يظل الهاجس الأمني والوقائي مع زيادة ارتباطنا بالإنترنت وتزايد مفهوم إنترنت الأشياء هاجساً مقلقاً للجميع، ومؤخراً ظهر مفهوم جديد ألا وهو إنترنت الأشخاص، ويعتمد هذا المفهوم على زراعة رقائق إلكترونية داخل الجسم البشري تجعل الحياة أسهل، إذ ما على الإنسان إلا التفكير بما يريد ومن ثم تقوم الشريحة الإنترنت بتنفيذ التفكير واقعياً من خلال الارتباط بالإنترنت، فمثلاً إذا انصرف الإنسان من عمله وفكر أنه يرغب بأن يكون المكيف في المنزل يعمل على درجة حرارة معينة ليكون المنزل بارداً بمجرد وصوله، بعد مجرد التفكير تقوم الشريحة بارسال أوامر للمكيف في المنزل للعمل على درجة الحرارة التي حددها الشخص. ومؤخراً كشفت شركة كاسبرسكي لاب المتخصصة في مجال الأمن الإلكتروني مع شركة "BioNyfiken" السويدية المتخصصة فى مجال تكنولوجيا القرصنة البيولوجية عن حقائق اتصال أجسامنا بالإنترنت، وذلك نظراً لما تشهده إنترنت الأشياء من تطور متسارع لتصبح انترنت الأشخاص. إن هذه الأمور لم تظهر مسبقاً إلا في افلام هوليوود وروايات الخيال العلمي، ولكننا في العام 2015 نلاحظ تزايداً في عدد الأشخاص الذين تم تثبيت أجهزة تكنولوجية في أجسامهم، ونتيجةً لتطور التكنولوجيا واتساع رقعة استخدام الأجهزة المساعدة القابلة للتثبيت في الجسم البشري، مثل جهاز عداد الخطوات ومضخات الأنسولين وأجهزة تقوية السمع، فقد أصبح العالم مملوءاً بالأشخاص الذين يمكننا اعتبارهم شبه آلات. ولكن التقارير الإعلامية الحديثة تسلط الضوء على ولادة سلالة أخرى من الإنسان المطور، ونقصد بذلك الأفراد الذين تتم زراعة أجهزة تكنولوجية في أجسامهم لا لأغراض طبية، بل ليشعروا بمزيد من الراحة في حياتهم اليومية. حيث إنهم أفراد مزودون بأجهزة ذكية مزروعة في أجسامهم لتمكينهم من التحكم بأقفال الأبواب والقيام بإجراء معملات إلكترونية والدخول إلى أنظمة الكمبيوتر بحركة واحدة من يدهم، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو أننا عندما نسمح لأجسامنا بتخزين كميات متزايدة من البيانات الشخصية القابلة للاختراق، أليس هذا مدعاة للقلق؟ تتولى شركة "BioNyfiken" السويدية مسؤولية قيادة هذا التحول عن طريق تطبيع ظاهرة زراعة الرقائق الإلكترونية في الجسم البشري وتوفير تلك الخدمات للعالم. ويرى الخبراء في الشركة أن زراعة جهاز ذكي تحت الجلد لا يختلف كثيراً عن ارتداء قرط أو ساعة يد، وتوقعوا تزايد عدد الأفراد الذين يفضلون أجهزة مزروعة في أجسامهم تحتوي على مجموعة من المعلومات وتكون مدعومة بتكنولوجيا الاتصالات قريبة المدى (NFC). وقال باتريك ميلوند نيلسن، الباحث الأمني الأول في كاسبرسكي لاب: "يكمن الهدف الأساسي من وراء إنترنت الأشياء في ابتكار المنتجات وطرحها في الأسواق بسرعة. وتأتي مسألة الأمن في أغلب الأحيان في مرحلة لاحقة. ومع أن "التطعيم البيولوجي - bio-augmentation" كان محط الاهتمام الأبرز للخيال العلمي كما نتذكر، إلا أن عدداً كبيراً من قصصه لم تتناول تأثيراته اليومية، مثل التساؤل عن ما قد يحدث عندما تكون مفاتيحنا الخاصة مثبتة في أجسامنا؟ أو فيما إذا كان بإمكان أي شخص أن يصبح نسخة افتراضية عنا بمجرد مصافحتنا؟ أو من هو الشخص الذي قد يلاحقنا حيثما نذهب؟ وتعني كلمة " BioNyfiken" فضولي باللغة السويدية، وعند الإجابة عن تلك التساؤلات المتعددة، فنحن فعلاً كذلك". وأشار هانز سوبلاد، أحد مؤسسي شركة "BioNyfiken" بقوله: "لقد أصبحت هذه التكنولوجيا أمراً واقعاً لا مفر منه." "نحن نشهد تحولاً سريع النمو في المجتمع بحيث نرى أفراداً مهتمين بتجربة الرقاقة الإلكترونية المزروعة في أجسامهم التي تمكنهم من أداء مجموعة متنوعة من المهام اليومية بسهولة، مثل الدخول إلى المباني وفتح الأجهزة الشخصية دون إدخال رمز التعريف الشخصي وإتاحة إمكانية قراءة مختلف أنواع البيانات المخزنة. "باعتقادي أن هذه التكنولوجيا هي وسيلة مهمة أخرى للتواصل في تاريخ التفاعل بين الإنسان والكمبيوتر، لا يختلف عن تلك اللحظات التي شهدت طرح أول كمبيوتر أو أول شاشة تعمل باللمس. إن تحديد هوية الشخص عن طريق اللمس هو أمر طبيعي وفطري بالنسبة إلى الإنسان، بل على العكس تعد رموز التعريف وكلمات المرور غريبة وغير طبيعية. وإن أي جهاز إضافي نضطر لحمله أينما نذهب لغرض التعريف بأنفسنا، مثل ميدالية المفاتيح أو بطاقة التمرير، فهو وسيلة أخرى تضيف مزيداً من العبء على حياتنا". وإلى جانب الأبحاث التي ستجريها بالتعاون مع شركة "BioNyfiken"، ستشارك كاسبرسكي لاب في تنظيم أحداث مشتركة مع طيف أوسع من مجتمع المتخصصين في مجال تكنولوجيا القرصنة البيولوجية في السويد وسائر أنحاء أوروبا، وذلك بهدف إدراج الجوانب الأمنية والخصوصية على جدول الأعمال. وهناك بالفعل عدد من المباني ذات التقنية العالية في السويد، مثل Epicenter، الذي يلبي تطلعات الأعمال المستقبلية لا سيما في الأماكن التي يتم فيها استخدام الأجهزة المزروعة في الأجسام البشرية والمزودة بتكنولوجيا الاتصال قريب المدى بشكل منتظم لإنجاز مجموعة من الأنشطة وكبديل عن الأجهزة الإضافية. وأشار يوجين كاسبرسكي، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة كاسبرسكي لاب، بقوله: "إنني شخصياً لا أرغب باستزراع رقائق الكترونية في جسمي، ولكنني أدرك بأن التقدم التكنولوجي لا يتأثر بالعوائق، وسيكون هناك مبدعون مستعدون لخوض المغامرة واختبار أقصى حدود التكنولوجيا باستزراع رقائق الكترونية في أجسامهم. ولكنني أنصحهم بتوخي الحذر الشديد وبأن يضعوا الاعتبارات الأمنية على قائمة أولوياتهم في هذا الإطار، بدلا من إدخال الإصلاحات بعد فوات الأوان، كما يحدث في كثير من الأحيان".