تواصلا معكم للحديث عن الكتاب والقراءة بمناسبة إقامة فعالية معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام 1436ه، فقد انتهزت فرصة شعار المعرض (الكتاب تعايش) لأقيم حوارا مع طلبة إحدى المدارس أثناء زيارتي الميدانية، وبالتحديد مع تلاميذ الصف الثالث فسألتهم "أهم يقرؤون؟" قليل منهم رفع إصبعه، وبعد حوار قصير معهم، عرفت أن بعضهم يقرأ القصص إذا وجدها، أو توافرت له صدفة، لكن دون التزام، ومن خلال الحوار عرفت بأنهم لا يقرؤون بشكل مستمر، بما ينم أن ليس هناك تعايش مع الكتاب أو المطالعة بشكل عام، ولا يعرفون كيف يقرؤون، ولمن يقرؤون، ونوعية الكتب أو القصص التي سوف يقرؤون، نتيجة أنهم لم يُشجعوا، ولم يتم توفير مايمكن لهم قراءته، سواء في البيت، فبعض الآباء ليست القراءة والكتاب من اهتماماته، وفي المدرسة لم تعد تهتم بالمطالعة وبعد خفوت دور المكتبة المدرسية وضياع أو تمييع مادة التعبير في منهج اللغة العربية، وعلمت بأنهم بحاجة إلى خلق أجواء تدفعهم بشوق للقراءة، وبحاجة لدعم وتحفيز، وأن ننتهز هذه الفعالية الثقافية الكبيرة؛ كي نستطيع أن نقول (إننا بدأنا نقيم بين هذا الجيل- الذي كان قدره أن ينغمس مع التقنية بكل أشكالها والتي صرفته عن القراءة والكتاب -؛تعايشاً مع الكتاب، ولو أن نبدأ في إنشاء علاقة بينهم وقراءة القصص بداية، ثم بعدما يمتلكون هواية القراءة، ومهارة الاطلاع سينشأ عندهم حب المطالعة) هذا أمل، وقد سعدت حينما سمعت أن هناك تنظيما لزيارة طلاب المدارس للمعرض في فترة الصباح، وهي خطوة تصب في هذا المنحى الذي أحدثكم عنه، عموما (عباس محمود العقاد) عبر عما يشعر به عاشق القراءة عندما قال: "أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا، وحياة واحدة لا تكفيني" ولذلك لا أتصور بأن يختفي الكتاب من حياتنا مهما قيل عن "التقنية" و"الكتاب الإليكتروني، ومزاحمتها، وقد وقفت بإعجاب عند بعض جيل الأمس الذي اقترنت حياته مع القراءة والكتاب، والذي لا يخيفه أن تصرفه وسائل التقنية عما تعمق في نفسه من حب وعشق للكتاب والقراءة، هذا أمر، والأمر الآخر، كم أتطلع أن يكون لما نقرأ دور في تشكيل وعينا الثقافي، وسلوكنا الحياتي، وإلا فما الفائدة مما نقرأ، ومن خلال القراءة، والمطالعة، ستتاح لنا فرصة التعرف على الآخرين، ليس هذا فحسب بل وكشف قدراتنا وهواياتنا ومواهبنا وقضايانا وذواتنا، وكيفية التحرك معها، وحقا كما قال البرتو مانغويل (القراءة مفتاح العالم) فهل تكون الانطلاقة للتعايش مع الكتاب عند صغارنا، وطلبتنا، قد أشعلنا فتيلها "معلمين وطلابا" مع بدء هذه الفعالية الثقافية الكبيرة؟