل اسم الشاعر الكبير محمود درويش، الذي علمنا نحن الجيل الذي عاش إحباط ما بعد العدوان الإسرائيلي الصهيوني على بيروت، كيف ننتصر للإرادة والحياة والأمل في رائعته "مديح الظل العالي"، بل لأن جائزة الفنان في وطنه هي الأهم بالنسبة له على الإطلاق، مؤكداً على أن شعباً يكرم مبدعيه هو شعب حي يستحق التحرر من الاحتلال. وحول مسوغات منح جائزة محمود درويش للإبداع العربي للكاتب القاص زكريا تامر، قال الكيلاني: "كتب زكريا تامر قصصه بديعة الوجازة، مازجاً ما بين السرد القصصي الحديث العالي والحكي التراثي فاتن التخييل، فقدم نماذج عالمية في قصص رائعة الجماليات، والاقتصاد الأدبي، والهجائية الساخرة، إلى جوار قصصٍ للأطفال تشف عن عذوبةٍ حانيةٍ ومنيرةٍ، ومقالات وخواطر لاتَخْفَى فيها سمات المصوِّر، كاتب القصة الوجيزة العربي البارع". وأضاف الكيلاني: لقد وصف زكريا تامر مراراً بأنه حاد وجارح في هجائه، دفاعاً عن حرية الإنسان وكرامته وأشواقه اللاهبة للحب والحرية، وتعريته لسالبي الإنسان هذه الحرية والكرامة والأشواق المشروعة، ولعلنا نضيف إلى ذلك أنه واضح وصادق في استقامته الأخلاقية لحمل هذه الرسالة الناقدة دون مساومة ولا مهادنة مع مثالب حياتنا العربية، دون أن يقع في فخ التقريرية والخطابية برغم ذلك. في كلمته التي ألقاها بالنيابة عنه، زكي درويش، شقيق الشاعر الراحل وعضو لجنة تحكيم الجائزة، قال زكريا تامر: "ما يميز هذه الجائزة هو الذي جعلني أبتهج وأفخر بفوزي بها، لاسيما أنها تحمل اسم صديق مبدع اتصف بموهبته الفريدة وارتباطه بهموم أهله وقومه وأرضه، ووهبت أشعاره دماء جديدة لجسد هرم، ومن يظفر بمثل هذا التكريم يحق له أن يرحب به بوصفه تكريماً للقصة القصيرة العربية، واعترافا بمنجزاتها، وتعبيراً عن مؤازرة المظلوم الفلسطيني للمظلوم السوري في نضاله للتخلص من كل أشكال الظلم، والقهر، والطغيان، والعبودية". وفي كلمته شدد وزير الثقافة زياد أبو عمرو على أهمية الدور الذي لعبه درويش كشاعر عابر للأجيال، في إثراء المشهد الثقافي الفلسطيني والعربي والعالمي، فهو "عبر أربعين عاماً من الإبداع كرس نفسه كظاهرة نادرة ومؤثرة، حافظ خلالها على أصالة فكره، وروح هويته، منطلقاً نحو آفاق إنسانية واسعة، ليشكل نموذجاً للمثقف القادر على قراءة واقع شعبه، والتعبير عن أحلامه، ونقل التراجيديا الفلسطينية إلى العالم، فكان كالنهر الذي تتلاقى فيه المياه لترفد البحر".